كتب – روماني صبري 
 
يعد الأمريكي "موريس هيلمان"، أحد عباقرة علم الإحياء الدقيقة المجهرية ( الميكروبيولوجي)، حيث نجح في تطوير أكثر من 36 لقاح منها  للحصبة، والتهاب الكبد A، التهاب الكبد B، الجدري المائي، التهاب السحايا، الالتهاب الرئوي، بكتريا الأنفلونزا وغيرها، اعتبرته المواقع العلمية بأنه منقذ حياة البشر في القرن العشرين، ووصفه الطبيب الأمريكي روبرت جالو بأنه أنجح أخصائي في علم اللقاحات في التاريخ.
 
البداية وتجارب الحياة الصعبة 
في 30 أغسطس عام 1919 ولد هليمان في مزرعة بالقرب من مدينة مايلز سيتي في مونتانا،  كان والداه هما آنا وغوستاف هيليمان، وكان ابنهما الثامن، غيب الموت أخته التوأم عندما ولد، كما غيب والدته بعدها بيومين، ليتربى بعدها داخل أسرة عمه المجاور، روبرت هيلمان.
 
عاصر في طفولته وباء الأنفلونزا الإسبانية الذي حصد أرواح 5% من سكان العالم، ما كان له أثرا كبيرا حتى أصبح فيما بعد أحد عباقرة تطوير اللقاحات، كما وقع في مشاكل مع عائلته مفرطة التدين كونه قرأ الكتب العلمية، لاسيما كتاب "أصل الأنواع" لتشارلز داروين.
 
الفضل لدجاج المزرعة !
عمل في شبابه على تربية الدجاج في مزرعة الأسرة، والذي أرجع لاحقا الفضل لنجاحاته للدجاج، بسبب أنه كان يستخدم بيض الدجاج الملقح لتنمية الفيروس لصناعة اللقاحات، وكان خلال عمله في المزرعة يستغل أوقات الفراغ لقراءة كتب العالم الجيولوجي تشارلز داروين، جراء نقص موارده فشل في الالتحاق بالجامعة حتى توسط له شقيقه الأكبر، وتخرج هلمان بترتيب الأول على دفعته عام 1941 من جامعة ولاية مونتانا، بمساعدة الأسرة والمنح الدراسية  حصل على زمالة في جامعة شيكاغو  وحصل على درجة الدكتوراه  في علم الأحياء الدقيقة في عام 1944.
عدوى الكلاميديا
تحدثت أطروحة الدكتوراه التي قدمها عن عدوى الكلاميديا، وكشف هيلمان أن هذه الإصابات كانت في الواقع ناجمة عن نوع من البكتيريا التي تنمو داخل الخلايا لا غير.
 
هيلمان ينقذ القوات الأمريكية  
ولبراعته في هذا المجال شغل هيلمان مديرا لقسم الأمراض التنفسية في المركز الطبي للقوات، خلال هذه الفترة نجح في تطوير لقاحا لالتهاب الدماغ الياباني لمعالجة المرض الذي هدد القوات الأمريكية في المحيط الهادئ إبان الحرب العالمية الثانية، كما نجح خلال الأعوام 1948-1957، في اكتشاف التغيرات الجينية التي تحدث جراء تحور فيروسات الأنفلونزا، والمعروف باسم التحول والانجراف، ما ساعده في إدراك أن تفشي الأنفلونزا في هونج كونج عام 1957 قد يصبح وباء عالميا. 
 
بعد انقضاء فترة 9 أيام كان يقضي فيها  كل يوم 14 ساعة، نجح مع زميله في اكتشاف أنها كانت سلالة جديدة من الأنفلونزا، تستطيع أن تقتل الملايين، بعد ذلك تم تحضير وتوزيع 40 مليون جرعة من اللقاحات، على الرغم من أن 69,000 أمريكي قد ماتوا من هذا الوباء، وكان من الممكن أن يؤدي إلى وفيات كثيرة أخرى في الولايات المتحدة، ونظيرا لإسهاماته في علم الإحياء الدقيقة المجهرية منح هيلمان وسام الخدمة المتميزة من قبل الجيش الأمريكي.
 
رغم ذلك تجاهله الإعلام ! 
ورغم إنقاذ موريس هيلمان البشرية من الأمراض والفيروسات الخطيرة، إلا انه نادرا ما تتحدث عنه وسائل الأعلام، ما جعل العديد من الشخصيات الأميركية الشهيرة تشن هجوما عنيفا على الإعلام لتجاهله هذا الرجل البطل وتولية الاهتمام فقط للاعبي كرة القدم، ونجوم السينما، والمغنيين والسياسيين، وغيب الموت هذا الرجل العظيم في 11 ابريل عام 2005 عن عمر 85 عاما بعد صراع مع مرض السرطان.