كتب – روماني صبري 
ضربت الطبيبة المصرية "زهيرة عابدين"، مثالا في الإنسانية وحب الآخرين  والتضحية من اجلهم، لقبها المجتمع بـ"أم الأطباء"، كونها كرست حياتها وبذلت الجهد وضخت أموالها لخدمة المجتمع خلال القرن العشرين، ورغم ما تكبدته من مشقة وعناء جراء إصابتها بالمرض خلال السنوات العشر الأخيرة وتغيبها في إنجلترا وأمريكا لتلقى العلاج، ظلت تمارس نشاطها.
 
في كنف أسرة ارستقراطية  
ولدت الطبيبة زهيرة عابدين عام 1917 وتربت في كنف عائلة أرستقراطية محافظة، أبوها كان عضوا في مجلس الشيوخ "البرلمان"، وفي صغرها نجحت في حفظ القران، ألحقها والدها بإحدى المدارس التبشيرية ثم التحقت بعد ذلك بمدرسة السنية، حصلت على الثانوية وكانت الأولى على مستوى القطر المصري، بعدها التحقت بكلية الطب، وكانت الفتاة الوحيدة المحجبة بالجامعة،  تخرجت في كلية الطب، وكانت أول طبيبة يسمح بتعيينها في هيئة التدريس بالجامعات المصرية بعد عودتها من إنجلترا عام 1949، بعدما نجحت  في اجتياز امتحان الزمالة بالجمعية الطبية بإنجلترا، تعد عابدين أول طبيبة عربية تحصل على هذه الشهادة.
 
شخصية متقدة الذكاء 
 كما كانت أول طبيبة عربية تحصل على درجة كلية الأطباء الملكية بلندن، برعت في تخصص طب الأطفال والروماتيزم، كتبت الكثير من الأبحاث العلمية بلغ عددها 120 بحث، ونشرت هذه الأبحاث في مجلات علمية متخصصة عالمية.
 
رائدة الطب الاجتماعي
أولت عابدين اهتماما كبيرا بالعمل الخيري والاجتماعي، فعرفت برائدة الطب الاجتماعي في مصر، حيث أنشئت جمعية أصدقاء مرضى روماتيزم القلب للأطفال عام  1957م، لمجابهة مرض روماتيزم القلب بين الأطفال، ونتيجة لجهودها تحسنت نسبة حالات القلب الشديد الوطأة في مصر خلال 20 سنة من 50% إلى أقل من 4 % .
 
في عام 1962 أسست دار لرعاية الطلبة المعوزين والمتفوقين ، كما أسست  سلسلة مدارس الطلائع الإسلامية، وللسلسلة فرعان يعملان منذ 25 سنة ويتسعان 3500 طالب وطالبة الأول في المهندسين أسسه المهندس حسن باغفار في المهندسين بجوار مسجد مصطفى محمود والثاني في أرض الجولف بمصر الجديدة  أسسه المهندس كمال عاشور باسم "مدرسة طلائع الكمال الإسلامية للغات".
 
إسهامات أخرى 
دار سعادات للمسنات في ميدان لبنان بالمهندسين، إنشاء جمعية الشابات المسلمات بالقاهرة، وتولت رئاستها، أقامة وقفا لتعليم مسلمي البوسنة، تأسيس معهد صحة الطفل بهدف رعاية الطفولة ووقايتها من أمراض ما قبل سن الرابعة، إنشاء  دارا للطلبة الجامعيين المعوزين والمغتربين عام 1962م وما زال قائما،أسند إليها مهمة تأسيس أول كلية طب متطورة بدولة الإمارات العربية "كلية دبي الطبية للبنات" عام 1986 فوضعت مناهجها، وعكفت على إدارتها عميدة لها زهاء سبعة أعوام، لها مشاريع في حي الحسين منها:
 
حضانة للأطفال قبل السادسة من العمر 
مشغل لبنات الحي لتعليم التفصيل والخياطة والتطريز 
دار الطالبات الجامعيات المغتربات من خارج القاهرة، عيادة طبية.
 
التكريمات 
تعد الطبيبة الوحيدة عالميا التي حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة أدنبرة  عام 1980، الطبيبة العربية الوحيدة التي حصلت على جائزة إليزابيث نورجل العالمية عام 1992، وكذا حصلت من نقابة الأطباء المصرية على لقب أم الأطباء بمصر عام 1990، كما حصلت من كلية الطب لقب أستاذ كرسي طب المجتمع، إلى جانب حصولها على الجائزة التقديرية لعام 1996م في العلوم الطبية التطبيقية.
 
الحياة الشخصية 
تزوجت الدكتورة زهيرة عابدين من د.عبد المنعم أبو الفضل، وكانت ام لأربعة أبناء حصلوا جميعا على شهادة الدكتوراه، ولد واحد وهو المرحوم د.عمر أبو الفضل مدير عام مدارس الطلائع الإسلامية وتوفى في أواخر شهر سبتمبر 2008, وثلاثة بنات منهن العالمة السياسية د.منى أبو الفضل وابنتيها د. هدى ود.عزة أبو الفضل.
 
الرحيل 
ودعت الدكتور زهيرة عابدين الحياة، في السادس من مايو عام 2002، لتترك خلفها إرثا إنسانيا عظيما، قام على المحبة وخدمة الآخرين