محمود عبد الرحمن
"إلى أية هوية ثقافية ننتمي كمصريين؟". هذا التساؤل يشغل بال عدد من المواطنين العاديين والمثقفين. فهل يجب الانتساب إلى الهوية المصرية القديمة التي شيّدت حضارة لا يزال العالم يفتخر بها، أم إلى الهوية العربية؟

لا يتوقف هذا الجدل منذ عقود، ويشهد ترددات على فيسبوك عبر مطالبة مجموعات وصفحات بالعودة إلى الهوية المصرية "الكيميتية" بمظاهرها الفرعونية، والتنصل من الهوية العربية التي يتهمونها بأنها أدت إلى الانحدار الثقافي ولم تجلب سوى التخلف.

والهُوية هي مجموعة من القيم والتصورات التي يتميّز بها مجتمع ما، تبعاً لخصوصياته التاريخية والحضارية، فلكل شعب ثقافة تميزه عن غيره من الشعوب، وتمتزج فيها العناصر الحقيقية بالعناصر المتخيّلة.

"رفض الهوية العربية ليست عيباً"
"هويتي مصرية، ورفض الهوية العربية ليس عيباً"، تقول الكاتبة أماني الوشاحي، التي تدافع عن الهوية المصرية القديمة، في حقبتها الفرعونية تحديداً، وترى أنها "عزة وفخر للمصريين"، على عكس الانتماء للهوية العربية أو الفكر العروبي.

تساند الوشاحي، وهي نائبة رئيس منظمة الكونغرس العالمي الأمازيغي في مصر، دعوات العودة إلى الهوية المصرية والابتعاد عن الثقافة العربية، لأسباب عدة، منها حسبما تقول لرصيف22: "ملابس المرأة كانت أكثر حرية وتنوعاً، إذ كانت تتخذ من الطبيعة تصاميم وألواناً لملابسها، بعكس اللون الأسود الذي أصبح الغالب على ملابس النساء مع المد الثقافي العربي، إذ عمت العباءات السوداء البلد".

تطالب الوشاحي بـ"دراسة التاريخ المصري القديم وليس تاريخ شبه الجزيرة العربية والغزوات التي حدثت خلال تاريخ الخلافة"، وتعتبر أن التنوع الثقافي والعرقي في مصر يعطيها تميزاً بخلاف ما يظهر في دول شبه الجزيرة العربية.

وبرأيها، مصر خليط من أجناس مختلفة ولكنه متجانس، لذلك لا يجب أن نفرض قومية واحدة، موضحة: "أنا مصرية ولست عربية ولا أريد فرض هوية مغايرة عليّ. الأمر ذاته إذا نسبني أحد إلى الحضارة الفارسية أو الإغريقية وأنا مصرية. سأنكر الأمر أيضاً".

ترى الوشاحي أن مصر بدأت في "الانجراف نحو الهاوية" منذ عهد الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر الذي "محى الهوية المصرية من أجل فرض الهوية العربية، وتحقيق أحلامه على حساب مصر، بداية من طمس اسم البلد، حينما وقّع اتفاقية وحدة مع سوريا، وكانت تلك المرة الأولى عبر التاريخ التي يُطمس فيها اسم مصر ويحل مكانه ‘الجمهورية العربية المتحدة’".

الأمر ذاته يؤمن به هشام زين، إذ يرى أن لكل شعب خصائص تُورَّث من جيل إلى جيل، و"المصريون لديهم قيم أخلاقية عالية فُقِدت بعد دعوة عبد الناصر للقومية العربية"، لافتاً إلى أن هجرات المصريين إلى بلاد الخليج العربي منذ ستينيات القرن الماضي للعمل أثّرت سلباً على عاداتهم وتقاليدهم بعد عودتهم، مضيفاً لرصيف22 أن "الهوية المصرية لا تتعلق بدين ما، سواء الإسلام أو المسيحية".
نقلا عن رصيف 22