محمد محمود
حين مقتل الدكتور فرج فودة كنت فتى في الرابعة عشر من عمره، طفلا مراهقا او شابا تحت التمرين، حينما سمعت الخبر سعدت واصابتني حالة من الراحة، لأنني كنت ( أسمع) كل من حولي يقولون انه كافر مرتد محارب للإسلام

كنت من محبي الغزالي المعجبين به وببلاغته وفصاحته وكنت ممن يجلسون أمام شاشة التلفزيون كل جمعة لمشاهدة خواطر الشعراوي وكنت انتظر كل اثنين لمشاهدة العلم والإيمان للدكتور مصطفى محمود، وكنت أتابع مقالاته الاسبوعية في الأهرام واحتفظ بها حتى الآن

كنت اصلي بالمسجد وانبهر بصوت الشيخ الذي يقلد شيوخ الخليج واحب خطبه التي يكفر فيها ( النصارى) ويحمل على الدولة التي تحابيهم وتحميهم

كنت أقرأ منشورات الجماعة الإسلامية التي كانوا يوزعونها على الناس ويكفرون فيها الدولة والفن والادب والفكر

كنت متعاطفا مع المجاهدين الأفغان وكنت منفعلا وغاضبا لما يحدث في البوسنة والهرسك وما يحدث في فلسطين

كنت متعاطفا مع صدام حين غزا الكويت واراه فارسا تحالف عليه الخونة و اسدا تكالبت عليه الضباع

كنت مواطنا مصريا عاديا، مشروع إرهابي صغير في طور التكوين والإعداد

كنت أرى أن ردة وكفر فرج فودة واقع لا شك فيه، طالما قال ذلك الشيخ الغزالي، مع اني لم أكن قرأت حرفا للدكتور فرج فودة.....
...............

حين بدأت أقرأ وافكر وامعن التفكير فيما أقرأ واوازن بين ما أقرأ على الجبهتين المتصارعتين على الساحة وداخلي انا أيضا، اكتشفت حينها اني كنت جاهلا، أعمى، مضلل وغبيا

لماذا فرج فودة بالذات هو من قتلوه وهللوا وفرحوا وشمتوا لقتله ولازالوا حتى يومنا هذا يسبونه بأقذع السباب كلما ذكروه؟

فرج فودة هو المفكر الوحيد الذي استطاع ان يصل إلى عقول قواعدهم ومناصريهم؟

فرج فودة هو الوحيد الذي استطاع ان يسمع الجميع صوت العقل والعلمانية بأسلوب بلاغي رنان وعقلي منطقي يخاطب الاسلامويين بخطابهم ولغتهم ويفند كل حججهم واقوالهم

فرج فودة هو الوحيد الذي كان يتحدث بصراحة وبقوة وبمنطق مفحم وذكاء مدهش

فرج فودة هو الوحيد الذي هزمهم جميعا في مناظرتيه معهم ولم يستطع ايا منهم ان يتفوق عليه أو أن يلزمهم الحجة والبرهان كما فعل هو معهم

فرج فودة أظهرهم عاجزين واهنين أغبياء فاشلين وكاذبين، فكان لزاما عليهم التخلص منه وازاحته عن طريقهم المفروش بالدماء

فرج فودة كان فردا واحدا ولكنه كان جيشا بأكمله وعقبة أمامهم تنغص عليهم مشروعهم الدموي وتعرقل احلامهم الوحشية

اقتلوا فرج فودة الكافر المرتد، فقتلوه يوم عيد أمام أبناءه

بعد ثلاثين عاما.... أين أنتم الآن وأين هو؟

انه الآن يكتشف من جديد ويزيد تلامذته ومحبوه ومؤيدوه ويزيد الحزن عليه والالتفاف حوله يوما بعد يوم

وانتم كل يوم تخسرون جديدا وتفقدون كل يوم اتباعا موهومين، كل يوم نكتشف كذبكم وخستكم وحقارتكم ووحشيتكم

فرج فودة يزيد وينتشر وانتم تنقصون وتنحسرون

مصر بدأت تلفظكم ولن تقبلكم مرة ثانية، وإن غدا لناظره قريب