الأفتقاد أهم من العظات 

د/صفوت روبيل بسطا 
مع بدء إنتشار وباء الكورونا وبداية الحظر في كل بلاد العالم ، ومعها كان قرار المجمع المقدس بعدم إقامة إجتماعات أو قداسات منعا للتجمعات .
وإن كان هذا القرار كان يخص الكنيسة الأم في مصر ولكن كنائس كثيرة خارج مصر إلتزمت بنفس المواعيد وبنفس القرار ، لأن المفروض أن كل كنيسة ملتزمة بظروف البلد التي توجد فيها من مواعيد الحظر أو حدة إنتشار الفيروس وغيره .
 
وإن كانت كنائس كثيرة جدا وأديرة كثيرة لم تغلق أبدا ورأينا ذلك وتابعنا أسبوع الالام وعيد القيامة المجيد من أماكن كثيرة حول العالم .
 
مع بداية الحظر  رأينا كل كنيسة تصدر بيانات لأعطاء التعليمات للشعب في البيوت ومنها كمثال  : مافيش قداسات أو مقابلات ولا زيارات ولا زيارة  للبيوت وهكذا ، والمسموح به فقط التعامل عن طريق الأتصال سواء بالتليفون أو عن طريق الأنترنت.
 
في فترة الحظر هذه رأينا أباء كثيرين جدا مشكورين تطوعوا بعمل عظات وندوات ولقاءات شبه يومية Live علي الفيس بوك سواء كان من منازلهم أو من داخل الكنيسة لعمل العظة Live وتنشر كمان علي اليوتيوب من غير أي صلوات وعدم وجود أي أحد من الشعب.
 
كل ده شيئ جميل نشكرهم كثيرا علي محبتهم وعظاتهم  وربنا يعوضهم عن تعب محبتهم .
 
وإن كانت العظات موجودة بالملايين علي اليوتيوب ومن يرغب سيجد عظات بالملايين وعن كل الموضوعات  ومن كل المناسبات والقنوات المسيحية مشكورة تقوم يوميا بنشر أجمل العظات وخاصة الكنوز التي لا تفني لمعلم الأجيال طيب الذكر والسيرة أبونا البابا شنودة الثالث . 
 
في مثل هذه الظروف الصعبة والنَّاس قاعدة في البيت  وخايفيين ومش عارفين يعملوا أيه!؟ناس  كثيرة جدا كانت تفضل إفتقادهم بمكالمة وسؤال   عنهم أفضل من ألف عظة من هذه العظات ؟ 
 
وماذا كان يمنع لو حتي بعد الlive  تخصيص نفس الوقت لعمل الأفتقاد بالتليفون .
 
وبالرغم من ذلك تابعنا وشاهدنا علي الفيس بوك والماسنجر والواتس مواقف مفرحة وإفتقاد من أباء مباركين وخدمة حقيقية أثرت في الجميع جدا:  
 
أولا : شاهدنا في مقطع فيديو أب كاهن يلف علي بيوت شعبه بيت بيت وهو لابس الكمامة والجاونتي ويدهن كل أفراد الأسرة بزيت مسحة المرضي ويلف كل البلد هكذا بل ويطلب من الناس أن تكون مستعدة تاني يوم بالسعف لأنه سوف يمر علي البيوت الساعة. 7 صباحا ويرش لهم بماء اللقان 
 
ثانيا : شفنا صور لأباء كهنة راكبين توك توك وبيلفوا علي البيوت أيضا ويوزعوا علي كل بيت في كيس معقم ومغلق (قربانة وزجاجة مية بركة وقزازة زيت بركة أيضا) 
 
ثالثا: حكي لنا الأهل في أسيوط أن الأباء ذهبوا لهم لغاية البيت ومعهم الذبيحة المقدسة وناولوهم من جسد الرب ودمه الأقدسين .
 
هذه كانت عينة من أباء كهنة مباركين لم يخافوا  من كورونا  وضحوا براحتهم وصحتهم  وخرجوا ليبحثوا عن الضال ويردوا المفقود ويطمئنوا علي شعبهم وأحوالهم الروحية والنفسية والجسدية عن طريق الأفتقاد الأبوي الحقيقي . 
 
هؤلاء الأباء المباركين  أشبههم بأبأئنا الشهداء القديسين الذين كانوا ينزلون إلي ساحة الأستشهاد الذين لم يخافوا لا من سلطات ولا من نار ولا من أسود ولا من وباء. 
 
هذا هو الأفتقاد الحقيقي والأبوة الحقيقية العملية ومحبة الراعي لخرافه التي أوصي بها رب المجد وعلمها لتلاميذه ورسله وكهنته  أن الراعي يفتقد  ويهتم بخرافه ،  يجبر الكسير ويرد الضال ويخفف عن التعبان ويعطي المحتاج ويفرح الذين أجبرتهم كورونا أن يحتجزوا في البيوت 
 
بالطبع لا نطلب من الجميع أن يفعلوا هكذا لأن كل واحد يعمل بوزنة أعطاها له الله ، ده غير أنه يوجد أباء لهم ظروف صحية لا يستطيعوا فعل ذلك .
 
الناس كانت محتاجة إفتقاد  وسؤال عنهم عن طريق التليفون أهم كثيرا من العظة ، تفرق كتير لما أي واحد مننا يري أبونا بيتصل بيه في مثل هذه الظروف ويسأل عنه وعن أسرته وأولاده ، يحل مشاكلهم ويطمئنهم ويعطيهم نصائح تفيدهم في حياتهم الروحية وتقربهم من رب الكنيسة حتي تعود الكنيسة وتفتح أبوابها مرة أخري . 
 
لهذا قال رب المجد : كنت جوعان (روحيا) فأطعمتموني ، كنت مريضا و(تعبان نفسيا) فزرتموني بتليفونكم ، كنت محبوسا و(محجوزا في البيت) وسألتم عليا
 
هذا الأفتقاد بالتليفون سيكون أعظم من مئات العظات