القمص أثناسيوس فهمي جورج
أطل أبونا تادرس علي الكنيسة في تجنيز المتنيح القمص بيشوي كامل في يوم الخميس ٢٢ مارس سنة ١٩٧٩ م ، وأيضًا في تجنيز تاسوني أنجيل باسيلي يوم الإثنين ٢٥ نوفمبر سنة ٢٠١٩م ، مقدمًا أنفس معاني الإلهام ، لكنز الفلسفة المسيحية الصافية السامية السماوية ، بأقوال صادقة اخترقت القلوب والعقول ، نابضة بحلاوة وجمال العشرة الخلاصية المشتركة ، لفعلة من أطهر وأقدس العاملين مع الله في كرمه الإلهي . لقد دبرت لي التدابير أن أحضر المناسبتان اللتان كانتا في نفس المكان وفي نفس توقيت الساعة الثالثة ظهرًا ، ولنفس المعلم الكبير و الخبير ، بينهما فاصل زمني نحو اربعين عامًا . لكن الروح واحد ، والتعليم ثابت ونابض ، يتجدد ولا يتغير ، يتثبت وتتزايد كثافته دون أن يشيخ .
 
حقًا أنّه زاد الإرثوذكسية القبطية الذي يوضع بين صنوف الفكر وصفوفه ، نابض بالقدسات التي لأنفاس الله ، وبعمل نعمته السارية في حياة الكنيسة . وقد جعلت هؤلاء الشهود والجنود يشعون بنور سيرتهم وقدوتهم العملية و معرفتهم الخبيرة لدروب الرب ، فصاروا علامات لخارطة الطريق ، يضخون فيه الرجاء وإمكانية القداسة على مر الزمان . عندما وقف أبونا تادرس لينهضنا بالتعزية ، وإلى جواره كان يرقد رفات أبينا بيشوي ، في يوم تجنيزه وفاه قائلًا : " إننا يا أحبائي لن ننعيه ولن نبكيه ، عجيب أبونا بيشوي في السنين اللي خدمت فيها معاه ، عمري ماشوفته يعيش في ضعف ، وإحنا نثق أنّه معنا ، وأنّه لن يموت وسيتكلم بعد . وسيعمل عمل أعظم مما كان يعمله في الجسد!! فقد عمل بمرضه أكتر مما عمل في صحته ، إذ حمل صليبه كل يوم تاركًا مثالًا في كل شيء...".
 
... و بنفس الحس المرهف والصوت الرقيق الباكي فاه قائلاً في صلوات تجنيز تاسوني أنجيل : "منذ نياحتها لم تنقطع المكالمات والاتصالات التي حملت طابع الفرح لوصولها إلى عرسها السماوي بسلام ، وكيف أن خدمتها كانت منصبة علي الالتصاق الدائم بالله وحتّى النفس الأخير .شاهده له بنجاح حيثما ذهبت في معية أبينا بيشوي .. لا يشغلها شيء قط إلا خلاص نفسها ومن تخدمهم ، قلبها ملتهب ودؤوب حتى يومها الأخير ، لاتشيخ وستبقى شفيعة عن البشرية كلها وصديقة لنا في الفردوس "" ... تلك هي كلمات التعزية الذهبية التي تنقل زاد فكر كنيستنا الواحد ، والتي سبق وصدق فيها القول النبوي أيضاً لأبينا لوقا سيداروس الذي فاه به يوم يوبيل كنيسة مارجرجس سبورتنج ، مستبقا للأحداث بقوله : "" إن الزمن في الكنيسة يضيف لخزينها الروحي ، لأن الماضي في الكنيسة لا يموت ، والأشخاص يبقوا أحياء ، فمجد البيت الأخير أعظم من الأول، لأنه إذا ارتبط الهيكل بإلهنا .
 
 
فبيته ومجده لا يموت بل يتجدد من مجد إلى مجد ،ومن جيل إلى جيل .. نغمة التباكي على الماضي نغمة غير إنجيلية ، لأن مجد البيت الأخير أعظم من الأول ، وكل الذين خدموا وبكوا وردوا كثيرين ، عملهم لم يموت لأن اللي عند المسيح يزيد ميخسش ، كله رصيد في الكنيسة ، كله واحد في كنيسة ممتدة ، وجميعنا دخلنا عليه، وناخذ من خيره ومن عند نعمة إلهنا ، التي لا تنقطع في المذبح والحضرة الإلهية الدائمة"" . يالها من كنيسة بهية رأيناها فيكم وستبقى من جيل وإلى كل الدهور .