كتب ... محرر المنيا 

أكد نيافة الأنبا بطرس فهيم مطران الأقباط الكاثوليك بالمنيا في تأمل له أن الله محبة ولأنه محبة لا يخلق كل شيء جاهزا وكاملا. بل يخلقه في بذور تتحول إلى نباتات ثم أشجار ثم ثمار تصير بذورا من جديد، كل هذه المسيرة هي حياة وصيرورة وتحول وهي في هذه المسيرة تعطي الحياة، وتعتمد على مشاركة الإنسان ومسئوليته وتفاعله مع عمل الله ونعمته، فالله لا يريد أن يعمل بمعزل عن الإنسان أو بدونه.
 
أضاف الأب المطران الله يخلق الإنسان على صورته ومثاله، وصورته ومثاله الكامل والحقيقي هو يسوع المسيح. وهو يريد منا أن نكون مسحاء مثله، وأعطانا المادة الخام لذلك: أعطانا الطبيعة البشرية، والجسد البشري، والنفس البشرية، والروح البشرية، وأعطانا المعمودية وكافة الأسرار، وأعطانا كلمته وروحه القدوس بمواهبه وثماره وعمله فينا... وعلينا نحن أن نستفيد من ذلك، ونحوله تدريجيا، يوما بعد يوم إلى ما أراد الله لنا أن نكون، أبناء الله. وذلك يتم ليس بشكل تلقائي روتيني أوتوماتيكي، بما أنى ولدت وتعمدت أصير إنسانا مسيحيا. ليس الأمر هكذا بكل سهولة. 
 
أوضح رئيس الطائفة بالمنيا إن عملية تحولي من مجرد مخلوق بشري، إلى كائن وشخص إنساني، هي عملية تحول تولد يوميا في حريتنا وفي قراراتنا. فنحن بحريتنا ومن خلال قراراتنا نصير تدريجيا إنسانيين، من خلال عملية تمييز واختيار وقرار حر يومي، أتحول تدريجيا، وبإرادة شخصية، وبمسئولية واعية إلى إنسان كما يجب أن أكون. وكما أختار أن أكون. فليس كل بشر إنسانا، نولد كلنا كبشر، ولكن نتحول كل منا بحسب تربيته ووعيه وتجاوبه مع نعمة الله إلى إنسان. فالظروف التي نعيش فيها، من تربية وتعليم وصداقات وخبرات وروحانيات، ونجاحات، وفشل أحيانا، قد تساعدنا أن نكون أكثر أو أقل وعيا ونضجا ومسئولية، أكثر أو أقل إنسانية. إنها عملية أنسنة مستمرة ومرهقة ومضنية ولكنها ممتعة وضرورية، وبدونها يكون الإنسان ناقصا.