بقلم – روماني صبري 
 
يمكن أن يمضي الإنسان الكثير من السنوات في قراءة كتاب، لكن هذا لا يؤدي إلى حدوث شيئا أمام الكاميرا.. ورق سيناريو الفيلم لا يحتوي إلا على حقائق وأفكار كانت ومضت في العقل البشري نتيجة تأويلنا لما قرانا، وصناعة الفيلم تحتاج إلى ممثلين من لحم ودم، يتفاعلون مع بعضهم البعض كما الواقع، وهذا ما طبقته في فيلمي "mr turner" ، كانت لدينا معرفة أكثر بالعالم المحيط بنا فيه، وقمنا بتحويل هذا العالم إلى دراما. 
"المخرج البريطاني مايك لي" 
 
"بينت في شخصية "السيد ترنر الرسام" بعض الجوانب السوداء، كيف يوازن مايك لي بين الاحتياجات الدرامية، وهذا الاقتحام للحياة الشخصية لأحدهم ؟"  
 
احكي حكايات الناس عبر السينما 
وفي حديث لـ"بي بي سي عربي"، أجاب "لي" بقوله :" عملي كمخرج هو رواية حكايات البشر، والقيام بذلك أراه واقعيا، قائم على تفهم البشر دون إصدار أي أحكام عليهم، فلا اخلق أشرارا ولا أبطالا  بالمعنى الحرفي للكلمة، بل أناسا عاديين مثلي ومثل معظم جميع البشر، ومثل المصورين في الغرفة الذين يصورون اللقاء، نحن بشر لدينا تفاصيل وعيوب ونواقص، ترنر كان رجلا، وعرضنا على الشاشة رجلا بثلاثة أبعاد، وفي الحقيقة لا اشغل بالي بالتفكير حول كيف أوزان بين الحقيقة والعدل والجوانب الجيدة والسيئة فيه، كون أن هذه الأمور تتولى الاهتمام بنفسها، الأهم أن نقوم بكل ما يمكن لنعرض كل جوانب شخصيته، حتى تكون واضحة على الشاشة، لتصبح الشخصية ثلاثية الأبعاد قدر المستطاع.
 
 
لان هذه الحياة 
"رغم أن شخصية مستر ترنر سوداوية في الحقيقة، لكنها تشبه كل شخصيات أفلامك، أنت تغلف شخصياتك بالطرافة، هذا التحبب يمكن لمسه بسهولة في شخصية ترنر كذلك، هل يتعمد مايك لي بحقن أفلامه وشخصياته بالطرافة أم تظهر بشكل طبيعي خلال عملية تكوين وتطوير الشخصية، وما سبب أهمية هذه الطرافة الشديدة لديك في أفلامك ؟." 
اقصد ذلك لان الحياة كوميدية وتراجيدية .. هذه هي الحياة، ولم يسبق أن قلت لنفسي : أنا احتاج بعض الطرافة في هذا العمل فكيف يمكن أن أضيفها ؟ .. الحياة هذه هي طريفة وحزينة بكل بساطة، وبالتالي يصل ذلك إلى أفلامي على هذا النحو، وفي حالة كانت الأمور واقعية، فلن تكون مثالية لان الحياة في جوهرها معقدة، والإنسان هش لدرجة أن الحد رفيع جدا بين الكوميديا والتراجيدية في حياته.
 
 
لأنني عضو في سينما العالم ! 
"جميع أبطال أفلامك بريطانيين .. لا نرى ممثلين من هوليوود في أفلام مايك لي .. لماذا ما السبب وراء ذلك ؟ ." 
 
بالطبع لم يشاهد المشاهدين أي فنان هوليودي في أفلامي، لكن السؤال هو بحق الجحيم : ما الحاجة لوجود ممثل من هوليوود في أفلامي ؟ّ! ..  مايك لي عضو في سينما العالم وهناك بالطبع سينما للعالم وسينما لهوليود .. السينما الهوليودية تدير أمورها بنفسها بها ثقافتها الخاصة وصناعتها السينمائية الخاصة، بينما نحن في سينما العالم أي السينمائيون حول العالم، بما في ذلك سينمائيو أوروبا نقدم أعمالا من العالم الحقيقي، ومن التزامنا بتصوير حياة الناس الذين يشبهون جميع البشر، كما نفهم ذلك على خلفية ثقافتنا المختلفة، رغم إننا، وآمل أن انجح في ذلك، نترجم أمور تمس الجميع، إلا أن لدينا التزام ليس فقط تجاه  أفلامنا التي ننتجها واتجاه ممثلينا والفنانين والمشاهدين والجميع، لهذا اعتبر علاقة أفلامي مع أفلام هوليوود "صفر."   
 
  صنعت أفلام ملحمية ضخمة الإنتاج، نشعر انك تحب تقديم أفلام ذات ميزانية ضخمة على مستوى هائل، وهذا النوع من الأفلام نراه في هوليوود، لذلك الم تفكر يوما في أن تذهب إلى منتجي السينما في هوليوود وتقول لهم أعطوني المال ؟." 
 
لا لا .. لم أفكر في ذلك، وأفلامي اصنعها دون نص، فلا احد يتدخل في اختيار الممثلين، المضمون، المكان الذي أصور فيه أحداث العمل، طريقة العمل، تعتمد أفلامي على صناع سينما ماهرين في بريطانيا، ولنضرب مثالا مستر ترنر شارك في صناعته الكثير من الناس الذين يمتلكون الكثير من الخبرة   ويعيشون هنا في بريطانيا، لم يتدخل أي احد في أفلامي، وان ذهبت لهوليود سأفسد سجلي هذا، رغم إني أعاني من مشاكل التمويل لكن من المستحيل أن احل هذا بالعمل في هوليود.
 
 
ضابط  بالإمبراطورية البريطانية
ونتيجة لإسهاماته في المجال السينمائي توج "لي" برتبة ضابط بالإمبراطورية البريطانية، وحصل على السعفة الذهبية عن عمل "أكاذيب وأسرار"، وجائزة أفضل مخرج عن عمل "عاري" من مهرجان كان السينمائي، وكان ترشح لنيل جائزة الأوسكار لأفضل مخرج عن فيلمه "أسرار وأكاذيب"، وكذا ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل كتابة "سيناريو  عن فيلم Vera Drake، كما ترشح : لجائزة الأوسكار لأفضل كتابة "سيناريو عن فيلم Happy-Go-Lucky، جائزة الأوسكار لأفضل مخرج عن عملVera Drake، جائزة الأوسكار لأفضل كتابة "سيناريو أصلي" عن عمل أسرار وأكاذيب، جائزة الأوسكار لأفضل كتابة "سيناريو أصلي عن عملAnother Year، جائزة الأوسكار لأفضل كتابة "سيناريو أصلي عن عمل توبسي ترفي.
لا أحد يمارس أي ضغط علي
لـ"لي" أقوال شهيرة ترجمت عشقه للسينما التي يقدمها والتي تتحدث عن تجارب البشر وتحترمها ومنها : عملي يدور حول الحياة وأنا وأنت تجربة بذلك، الشيء الجيد من وجهة نظري هو أن لا أحد يمارس أي ضغط علي ليقول ما سأكون عليه، أحاول أن أنشئ للجمهور شيء ما يتعلق بتجربة الحياة الواقعية.