عرض كتاب : الإفخارستيا عشاء الرب للأب متى المسكين

بقلم : كمال زاخر 
 
• لم يقدم الكاتب إجابات تقليدية على تلك الأسئلة، بل راح ينقب فى اسفار واحداث العهد القديم متتبعاً مفهوم البركة واستخداماتها فيه، "حتى ينتبه الذهن إلى العمق والاتساع الهتئل الذى غطته هذه الكلمة الروحية (البركة) فى كافة العلاقات التى تربط الإنسان بالله وبالآخرين وبكل شئ فى العالم!.
 
فيكشف للقارئ حرص تلك الأسفار على أن تقدم "الله دائماً باعتباره هو الحيد الذى يملك البركة ويعطيها، فهو "المبَارك وحده"، و"مبارك اسم مجده إلى الدهر" (مز 19:72)، وكان سؤال رؤساء الكهنة للمسيح "أأنت المسيح ابن المبارك؟" ينطلق من أن صفة المبارك كناية عن الله باعتبارها الصفة الشخصية المميزة تمييزاً مطلقاً لله وحده.
 
• الله منح "البركة" للإنسان والخليقة بحرية ارادته الذاتية كفعل إلهى يكشف عن أعماق تحننات الله، حتى تنجح الخليقة وينجح الإنسان فى كل عمله لتكميل مشيئة الله ومسرته.
 
• كل بركة هى مستمدة من الله وعائدة إليه بالضرورة، والإنسان مسئول عن كل بركة بارك الله بها الخليقة، يثبت وجودها ويحافظ عليها وينميها وينتفع بها شخصياً، إنما لتمجيد الله.
 
• أما شرط البركة الأساسى هنا فهو "إذا سمعت لوصايا الرب ... تحفظها وتعمل بها"
• يلاحظ فى خلقة الإنسان أن الله بارك الإنسان وأعطاه أن يعيش فى جنة من البركات على الأرض، ثم أعطاه الوصية التى هى دائماً أبداً شرطاً أساسياً للبركة، التى لو حفظها وعمل بمقتضاها لعاش فى البركة ودامت له الجنة، ولتجاوز الموت وعبر إلى الحياة الأبدية بطاعته، ولكنه إذ نقض الوصية وخالف تعرَّى هو من البركة وتعرَّت من البركة كل الأرض من حوله، فواجه اللعنة التى هى هى انعدام البركة فى كل شئ.
 
• لم يكن طلب البركة فى العهد القديم بدون طقس، إذ لم يكن مسموحاً للإنسان العادى أن يقف أمام اللهيطلب لنفسه البركة، أما طقس طلب البركة فكان له صلوات محددة يقوم بها الشعب فى مناسبات محددة وبكلمات محددة، من خلف الرؤساء الذين يعينهم الله.
 
• وقد استقرت البركة أخيراً بحسب الناموس الذى وضعه الله على فم موسى كعمل طقسى لا يقوم به إلا الكاهن.
 
كيفية بركة الله للإنسان فى العهد القديم :
يؤكد الكاتب أنه يبحث فى أصول البركة فى العهد القديم ليشرح بمقتضاها "مفهوم وقوة الأواشى، أى الصلوات التى تقام أثناء القداس والتى تتضمن طلب البركة على كل شئ؛ الماء والينابيع، الهواء والثمار، الزرع والعشب، البيوت والمساكن، اجتماعات الشعب وعلى مداخلهم ومخارجهم ... ألخ."
 
وعبر تتبعه للبركة فى العهد القديم يلاحظ "أن الله لم يترك أمراً من أمور الإنسان الحافظ عهد الله ووصاياه إلا وعضده بالبركة، سواء بفمه أو بفم قديسيه وأنبيائه"، ويستعرض الكاتب سلسلة البركات التى تشمل دقائق وتفاصيل حياة الإنسان وكل ما ومن يتعامل مغه.
 
ولا يتوقف الأمر عند حدود البركة، بل يضفى الله عليها أحياناً من قداسته، "وهذا يعنى أن هذه الأشياء التى يباركها الله قد اصبحت فى الحال لعمل مجد الله، أى تصبح هذه الأشياء مقدسة لله، لذلك التزم الإنسان أن يعطى الله أبكاره من كل شئ سواء من نسله أو بهائمه أو كافة ممتلكاته إشارة إلى أن كل شئ قد تبارك وتقدس.
 
وينتهى الكاتب إلى "أن هذا ينبه ذهننا إلى المعنى المخفى وراء ما يقوله الكاهن قبل التناول "القدسات للقديسين" أى أن الأشياء المقدسة لا تكون مقدسة إلا بالنسبة للقديسين، أما لغير القديسين فيصير لها عمل عكسى."
 
ويربط الكاتب هذا بما أشار إليه القديس بولس الرسول "فى حالة الذين يأكلون من المقدسات : أى يأكلون من الجسد ويشربون من الدم بدون استحقاق، أى وهم ليسوا على مستوى وصية الله وطاعة أوامره، "من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون" (1 كو 11: 29و30)
ويستخلص الكاتب من هذا "أنه هكذا يتضخ تماماً أن البركة فى العهد القديم تقترن اقتراناً جوهرياً بطاعة الوصية، فهى نتيجة حتمية للأمانة إزاء عهد الله".
::::::::::::::::::::::::
يبقى البحث فى معنى : الإنسان يبارك الله