كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص 
 
احتفلت الكنائس الكاثوليكية، بعيد تذكار القديسة جان أنتيد توريه، وفي إطار المناسبة نشرت الصفحة الرسمية للكنيسة السيرة الذاتية للقديسة وجاءت : 
 
 
ولدت جان انتيد توريه فى 27من نوفمبر عام 1765 بقرية ( سانسيه ) فى فرنسا، و كان لها سبع من الأخوات، هى الخامسة فى الترتيب ، و مرضت والدتها ، و ساءت حالتها كثيرا، فعهدت بالطفلة إلى خادمة لترعاها، و لكنها كانت طائشة فعرضت حياة الطفلة إلى الخطر أكثر من مرة.
 
و لما ترعرعت الفتاة أخذت تقوم بخدمة والدتها ، وكانت أمها تلقنها مبادئ الدين و العبادة، حتى رسخ الإيمان فى قلبها، و توفيت والدتها و هى فى سن الخامسة عشرة من عمرها ، فعهد إليها والدها برعاية المنزل مع عمتها، و كانت عمتها شرسة الأخلاق.
 
نمت بذرة الإيمان فى قلب جان انتيد، و شعرت بنداء الرب لها لتصير راهبة، فطلبت من والدها بركته الأبوية قبل أن تغادر المنزل، و انطلقت إلى الدير نحو رهبنة المحبة التابعة للقديس فانسان دى بول فى باريس عام 1787.
 
 
 و أمام جموع الأطفال و المرضى و الفقراء ... كانت تردد فى قلبها " سأكرس لهم ذاتى كليا " وكانت تشعر بنداء قوى في أعماقها، فكانت تتفانى فى خدمة الكل.
 
 و قرب الاحتفال بارتدائها الزى الرهبانى ، أصيبت بوعكة صحية شديدة ، فنقلت إلى المستشفى، و بعد وقت قصير شفيت بنعمة الله ، و اقيم حفل ارتدائها الزى الرهبانى في أكتوبر 1788، وفى عام 1789 قامت الثورة الفرنسية .. و بقيامها دقت ساعة المصير لراهبات المحبة، و رغم ذلك فقد صمدن ، و بقين فى خدمة مستشفى ( براى سوزسوم ) أمام الثوريين الذين كانوا يرون فى تصرفهن تحديا، على أن يتجرأن و يتجولن فى المدينة .
 
 وفى عام 1795 خمدت الثورة، و لكن جان انتيد لم تكف يوما عن التفكير فى الرب و نذر حياتها له، فانضمت إلى راهبات ينتمين إلى رهبنة العزلة و الخلوة المسيحية التى أسسها الأب ريسفور، و لكن سويسرا رفضت هذه الجمعية وطردتهم فاضطر الأب ريسفور الى ترك البلاد و اللجوء إلى بافاريا، و فى ذلك الوقت كانت جان انتيد هى المسؤوله عن الاعتناء بالمرضى من الراهبات و الرهبان و معالجتهم ، وبعدها ذهبوا إلى النمسا و بعد مسيرة طويلة وشاقة بين البلاد، توقفت جان انتيد فى اينزيدلن، و تقابلت مع كاهن، فقال لها : يا ابنتي أرى أن مشيئة الرب هى أن تعودى إلى فرنسا كإبنه للقديس منصور دى بول، و تبشرين الفقراء.
 
 
 فى يوليو 1797 وصلت جان انتيد إلى لاندرون فى سويسرا ، و هناك التقت مع كاهنين لاجئين من فرنسا هما شافواى و باكوف ، فقالا لها : " الشبيبة المهملة تنتظرك فى فرنسا ابدائى بمدرسة، و قومي بتكوين فتيات مثلك ، و سيكون الخير العميم على يديك، و سنرجع إلى فرنسا بعد عودة الهدوء النسبي إليها و عليك أن تعودى و تجمعين الفتيات و تعلميهن، و تؤسسين معهدا للشبيبة و لإعالة البائسين.
 
