خالد منتصر
الضباع لا ترتوى إلا بالدم، ما زال عطشهم وظمأهم إلى القتل حارقاً، إنها ساقية جهنم التى لا تكل ولا تمل من الدوران فى بركة الدم والخراب، عشرة شهداء فى كمين بئر العبد أمس الأول، الجبناء ضباع الخسة والغدر أرسلوا رسالة للمغيبين الذين يعيشون وهْم المصالحة، بأن هشام عشماوى الذى نتابع رحلته السوداء على الشاشة ما زال يستنسخ وتتوالد خلاياه كالسرطان فى جسد الوطن، ما زال المستنقع مليئاً بالعقارب والهوام وبيض الذباب، ما زال المشتل يثمر الصبار والشوك، ما زالت الأفكار التكفيرية تبث من خلال كتب ومناهج ومنابر وبرامج ودعاة، حقاً التفَّ حبل المشنقة حول رقبة عشماوى، لكن هل التفَّ نفس الحبل حول أعناق الأفكار المتطرفة المتزمتة الحرفية التكفيرية الجهادية؟ بداية نريد أن نفهم نقطة مهمة فى حربنا مع تلك الضباع القذرة المتعطشة للدم، استخدام لغة الدين فى التحفيز ضدهم وتبرير محاربتهم لن تؤدى لنتيجة، لا نريد تحويلها إلى حرب بين مؤمنين وكفار، هى حرب بين وطنيين وخونة، لا نريد هذا البنج بونج الدينى، ولا نرغب فى لعبة مبارزة الشيش النصية، لأنهم يستخدمون تلك اللغة الدينية بأفعوانية ويضمون الشباب من خلالها، والمزايدة فى تلك النقطة لعب بالنار، لا بد أن نقاتلهم لأنهم مجرمون قتلة خارجون على القانون،

وليس لأنهم كفرة أو لم يفهموا صحيح الدين، دخول هذه المنطقة رهان على سراب، والدليل هشام عشماوى، الذى انضم إلى الجانب التكفيرى الإرهابى، لأنه اقتنع بأنهم أكثر إيماناً وتنفيذاً لتعاليم الدين، انضم إليهم برغم أنه يسمع ليل نهار بأننا نحارب التكفيريين فى سيناء، ويقال له إنهم ناس ما يعرفوش ربنا، لكن هناك من لعب فى دماغه وأقنعه بأن هؤلاء «بتوع ربنا»، إذن حرب النصوص، نص مقابل نص، هى حرب غير مجدية، يأتون لنا بنص يحث على قتال الكفار، فنواجههم بنص ينادى بالسلام، ومن هو أكثر بلاغة بل وتطرفاً هو الرابح فى معركة النصوص للأسف، لا بد من أن يكون التحفيز من أجل الوطن، من أجل مصر، يستخدم فقط مفردات تراب الوطن، وأهل الوطن، ومقدسات الوطن، نشيدنا القومى هو «بلادى بلادى لك حبى وفؤادى»، وليس نشيد «صليل الصوارم»، يجب أن نستلهم من «بلادى بلادى» مصطلحاتنا فى التحفيز والتأهب والاستعداد، يجب أن تكون صورة الوطن بكل طبقاته الجيولوجية التاريخية هى خلفية المشهد،

الوطن كسبيكة صلبة مستعصية على الذوبان فى مشاعر كراهية الآخر والمختلف التى تؤججها لغة التكفير، الوطن بمسلميه ومسيحييه، الوطن بكل طبقاته، الوطن الذى نريده أن يتحول إلى جنة على الأرض، أما جنة السماء فهى مسئولية الفرد لا الدولة، شاهدتم وتابعتم وعرفتم أن هشام عشماوى هو تشكيل كبت بدأ بفرمانات الأب، «قاطع البنات» و«قاطع النصارى»، هو توليفة طبختها دروس داعية متطرف فى مسجد، وكتب سيد قطب فى مكتبة، وقنوات دينية أقنعته بأنه يحارب الطواغيت، ولغة غليظة فجة مهجورة تتحدث عن فسطاط الإيمان مقابل فسطاط الكفر، ماكينة استنساخ هشام عشماوى لن تكف عن الدوران، وإذا أردنا وقف تلك الماكينة علينا بأن ندمر «دى إن إيه» الأفكار الإرهابية التى ما زلنا نتنفسها فى كل الزوايا.
نقلا عن الوطن