محمد حسين يونس
كتبت بالأمس ليس معني هذا إن الدنيا ربيع والجو بديع و قفلي علي كل المواضيع .. فعدد من نتكلم عن تطورهن لا يزيد عن عشرة ملايين سيدة .. من إجمالي خمسين مليون مصرية .. أى حوالي 20% من مواطنات بلدنا .

و الباقي
(قرويات ٤٢,٨% من المصريات يعشن في الريف ونسبة الإمية بينهن ٨٦ % )
أو مهاجرات إلي عدد ( 1034) منطقة عشوائية تسكنها 20 % من المصريات ..حالها يغم النفس .
أو20 % أخرى.. يعشن في الأحياء الشعبية و المدن الصغرى الريفية يعاني أغلبهن من الجهل و الفقر و قلة الحيلة ..و شظف العيش

هؤلاء المهمشات لم يتغير حالهن في 2020 عن 1919 إلا في كونهن يشترين العيش من المخبز و اللبن و البيض من السوبر ماركت و يسهرن طول الليل أمام التلفزيون .. و يستيقظن في الضحي كسالي .

المشكلة أصبحت هكذا ...

إن أغلب نساء مصر ذوات وعي منخفض و تعليم محدود .. و يسلكن في حياتهن طبقا لروتين توارثنة عن الأمهات و الجدات .. يتكاثرن بمتوالية هندسية ..و لا تساعد المسلسلات أو البرامج التلفزيونية علي تغيير هذا

في نفس الوقت هن كنز لدى منظمي الإنتخابات و متعهدى توريد الراقصات أمام لجان التصويت...فمعظم سكان مصر من السيدات يمكن حشدهن في طوابير الإقتراع و الإستفتاءات نظيرباكو مكرونه أو زجاجة زيت و كيس سكر... أو ما يسمي بشنطة رمضان

موقف بقدر ما هو محزن فهو مضحك .. كأن السحر إنقلب علي الساحر فكان إعطاء السيدات حقوقهن الإنتخابية.. تذكرة لتمرير كل التغيرات المشبوهة في الدساتير .. و تأبيد حكم القائد .. و إختيار النواب كما يترائي لمن يمتللك إستخدام بطاقتهن الإنتخابية.. وإفساد مجمل العملية الديموقراطية .. و تحويلها إلي إحتفالات موسيمية راقصة بلهاء لقاء بضع جنيهات .

عموما.. و هكذا .. وبسبب التخلف و العجز السائد بيننا نستطيع أن نقول بأن مرحلة الكفاح من أجل مطالب فئوية قد إنتهت و أدت دورها بل أصبح إستمرارها خطرا ..وأن عليها ترك مكانها للكفاح الأكبر .. بتغيير بنية المجتمع .. و علاقاته لتصبح أكثر عدالة و إنسانية ..
هذا الكفاح الأكبر تمارسة الأن قصدا أو مصادفة العديد من النساء ..

- فهناك من يكسبن عيشهن بالعمل (من الست الوزيرة حتي الست المساعدة في أعمال المنزل ).. و لا يعترض المجتمع..بل يشجعهن ليواجهن صعوبة الحياة التي فرضها علينا تسديد فوائد ديون البنك الدولي وتعليمات صندوق الدين ... و الغلاء المبالغ فية و إنخفاض قيمة الجنية الشرائية

- و هناك عديد منهن( أى المصريات ) معيلات لأسرهن (3.3 مليون أسرة تعولها سيدات).. ..

- كما تكاثرت أعداد من يشغلهن الهم العام.. وبالتأكيد سيزداد و يتراكم وعي أصلاح المجتمع لدى المصريين ( رجال و نساء ) مع مرور الأيام و تواتر أسباب الأحزان و إكتشاف خداع صندوق النقد الذى لا يقودنا نحو مجتمع الرفاهية .

بقي أمران .

أن أغلب الرجال بل و كبار السن من السيدات لم يقتنعوا بعد بمساواة الجنسين و يتبدى هذا في سلوكهم اليومي و التفرقة في المعاملة بين الأبناء و البنات ....

و الأمر الأخر أن رجال الدين ( عمة بيضاء و عمة سوداء ) .. يقاومون بضراوة أى تعديل .. في نظام المجتمع يغيرعلاقة الرجل بالمرأة..و يمس ما توارث علية الأجداد

و الدولة ممثلة في الرئاسة و الحكومة .. تقف علي الحياد كما لو كان الأمر لا يعنيهما .. ترى حفلات الجونه و الساحل و التجمع .. و الميكرو جيب والملابس الكاشفة أو الشفافة في المهرجانات ..فلا تعلق ( كل واحد حر ) .. و ترى من يحاول تمرير قانون يتحكم في أزياء النساء وسلوكهن.. فلا تعترض (إنهم نواب الشعب !!)
.
الدولة تستوزر المحجبة و السافرة .. و تحضر مؤتمراتها المحجبة و السافرة .. و لا تهتم إذا كانت السابحات الفاتنات علي شواطئنا بالبكيني أو البوركيني .. و لكنها تتحرك و تعتقل و تسجن من يعلو صوتها عن الحد المسموح . ..بل يمكن تصفيتها بدم بارد وهي تحمل باقة زهور كانت ستهديها لقاتليها إحتفالا بذكرى 25 يناير

و مراكز البحوث ترى الظواهر الإجتماعية الغريبة علي ناسنا ( التحرش و الدعارة و التحريض علي العنف وأفلام البورنوالمصور فيها مصريات من مختلف الأعمار ..وبيع الصبايا لعواجيز الخليج ).. و لا تتحرك أو تفسر أو تقدم حلولا تحد من أن تكون المراة لعبة الرجل

و هكذا يبدو أن الصراع لازال قائما وسيبقي لفترة مستمرا .. بنات هدى شعراوى .. في مواجهه مع حفيدات حسن البنا

.. يستغل الطرف الثاني الكتلة الرئيسية من ساكنات الريف و العشوائيات وطالبات الازهر و الأحياء الشعبية ..يجندهن بالديماجوجية الدينية .

