كتبت – أماني موسى
قال استشاري الطب النفسي، د. محمد طه،  خلال الكام ساعة اللى فاتوا، حفل -غير موفق الموعد- لمغنية عالمية فى مصر.. بعض الناس قرروا الحضور.. منهم مصيفيين ميسورى الحال، وفنانين، وبعض الوزيرات المصريات. تم ذبح الجميع -من أول المغنية لغاية الحضور- وسلخهم على السوشيال ميديا بلا أي هوادة.
 
وتابع، د. طه في تدوينة عبر حسابه بالفيسبوك، توفى يومها والد إحدى الوزيرات اللى كانت حاضرة الحفل.. كمية التعليقات اللى بتسب وتشتم وتهين فى الوزيرة والمرحوم والدها ليس لها أى علاقة لا بالموت واحترامه، ولا بالحياة وآدابها، ولا بالإنسانية ومعانيها.
 
ثم فنان مشهور كتب -بعد وفاة طليقته- أنه ندمان على عدم تحمله مسئولية علاقته بزوجته وأولاده، وبيصف حرفيًا يعنى إيه حد take someone for granted حتى آخر نفس فى عمرها.. تم ذبحه هو الآخر وسلخه وتعليقه على مقاصل الفيسبوك، ومشانق صفحات الأخبار، وتجريده من كل شئ، حتى نيته التى لا يعلمها إلا الله.
 
- رجل بسيط فى المحلة راح يصلى العيد، خاف على العجلة بتاعته تتسرق فى الزحمة (وكلنا عارفين إن ده بيحصل)، فقرر يصلى على العجلة فى اتجاه القبلة.. حد صوره.. ونزل صورته على السوشيال ميديا دون استئذان أو أدب أو أخلاق، لتسرى وتنتشر كالنار فى الهشيم.. الراجل اتفضح وسط بلدته، ووسط أهله، ووسط بيته.. تعليقات ساخرة، مكالمات فى منتهى السفالة لبناته، منشن لأهله وعيلته على الصور.. الراجل (كما يقال) جاله جلطة فى المخ وأصيب بشلل نصفى، وسط ضغط نفسي وعصبى رهيب لا يتحمله بشر.
 
- استشارى طب نفسي وأستاذ جامعى كتب على صفحته ينصح المضحين فى العيد بعدم تعريض (أطفالهم) لرؤية مشاهد الذبح والدم، اللى ممكن تسيب أثر فى نفسيتهم طول العمر بناء على كثير من الأبحاث العلمية اللى اتعملت على الأطفال اللى بيشوفوا أو يتعرضوا لمشاهد عنف ودماء.. كمية ونوعية التعليقات اللى بتبرر مشاهدة الأطفال الصغار (للذبح) غريبة بشكل يخرج عن أى منطق، والموضوع دخل فى تكفير وزندقة واتهام بانكار السنة والشريعة.
 
ده كله -وغيره كتير- بيقول إيه.. وبدون تعميم..
 
احنا (وأقصد الكثير منا- أو بعضنا يا سيدى) بدل ما ننقد بنشتم.. بدل ما نختلف بنلعن.. بدل ما نعذر بندبح ونسلخ ونسخر..
 
مستطردًا، أنا شخصيًا مش موافق على إقامة الحفل ومعترض على موعده وبعض تفاصيله الأخرى.. وغير راضى عن كلام الفنان الشهير جملة وتفصيلاً.. ومستغرب من موقف المصلى على العجلة.. وأقدر أتفهم اعتراض البعض على النصيحة الخاصة بالأطفال.. بس ليه السباب والإهانة وتجريح الناس؟ ليه الخوض فى الأعراض والشرف والكرامة؟ ليه سن السكاكين وسحب السيوف وسلاطة اللسان على خلق الله؟
 
إيه الجبروت ده؟ إيه القسوة دى؟ إيه الحدة والسخرية وتعمد سَم البدن ده؟
 
ليه بننصب نفسنا آلهة تحكم على البشر وأفعالهم بالشكل ده؟
 
ليه بنضع نفسنا مكان ربنا وندخل فى نوايا الناس ونحاسبهم عليها؟
 
ليه بنقسم الناس بكل أريحية ليمين وشمال.. أبيض وأسود.. جانى وضحية.. ملائكة وشياطين.. ونبقى احنا اليمين.. والأبيض.. والضحية.. والملائكة.. وغيرنا الشمال.. والأسود.. والجانى..والشيطان الرجيم..
 
لا حول ولا قوة إلا بالله..
 
وأوضح، ميلانى كلاين- العالمة النفسية الشهيرة، ومؤسسة مدرسة (العلاقة بالآخر) فى علم النفس أثبتت بعد كتير من البحث والتجربة إن أعلى درجات النمو النفسي هى (قبول الآخر) رغم اختلافه.. أن أضع نفسي مكانه حتى لو كان صعبًا.. أن أتفهم موقفه حتى لو لم أكن موافقاً عليه.. أن أبحث عن مسئوليتى (أنا) قبل مسئوليته (هو)..
 
وللعلم.. القبول لا يعنى الموافقة.. ولا يعنى الرضا.. القبول (Acceptance) حاجة.. والموافقة (Approval) حاجة تانية.. والرضا (Satisfaction) حاجة تالتة خالص.
 
كلاين أثبتت أن هذه المرحلة من النمو النفسي يصل إليها الطفل بشكل طبيعى فى النصف الثانى من السنة الأولى من عمره.. أما النصف الأول.. فالطفل فيه بيشوف العالم فقط من زاوية الأبيض أو الأسود..
 
عارف ده يعنى إيه؟
يعنى لو كان فيه مراحل نمو نفسي للشعوب والثقافات زى ما فيه للأفراد.. فاحنا لسه فى أول ست شهور.. أول ست شهور..
 
ويبدو والله أعلم.. 
إنه لسه بدرى..
 
بالمناسبة.. فيه علم كامل دلوقت بيدرس العقل الباطن للشعوب والثقافات.. وأحد مصادر الدراسة دى هو ردود أفعال الناس وآراءهم وتعليقاتهم وتفاعلهم مع الأحداث والمواقف اللى بيشوفوها أو بيسمعوا عنها.. شوف بقى السوشيال ميديا بتاعتنا بتقول عن عقلنا الباطن إيه.. بسم الله ما شاء الله.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.