نجل أحد القساوسة.. وأصبح جراحًا عالميًا

كتب – نعيم يوسف

في الكثير من العصور يتعرض العالم إلى مخاطر وأوبئة، مثل ما يتعرض له عصرنا الحالي، وهو فيروس كورونا المستجد، وتكون مثل هذه الأمراض مرعبة إلى حد كبير، ويعلق مليارات البشر حاليا عيونهم على أمل صناعة وابتكار لقاح ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19)، وينتظر العالم عالمًا بطلا لينقذه، ولكن فكرة صناعة اللقاحات في الأساس، تعود إلى الطبيب الإنجليزي الشهير إدوارد جينر.

من عائلة دينية
من عائلة مسيحية متدينة، ولد إدوارد جينر، في 17 مايو 1749، في بيركلي، ببريطانيا، فوالده هو القس ستيفن جينر، وكان هو الطفل الثامن من بين الأطفال التسعة الذين ولدوا لوالديه، وتابع دراسته حتى وصل إلى الدراسات العليا في الطب من جامعة "سانت أندروز" المشهورة، والتي تقع في اسكتلندا. تخرج منها في عام 1792.

ممارس ماهر للطب
عمل "جينر"، ممارسا لمهنة الطب، في سن 14 عامًا، وأصبح بعد سنوات كثيرة جراحًا ماهرا، وفي عام 1770، تتلمذ على يد الجراح الكبير المشهور، جون هانتر، في مستشفى سانت جورج، والذي وجه له نصيحة ذهبية في حياته، وقال له: " لا تفكر؛ بل جرب".

العودة إلى الريف
في عام 1773، عاد "جينر"، إلى مسقط رأسه الريفي، وأصبح طبيبا عائليا وجراحاً ناجحاً، ممارساً الطب في بيركلي، وله العديد من الأبحاث العلمية والطبية المعروفة، مثل أبحاثه عن الذبحة الصدرية، ولكن تحول جينر إلى طبيب شهير عالميًا من خلال اختراعه للقاح ضد الجدري.

هدية للعالم
كان مرض الجدري مرعبا في هذا الوقت، ويقتل واحدا من بين كل ثلاثة أشخاص يصابون به ويشوه بشدة الذين يحالفهم الحظ في النجاة من الموت، ولذلك فإن اللقاح الذي ابتكره "جينر"، كان هدية أنقذ بها العالم.

مراقبة سيدة فلاحة

بدأ "جينر"، في أواخر القرن الثامن عشر، بمراقبة سيدة فلاحة بسيطة، أصيبت سابقا بجدري البقر، وكانت محصنة من الإصابة بجدري البشر، وتأكد وقتها أن أخذ مواد من جلد المصابة وحقنها بشخص آخر لإصابته بنفس المرض سوف يولد مناعة مستقبلية ضد مرض الجدري وذلك لأن هذا المرض هو مشابه ولكنه أقل خطورة.

انطلاقة اللقاحات
من هذه النقطة، طور "جينر" لقاحه الأول، والذي قاد بعده بحملة تطعيم استمرت إلى أن أعلنت منظمة الصحة العالمية استئصال الجدري من العالم في عام 1980، ومن هذه البداية ظهرت عشرات اللقاحات وتطورت أساليب استخلاصها إلى أن ظهر الآن علم متكامل اسمه علم المناعة يرجع الفضل الأول فيه إلى تجارب إدوارد جينر.

الموت بالشلل
في أواخر أيامه، أصيب بالشلل، وعثر عليه يوم 25 يناير عام 1823، متوفيا عن عمر يناهز الـ73 عاما، ودفن كنيسة سانت ماري في بيركلي، وفقًا لاستطلاع للرأي أجرته "بي بي سي" في عام 2002، تم اختيار جينر كواحد من "أفضل 100 بريطانيين" الذين عاشوا في المملكة المتحدة.