يسري حسين
لم يكن لدى مبارك رؤية سياسية، وحافظ على نظام السادات ،الذي شهده يقتل أمامه ،كما هو دون تغيير ، ببقاء المعارضة في الظل ،مما سمح بنمو جماعة الإخوان المسلمين ،لدرجة دخول كتلة كبرة منهم مع اسماء قياديةمثل سعد الكتاتني ومحمد مرسي الى البرلمان.

نجح الإخوان نتيجة ضعف الدولة في التسلل للحياة العامة وتكوين النفوذ السياسي.

كان لوجود كمال الشاذلي ،يدير الحياة السياسية ويقمعها ،بروز جماعة الإخوان ،نتيجة أيضا لإنتشار التيار الديني ،الذي نسف ارث المرحلة الناصرية ،وعمق ما تراكم في عصور الأنفتاح السياسي أيام حكم الوفد.

كان للشيخ الشعراوي ،اكبر الأكثر في نقل الشعب المصري من فكر المدنية الحديثة للعصر الوسيط مرة أخرى،وانحسر التفكير في التصنيع وحرية المرأة وبهجة الفن ،وانشغل المجتمع في مارحلة ما بعد الموت وجنس الملائكة ،ومن سيدخل الجنة ومن سيرفد في النار ألي الأبد؟

.هذا التحول الخطير تم في عهد مبارك ،الذي لم يكن مهتما بالمواجهة ،وترك الإخوان والسلفيين حرية الحركة والدعوة فأنتشر الحجاب ،علامة على فصل المصريين ،وتمييز القبطية من المسلمة.

وقفت الدولة الرخوة والبليدة من هذا الجنون بعدم الأهتمام ،صحيح أن زوجته سوزان لم تكن محجبة ،لكن تراخي الدولة ترك هذا الزي ينمو تحت دعاوى الحشمة ومخافة الله ،خاصة أن تلاميذ الشعراوي ،مثل الداعية المدرن عمرو خالد، تمسكوا بفرض الحجاب واعتبروه فرضا أسلاميا ،وكل من يخالف من النساء مكانه النار. ،فتخلين نساء مصر عن ملابسهن بهدف ارضاء اله ،وهم في الحقيقة يرضون الإخوان ،ويستجبن لدعوة عصام العريان ،التي اطلقها في الجامعات لنشر دعوة حسن البنا، الذي حرص من اليوم الأول لدعوته لفرض زيا للجماعة ،وكان التركيز على النساء فبث الخوف في قلوبهن وساعد تدهور الوضع الأقتصادي وإرهاق حياة مصرية ،كانت المثال على التقدم والمدنية.

نتيجة غيام الوعي لدى الجالس على عرش مصر تسلل الإخوان ،من ترهل الدولة ،التي باعت المصانع ليغتني مجموعة من اللصوص ،لا شرف وطني لديهم ولا أخلاقي.

بيع المصانع وتردي الخدمات واهمال المستشفيات فتح الطريق أمام التنظيم ،الذي انتعش في عصر مبارك ،وهو زمن البلادة ،وكمال الشاذلي والشيخ الشعراوي ،فتراجع الوطن للوراء ،وتراكم تخلف على كل المحاور ،وفقدت مصر إرثها الفني والثقافي ،وأصبح أنيس منصور ،التافه ،مع صلاح منتصر ،هما مصدر المعرفة والتأريخ والثقافة

عصر مبارك ،هو زمن الرداءة ،انتشرت فيه سلفية تحتاج لقرن كامل للتخلص من كابوسها على نهضة مصر وعظمتها كما صورها مختار في تمثال يقف أمام جامعة القاهرة.

قبل سقوطه بغضب الشعب صعدت موجة الأبناء ،ولصوص يرتدون البدل الأنيقة ،لكنهم اشد شراسة من كمال الشاذلي ونهبه لأراضي والمال العام.

.عنوان هؤلاء اللصوص : احمد عز ،ومجموعة جمال مبارك الذين انقضوا على الأقتصاد لنهبه وتشريد العمال وإفقار الوطن.

عصر مبارك ،هو زمن صعود الإخوان ،ووصولهم للحكم ،لأن الشعب وجدهم بجوار في الأحياء ،لأنهم ادركوا أن وجود دولة فاسدة تبني شرم الشيخ وتبيع مصانع المحلة ،اكبر فرصة للوصول لحكم دولة عريقة تصدت عبر التاريخ للهمج والهكسوس ،لأن الشعب الواعي هزم الأعداء ،لكن شعبا يسطر عليه الفساد وفي حالة ارتباك بسبب حجاب المرأة ودخول الناس في نفق الخرافات ،لن يستطيع الصمود ،وهذا ما حدث : صعد الإخوان للحكم وأزاحوا مبارك ،الذي قدم لهم مساعدات لا تنكر ،كما فعلوا مع السادات تماما وقتلوه ،لما فعل من اجلهم .

وفاة مبارك تطرح الدروس ،ومن قبله السادات أن بناء الأوطان بحرية وتنمية. ومنح محجبات مقاعد وزراية دليل على ارتباك ،وترك عبد اله رشدي يهين الأقباط مؤامرة واضحة لتفكيك مصر، وهي ستظل باقية وقادرة على تلمس طريق الحق ،وهو في تنمية وتصنيع وتعليم ،والأهم حرية النساء في بناء الوطن الحر الكريم بلا فقهاء الظلام وبلا تعاليم الشعراوي التي دفعتنا سنوات للوراء ،وكنا على رأس الدول المتحضرةبعلم طه حسين وغناء أم كلثوم

.علينا العودة لزمن بناء المصانع ومنع هذا الحجاب والنقاب الأسود ،لأن نساء مصر هن العفة والوطنية والأجتهاد لبناء هذا الوطن العظيم والمحافظة على أمنه وكيانه.