كتبت – أماني موسى
قال الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسى، أنه حين كان طفل كان يحرص على شراء جريدة الأهرام ويشطب اسم نافع من اسم الكاتب الكبير إبراهيم نافع ويكتب بدلاً منه عيسى، ليصبح الاسم إبراهيم عيسى.
 
وأضاف في لقاءه مع الإعلامية منى سراج، ببرنامج "نقطتين وخط"، ربما من أسرار نجاحي هو بقاء هذا الطفل بحماقته بحماسه وإندفاعه وخلمه وإندهاشه، وأنني على مسار حياتي وجدت الكثير فقدوا دهشتهم وكان هذا سبب خمولهم واستمرارهم بذات المكان.
 
وتابع، من وأنا في 6 ابتدائي كنت بقول أني هبقى صحفي وهشتغل في مجلة روز اليوسف وهبقى رئيس تحرير، ودة كان حاجة غريبة أوي، مشيرًا إلى أنه كان يعمل بالإذاعة والصحافة المدرسية وكان يقوم بعمل مجلة منذ سن الخامسة من عمره، وكان يكتب على هذه المجلة "رئيس التحرير إبراهيم عيسى"، وكانت والدته هي المشجع والرقيب الأول.
 
وأن هذه المجلة كانت تصدر بداخل البيت، فقامت ذات مرة بتقطيعها خوفًا من أن يكون بها شيء يصيبه بأذى، ثم توسع في نشر هذه المجلة، فأصبحت تباع بالقرى المجاورة بجوار الأهرام والأخبار.
 
وأردف، أن والده كان يصر على أن يلحقه بعلمي في الثانوية العامة، لكنه رفض، واتجه للأدبي، فطالبه والده أن يدخل كلية الحقوق، فرفض عيسى أيضًا ودخل كلية الإعلام وكان الثاني على دفعته، فرشح له والده أن يتقدم ليكون معيد بالجامعة، لكنه رفض وقال له أنا حلمي أبقى صحفي وهشتغل في روز اليوسف، فكنت طول الوقت في معاندة ومثابرة مع أحلام والدي، وبالنهاية بارك أحلامي واحتضنها.
 
وعن عمله في مجلة روز اليوسف كان لديه حلم أن يكون لديه جريدته الخاصة به وأن يكون بها رسالة.
 
مشيرًا إلى أنه في طفولته كان طفل حالم لا يميل إلى الألعاب العنيفة، وكان يحب أن يكتب القصص ويبتدأها بجملة "وهكذا.."، معتبرًا أن طفولته كانت سعيدة، وأن لم يتذكر أن والده قام بضربه ذات مرة، أو أن والدته أنبته بكلام مسيء أو جارج، وكانت عائلته مستقرة في حب وهدوء وتفاهم.
 
وتابع، أمي كانت تقول لأبويا يا أستاذ سيد لغاية يوم وفاتها، وهو كان يناديها دائمًا يا توفي واسمها كان عواطف، وأمي كانت حكاءة وروائية بالفطرة تحكي لك قصص بتفاصيلها بشكل مدهش، ووالدي كان شيخ أزهري وأستاذ لغة عربية، وكتبه والمكتبة في البيت كانوا جزء من حياتي، وهذا ما أسس البنية الأساسية لشخصيتي.
 
وتابع، تربيت في بيت مستقر به إشباع نفسي وعاطفي، صنع لي شحنة كبيرة لملاقاة الحياة ومواجهتها، تواجهها وأنت بقلب مفتوح وقجرة على الاحتمال، وهذا تعلمته من والدي، حيث رسخ فيَّ اتساع القلب لكل الأمور واتساع العقل لكل الاختلافات، فوالدي كان أزهري حقيقي من الناس اللي معندهاش مشكلة مع الاختلاف والتنوع، معندوش مشكلة مع التنوع والتعدد بل لديه حرص على ذلك، وقبوله الشديد لأي وجهة نظر حتى المختلف معه، وهذا الانفتاح اكتسبته منه وأيضًا العقل النقدي، واكتسب الرواية والحكاءة من أمي.
 
وأكد أن والده عاش طيلة حياته ليس لديه خصومة مع أي فكرة أو أي حوار، ولديه مناقشة وحوار، وعقله وصدره متسع لكل الاختلافات والخلافات، وكل أفكاري وليبراليتي مدين بها لأبي.
 
وحكى عن والده أنه منذ وفاة والدته في عام 1998 وحتى وفاته في عام 2015 كان يصلي كل صلاة صلاتين، صلاة له وصلاة لأمي، لم أر في حياتي زوج محب وعاشق ووفي هكذا.
 
وأوضح أن بعد خروج والده لسن المعاش، كان إمام الجامع، وكان عيسى متهم طوال الوقت من قبل السلفيين والإسلاميين أنه رجل ضد الدين، فكان رد فعل والده أنه كان يتعامل بترفع كبير عن أن يدخل في مثل هذه الأمور، وكان يعاملني بحنو شديد جدًا، مستطردًا: "عمره ما عاتبني أو لامني على رأي اتخذته، بل على العكس كان يشاركني الكثير من آرائي، وكان والدي يحب الشيخ الشعراوي جدًا، لكنه غيّر رأيه فيه من خلالي، وأصبح عنده موقف من أفكار الشيخ الشعراوي، بعدما تبين أنه سلفي جدًا، ولم يكن له آراء معتدلة أو متنورة.
 
وشدد عيسى أن والده كان بمثابة السند والدعم في جميع المعارك الفكرية التي خاضها ضد المتطرفين، وكان لوالدي بصمة مؤثرة جدًا على روحي ووجداني.
 
وكشف عيسى عن 3 مقولات أثروا بمجرى حياته أولهم مقولة للشاعر الألماني جوتة "كن رجلاً ولا تتبع خطواتي"، وبيت شعر وضعته فوق مكتبي بروز اليوسف "على قلق كأن الريح تحتي"، ومقولة للشاعر الفلسطيني محمود درويش "بقاياك للصخر من أنت كي تحفر الصخر وحدك"، وانضمت إليهم حديثًا مقولة أخرى "دعونا ننزع الضحكة من فم الأيام السود"، وهذه المقولات كانت مربع حياتي الذي عملت من خلاله.