و يعجزالطرف الأول عن التواصل معهن ..أو تقديم المثل و النماذج الليبرالية.. فالسلفيين جعلوه أمرا يبدو شديد الصعوبة ..فيكتفين بالحفاظ علي سيدات و بنات الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة متوازنات

و أخيرا قبل أن ننهي الحديث

نحن نعلم جميعا أن التفكك الذى حدث لحركة تحرير المرأة سببه الإنفصام الذى جرى في المجتمع ..وتمسك كل طرف بإسلوبه و منهجه .. حتي لو أضر بالقضية مثال لذلك الأخذ و الجذب في موضوعين شائكين

أحدهما ( مظهر التلميذات ) ..

و(( هكذا راجعت الحكومة المصرية التشريع الصادر عام 1994، ونصت على منع الفتيات تحت سن الـ12 عامًا من تغطية شعورهن وأوجههن بارتداء الحجاب أو النقاب)) .
اعتُبر ذلك كحركة مناهضة للإسلام، وواجهت نقدًا عنيفًا من القادة الإسلاميين عبر البلاد. و توقف المنع عام 1996 بحكم من المحكمة العليا في مصر.

ثم جُلبت قضية الحجاب لساحة الرأي العام في مارس 2015، بعد أن قُبض على معلمة تربية دينية في مدرسة ابتدائية بالفيوم، لأنها ضربت فتاة لم ترتدِ الحجاب. وفي أغسطس من نفس السنة ، مُنع الحجاب مرة أخرى من قِبَل وزير التربية والتعليم، دون تحديد سنًا معينًا يُسمح بارتدائه فيه.

و السؤال هل منع الحجاب في مدارس البنات ...بالطبع لا فقد (ركن بنات حسن البنا ) القرار مع باقي القرارات علي أساس أن المظهر و الزى موضوع شخصي

والمسألة الأخرى هي التحرش بالسيدات و الفتايات .

نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة تقريرًا عن أن إحصائيات التحرش في مصر يجعلها الثانية على مستوى العالم بعد أفغانستان التي تحتل المرتبة الأولى

في 4 يونيو 2014، مُرر قانون يجرم التحرش الجنسي نص على أن التحرش اللفظي، أو الجسدي، أو السلوكي، أو الهاتفي، أو عن طريق الإنترنت، يمكن أن يؤدي لعقوبة الحبس فيما بين 6 أشهر إلى 5 أعوام، وغرامة تصل إلى 50 ألف جنيه.

هل إنتهت المشكلة هكذا .. و إرتعد المتحرشون خوفا !

بينت الدراسة أن 99.3% من النساء المصريات تعرضن لنوع من أنواع التحرش و أن أكثر شكل منتشر منه كان اللمس غير المرغوب، يليه التحرش اللفظي.

و ذكرت أن 82.6% من النساء يشعرن بقلة الأمان، خاصةً حين يستعملن المواصلات العامة.

ومع ذلك فالدعاة بالتلفزيون و المحافل .. يصرون علي أن مظهر السيدة هو الذى يجعل الرجال يتحرشون بها .. كما لو كان كارت سماح مفتوح للتحرش بالسيدات و الفتايات .

و الليبراليون يجادلون ليس بالزى تنتشر الفضيلة .. و تمنع إعتداء الذكر علي الأنثي .. و أن العيب في التربية .

لقد كانت فتايات جيلي يلبسن الميكروجيب في شوارع المدن حتي الريفية ...و لم يلقين أى مضايقات .. في حين أن في منتصف 2020 ترتدى السيدة غطاء من قمة رأسها حتي قدميها و تتعرض للتحرش .إنه مرض إجتماعي يتفاقم بسبب الفصل بين الجنسين .. ولان لا أحد يهتم بتشخيصه أو تقديم العلاج .

المراة المصرية في العموم تحتاج لمساعدة للخروج من إطارفكر و سلوك القرن التاسع عشر الذى يفرضه المجتمع متحديا كل قوانين الإصلاح .. وهذا لن يتم بالوعظ و الإرشاد بقدر ما يحدث مع تغيير بنية المجتمع الإقتصادية و الإجتماعية و تعليم الرجل بأنه ليس وصيا علي .. أمه و أخته و زوجته و إبنته .. و لو كان كبير شوية تبقي كمان حفيدته.

أمضيت فترة الحظر بعيدا عن الكورونا و أخبارها و أعمال الحكومة و برلمانها و هيئتها الهندسية وكباريها و إسرافها وديونها و مصايفها و تجاوزاتها ..و إنجزاتها .. أحدثكم كما وعدتكم عن النصف المظلوم من المجتمع رغم كل التغييرات و الصراعات التي حدثت علي مدى قرن .

ولاكتشف من الحوار إنني رغم بلوغي الثمانين لازلت متحيزا... لبنات جيلي في الستينيات ..وسيدات عائلتي السافرات .. و زميلاتي المجتهدات .. ومعارفي من الفتايات بأزيائهن و سلوكهن .. و حياتهن ..وأرى أن الحرية الشخصية .. حق لهن .. و لنا .. و أننا سننالها مهما طال زمن النكوص .