وعادت جان انتيد إلى سانسيه فى عام 1797، ووضعت نفسها تحت تصرف الاهالى و خدمتهم و بسبب الثوارالمتطرفين مكثت سنه كاملة عند أرملة فى لاجرانج وعادت جان انتيد إلى مباشرة رسالتها ، فاستأجرت حجرة فى مارتليون بزنسون، و بدأت فيها بالتدريس للفتيات الصغيرات فى 11 ابريل عام 1799، و فى غضون أيام قليلة اكتظت المدرسة بالطالبات، فاستأجرت منزلا اكبر، وعاشت جان انتيد مع الطالبات فى المحبة و الاحترام.
 
 ولان المثل الحى انجح من الكلام ، فسرعان ما تقدمت فتاة تدعى ناتيت ( بون )، و عرضت على جان انتيد التطوع للخدمة، و تبعتها ثلاثة أخريات، و أصبحن كلهن قادرات على القيام بأنشطة أأخرى لإعانة المعوزين و المرضى.
 
 
رأت جان انتيد انه من الضروري وضع قوانين للمعهد الذى أسسته ، فذهبت إلى دير لراهبات فى مدينة "دول" لتكون فى عزلة وهدوء أكثر و طلب المحافظ الجديد من الراهبات الاهتمام بسجن بيفلو الخاص بالسجناء و السجينات السياسيين قائلا : "بعد أن عجزت السلطات المدنية عن إحراز أية نتيجة فان الراهبات قد ينجحن، بفضل ما يتحلين به من محبة و بساطة". و فعلا ذهبن و حولن السجن إلى شعلة نشاط ، و دب النظام فيه، و حرصن على النظافة، و ساعدن السجناء على القيام بأعمال كثيرة مع تغيير إسلوب حياتهم و السعي نحو الفضيلة و الصفاء. وفى هذه الأثناء ألغيت الإجراءات الثورية ، فتمكنت الأخوات من ارتداء الثوب الرهبانى.
 
 عقدت الرئيسات للمنظمات الخيرية فى فرنسا اجتماعا بإشراف السيدة ليتتسيا والدة الإمبراطور نابليون، و التى عرضت على جان انتيد ان تعطى للمعهد اسم راهبات المحبة بيزنسون ، و فى آخر المؤتمر تم توزيع أوسمة تذكارية بإشراف الوزير برتالس و كرمت جان انتيد بهذا الوسام كرئيسة لراهبات المحبة ، و ذلك تقديرا لمجهوداتها العظيمة، ثم طلبت الملكة ليتتسيا افتتاح فروع لأعمالها و مشاريعها الخيرية فى ايطاليا فذهبت مع ثمانية من أخواتها إلى نابلولى.
 
- و بعد رحله طويلة من أداء الرسالة على أكمل وجه توفيت جان انتيد فى 24 أغسطس عام 1826 و هى تبلغ من العمر واحدا و ستين عاما.
 
و فى 14 يناير 1934، أعلن البابا بيوس الحادي عشر أن " جان انتيد قديسة " و اليوم أصبحت راهبات المحبة يؤلفن جمعية واحدة ، تنتشر فى ثمانية و عشرين بلدا و تعمل على خدمة الفقراء فى كل المجالات، من أقوال القديسة جان انتيد توريه" الله معي دائما لا أخاف شيئا"، "عندما يدعو الله و نسمعه يعطى كل ما يلزم"، الوقت ثمين جدا لذا علينا ألا نضيعه"، ربى علمني إرادتك أنى أضع كامل ثقتي بك و انى مستعدة لعمل كل ما تنتظره منى ."
"يسوع المسيح جمعنا لنحبه و نخدمه."
 
من صلاتها
" ربى انك ترى كل شيء و تعلم كل شيء . فلتكن صلواتها وشفاعتها معنا دائما .