يقتحم فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" حياة الأسر ليشتتها ويفرق الأحباء عن بعضهم، فتارة يأخذ منهم مريضًا، وأخرى يكتب فيها نهاية حياة أحدهم، وبين هذا وذاك يترك وراءهم قلوبًا يمزقها الحزن والخوف على ذويهم أثناء فترة العلاج من الفيروس القاتل الذى لا يرحم أحد، وبينما يتفشى الفيروس التاجى بيننا بخبث حاصدًا الأرواح لا يزال البعض منا يتعامل مع الجائحة باستهتار وعدم اكتراث حتى يدق الخطر بابه فيدرك أن تجاهله للتعليمات والتحذيرات كان خطأً جسيمًا لا يغتفر.
لكن فيروس كورونا لا يفرق بين ملتزم بالتعليمات والتحذيرات الطبية وغير الملتزم، فالمرض القاتل يحصد الأرواح ويصيب الآلاف دون تمييز، وهذا ما حدث مع أسرة عمر سمرة أول مصرى وأصغر عربى يصعد إلى جبل إفرست، حيث فقد والدته نانى صالح مؤسسة جمعية "الحق فى الحياة"، شقيقته رانيا، بعد إصابتها وشقيقتها ياسمين، بفيروس كورونا المستجد، وبعد هذه الفاجعة، خرج عمر لمتابعيه عبر حسابه الشخصى على موقع "فيس بوك"، ليروى لهم مأساة الأسرة فى فقيدتها، وليحذرهم من التمادى فى الاستهتار بالمرض الخبيث.
 
ويقول عمر سمرة فى تدوينته: "مع قلب مُثقل للغاية إننى أعلن وفاة أختى رانيا، أمس، الأول من يونيو.. وما يجعل هذا صعبًا بشكل خاص هو أننى لم أرها لمدة 3 أشهر بسبب الحجر الصحى، ولم أتمكن من التواجد معها فى لحظاتها الأخيرة.. كان يشتبه فى أن وفاتها كانت COVID-19.. وأعلم أن قصتى ليست جديدة، إنها حقيقة عشرات الآلاف حول العالم، لكننى أريد أن أغتنم هذه الفرصة لتسليط الضوء على نقطتين مهمتين قبل أن أشارك معكم المزيد عنها وما تعنيه بالنسبة لى".
 
وأضاف: "فى اليومين الماضيين قبل وفاتها، لم نتمكن من العثور على سرير مستشفى واحد لها.. قيل لنا أن ذوى الاحتياجات الخاصة، ولا سيما ذوى الإعاقة العقلية الشديدة يحتاجون للعلاج فى المنزل.. وعدم السماح لمقدمى الرعاية المدربين بالدخول إليها.. لا أعرف ما إذا كان المستشفى سينقذ حياتها أم لا؟!، ولكنى أعلم أنه كان ينبغى عليها الحصول على رعاية أفضل، وكان يجب توفير الدواء بسهولة أكبر.. عار على كل شخص يستفيد من بؤس الآخرين ببيع الأدوية وأسرة المستشفيات بمضاعفات سعرها الأصلى.. يجب أن يعاقبوا إلى أقصى حد بالقانون.. علاوة على ذلك، يجب على الحكومة أن تضع على الفور بروتوكولات فريدة لقضايا ذوى الاحتياجات الخاصة.. ويجب تخصيص المستشفيات لذوى الاحتياجات الخاصة، ويجب أن يكون هناك مقدمو رعاية مدربون، وأن يُسمح لهم بدعمهم.. فحياتهم مهمة مثل أى شخص".
 
وتابع: "ثانيًا، كل شخص أخذ هذا الفيروس باستخفاف، وخاصة أولئك الذين قضوا الأيام القليلة الماضية فى الاحتفال أو تجاهل جميع التعليمات الحكومية بشكل صارخ، يجب أن تخجلوا من أنفسكم.. نحن جميعا فى هذا معًا.. لست حرًا فى اختيار ما يجب فعله عندما تكون حياة الآخرين معرضة للخطر.. الحرية حق مكتسب عندما يمكنك ممارسة حكم جيد والتصرف بمسؤولية.. ومع ارتفاع الحالات فى مصر على مستويات أسية، لا يمكننا ببساطة فتح البلاد.. وهناك حاجة إلى مزيد من ضبط النفس".
 
ولفت: "كانت رانيا أكبر أبنائنا الأربعة.. أنا الشخص الذى أنا عليه اليوم بسبب ما علمته لى حياتها.. عندما كبرت، رأيت كيف ينظر إليها الناس بشكل مختلف.. وفى أحسن الأحوال شعروا بالأسف لها وللى، وعادة ما يشعرون بالخوف أو التشويه.. ولهذا السبب، رانيا، علمتنى ألا أكون متحيزًا أبدًا، وأن أنظر دائمًا بعمق فى قلوب الناس وأرواحهم، ولا أحكم أبدًا على كتاب من غلافه.. وفى سن المراهقة، لم يُسمح لى فى الغالب بالخروج مع أصدقائى، ولكن بقيت فى المنزل لرعاية أخواتى.. كنت صغيرا جدا على الفهم وكثيرا ما اشتكت، ولكن عندما كبرت أدركت كم نعمة ستكون هناك لك.. لقد علمتنى المسؤولية وكيفية تقديم التضحيات من أجل الآخرين". 
 
وأوضح: "بينما أكتب هذا، ما زالت أختى الصغيرة ياسمين مريضة بـ COVID-19.. حالتها مستقرة، ولكن إذا كنت أعلم أى شىء عن هذا الفيروس، فهذا يعنى أنها السفينة الدوارة.. يرجى الانضمام إلىّ فى الصلاة من أجل سلامتها وتعافيها.. الكثير من الحب للجميع، يرجى توخى الحذر والبقاء فى أمان".