بقلم /ماجد كامل
القديس الانبا باخوميوس قديس مصري صميم آتي من قلب صعيد مصر وتحديدا من مدينة طيبة (الاقصر حاليا ) . وهو المؤسس لما يعرف بحياة الشركة في الرهبنة القبطية ؛ ولد باخوم (وهي كلمة قبطية معناها نسر ؛ أما باخومويس فهو النطق اليوناني لنفس الأسم ) ؛ حوالي عام 290 م من أبوين وثنيين ؛ وعندما بلغ سن العشرين أختير ضمن شباب آخرين للتجنيد في كتيبة عسكرية تحركت لمحاربة والي الحبشة المتمرد علي الامبراطورية الرومانية ؛ وحدث أنهم أستراحوا في أحد القري ؛فخرج أهالي القرية للقائهم ومعهم طعام وشراب ؛ فبهت باخوم من هذه المحبة وسألهم لماذا تعاملونا هكذا ؟ فأجابوه لأن هذه هي تعاليم ديننا ؛فسألهم وما هو دينكم ؟ أجابوه المسيحية ؛ فتأثر جدا من هذا السلوك ؛وقرر أن يدرس المسيحية حتي آمن بها وتعمد وصار مسيحيا ؛ ثم أشتاقت نفسه لحياة الرهبنة فسمع عن الانبا بلامون وتوجه إليه طالبا الرهبنة ؛وعاش تحت إرشاده لمدة سبع سنوات تدرب خلالها علي حياة الصلاة والعبادة الدائمة ؛ وبينما كان يصلي ذات ليلة ظهر له ملاك الرب وأمره أن يبني ديرا للشركة الرهبانية ؛وأعطاه لوحا نحاسيا يحوي الوصايا التي يجب ان يحيا بمقتضاها ؛ وبعد وفاة معلمه الانبا بلامون بني له دير جديدا ؛ وسرعان ما ذاعت فضائله فقصده العديد من طالبي الرهبنة ؛فبني لهم أديرة متفرقة في أماكن أخري ؛وجعل لكل دير رئيسا ؛أما هو فصار رئيسا الرئيس الأعلي لمجموعة الأديرة الباخومية التي غطت العديد من مناطق الصعيد ؛ وأخيرا مرض الانبا باخوم مرضا شديدا جدا ؛ وعندما شعر بدنو أجله جمع أولاده الرهبان حوله وزودهم ببعض النصائح ؛ثم توفي بسلام في ليلة عيد الصعود من عام 348 م ؛وتحتفل الكنيسة بتذكار نياحته (وفاته ) في يوم 14 بشنس من الشهر القبطي أي ما يقابل 22 مايو من الشهر الميلادي ؛ وله من العمر حوالي 58 عاما تقريبا . والجدير بالذكر أن نظام الشركة الذي وضعه الانبا باخومويس قد أثر في الرهبنة الغربية كثيرا ؛ فلقد قام القديس جيروم ( 340- 420م ) بترجمة قوانين الرهبنة الباخومية من اللغة اليونانية إلي اللغة اللاتينية حوالي عام 404 تقريبا ؛ ثم طبقها القديس بندكت ( 480- 547) علي دير مونت كاسينو في إيطاليا في القرن السادس الميلادي . ولقد ترك لنا القديس باخومويس مجموعة من الحكم والنصائح الجميلة سوف نعرض لبعض منها بحسب المساحة المتاحة من المقال :-

ففي الحث علي العمل والمثابرة عليه يقول " لن تشارك القديسين في مواهبهم ما لم تتعب جسدك أولا في مشاركة أعمالهم " ويقول أيضا " أجتهد في شبابك لتفرح في كبرك " ثم ينصح أبناءه الرهبان بقوله "لا تقض أيامك بالتواني ؛كما مر العام الماضي كذلك هذا العام ؛وكما مر أمس كذلك اليوم ؛ إلي متي تكون كسلانا ؟ ! أستيقظ وأيقظ قلبك قبل أن تقف في يوم الحكم ( أي اليوم الأخير ) لتعطي الجواب عن جميع ما صنعت " . غير أنه ينصح بالرفق مع الضعفاء إذا كانت ظروفهم الصحية لا تسمح لهم بالعمل الشاق فيقول " يجب أن لا يجبر الأخوة علي العمل أكثر من اللازم ؛ ولكن حسب الاحتياج المطلوب من الجميع ؛ وليحل السلام والوفاق بينهم ".

وفي أهمية التواضع يقول " أحذر من تكبر القلب لأنه أبشع الرذائل كلها " وقال أيضا " كن متواضعا ليحرسك الرب ويقويك ؛ فأنه يقول أنه ينظر إلي المتواضعين " . ويقول أيضا في اهمية التواضع " أتضع في كل شيء ؛وإذا كنت تعرف جميع الحكمة فأجعل كلامك آخر الكل ؛ لأنك بذلك تكمل كل شيء " وفي نصيحته بالتسامح وعدم الانتقام " إن أفتري عليك أحد فلا تفتري أنت عليه ؛ بل أفرح وأشكر الله " وقال أيضا في نفس المعني " لا تحزن إذا افتري الناس عليك ؛ بل أحزن إذا أخطأت إلي الله " أما عن المحبة وعدم الحقد فيقول " أجعل لك سلاما بينك وبين أخوتك فيسكن الرب في قلبك " وقال أيضا " لا تحقد علي الناس لئلا تصبح مرذولا من الله ؛ بل أجعل لك سلاما مع أخيك لتكون محبوبا من ربك " ,أخيرا قال "إذا أكمل الإنسان جميع الحسنات وفي قلبه حقد علي أخيه فهو غريب عن الله ". وفي أهمية الصبر علي المكاره يقول " ما أكثر فخر الصابرين علي التجارب ؛ جميع المعلمين والآباء والكتب المقدسة تأمر بالصبر الكثير وتحث عليه ؛فكن صبورا وتجلد لأن القديسين صبروا فنالوا البركات ؛ كن واسع القلب ؛داوم علي الصوم والصلاة ولا تمل ؛ أصبر علي البلايا حتي يرفعها الرب عنك " .