بعد انتشار فيروس كورونا وما خلفه من تغييرات سلبية على الكثير من الأصعدة، فإن الحيوانات قد نالت من تلك التغيرات حظا وافرا، وبخاصة بعدما أعرض الكثير من مربي الحيوانات عن الفكرة خشية التقاط الفيروس عن طريقهم، بالرغم من عدم ظهور تأكيدات حول انتقال الفيروس من الحيوانات الأليفة إلى الإنسان.

بالرغم من ذلك لا تزال هناك الكثير من المحاولات التي تكشف عن نفسها يوما بعد الآخر، لتقلل من أثر تلك التغييرات على الحيوانات.

تقول مي الرواس، إحدى قاطني حي المنيل، إنها لطالما كانت تفكر في طريقة لإطعام حيوانات الشوارع التي لا ملجأ لها، ومن ثم جاءتها الفكرة بأن تضع ماسورتين مثبتتين في الشارع يمر من خلالها الطعام والشراب للحيوانات المارة بالشارع.

لكنها واجهت الكثير من المشكلات، موضحة: "كلما حاولت تثبيت الماسورة بالقرب من محل بقالة أو بجوار عمارة، فإن السكان دائما ما كانوا يعترضون، خشية أن تجتمع الحيوانات أسفل منزلهم"؛ ما اضطرها إلى تثبيت الماسورتين في شجرة أسفل منزلها، كي تستطيع أن تشاهد الحيوانات وتضع لهم الطعام بشكل يومي.

كانت منظمة الصحة العالمية، أكدت أن القطط هي الأكثر عرضة لانتقال الفيروس، كما ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن هناك عددا قليلا من الحيوانات الأليفة، بما في ذلك الكلاب والقطط أصيبوا بالفيروس، وكانت أكثر الحالات بعد المخالطة اللصيقة بين الحيوانات والأشخاص المصابين، وليس العكس، إلا أنه لا يزال لدى الكثيرين تخوفا من مخالطة الحيوانات.

والوقت الحالي يشهد اضطرابات هائلة فيما يخص الحيوانات، خاصة من قبل الملاجئ التي اضطر بعضها إلى إغلاق أبوابه أمام الحيوانات، لإبطاء انتشار الفيروس، حتى لا تتسبب في نقل الفيروس للحيوانات الأخرى أو العاملين.

كما تقول الرواس إن فرص تبني الحيوانات في المنازل تكاد تكون معدومة لما أثير حول احتمالية التقاط العدوى عن طريقهم، ولذلك كانت فكرة الماسورتين بمثابة طوق النجاة، لإطعام الحيوانات الضالة التي لا يلتفت إليها أحد.

وأوضحت أنه بالرغم من أن الكثير من الجيران اعترضوا على فكرتها، إلا أنها لاقت قبولا وصدى واسعا بعدما نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد شارك الكثيرون المنشور الخاص بالفكرة، وطبقها آخرون في أماكن مختلفة، مردفة: "الأمر غير مكلف على الإطلاق؛ فهو لا يحتاج أكثر من ماسورتين مفرغتين يمر خلالهما الطعام والشراب".

وذكرت أن الفكرة جاءتها من الإنترنت، بعدما شاهدتها مطبقة في إحدى البلاد الأجنبية، ومن ثَم عزمت على تنفيذها هي الأخرى، لإنقاذ الحيوانات من الجوع أو حتى الموت بأمراض مختلفة.

وبالرغم من أن جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، أكد في الشهر الماضي أنه لا خوف من الحيوانات الأليفة من حيث نقل الفيروس، إلا أن الكثيرين لا يزال لديهم تخوف كبير من الحيوانات حتى أن البعض اضطر إلى تسريحها في الشوارع، وازداد ذلك التصرف في الآونة الأخيرة.

تابعت مي في نبرة يشوبها الأسى والألم: "الشكاوى قد ازدادت على الجروب الخاص بحي المنيل، وحرض عدد من الأشخاص على قتل جميع الكلاب الضالة بالشوارع، معللين ذلك بالحرص على سلامة قاطني الحي".

وظلت الرواس وصديقاتها يعقمون عددا كبيرا من الكلاب حتى لا يكون منها ضررا أو أذى، مضيفة: "أخذت الكلاب المقيمة أسفل منزلي إلى الطبيب من أجل تعقيمهم".

إلا أنها فجعت منذ أيام حينما وجدت جميع الكلاب أسفل منزلها لا تحرك ساكنة، بعدما تعرضت لحملات السم الفتاك من قبل الحي.

وقالت: "راعني المنظر وكاد قلبي أن ينفطر وأنا أرى كلب يجلس بجوار صديقته أسفل المنزل ويحاول جاهدا أن يهُزها لتستيقظ، إلا أنه بعدما تبوء محاولاته بالفشل، يوقن بموتها ويجهش بالبكاء".

وأكدت أنها بالرغم من ذلك لم تيأس ولا تزال تحاول جاهدة أن تنشر فكرتها كي تنقذ ما تستطيع إنقاذه من الحيوانات الضالة من الجوع والمرض.