محمد حسين يونس
الاستاذ امين هويدى في كتابه " الفرص الضائعة " كتب عن دور القوات الجوية في حرب 73 صفحة 373 وما بعدها ما يلي :-
((قيل الكثير عن عيوب الطائرات المتاحة وقيل الكثير عن مستوى تدريب الطيارين مما وضع قيدا علي تحركنا نحو الشرق ـ كما يزعم البعض ـ ولكني اعتقد أن الطريقة التقليدية الحذرة التي خلت من الابداع أو الخلق في استخدام القوات الجوية هي السبب الاساسي الذى جعل العائد قليلا غير ملموس ))

((فلنأخذ مثلا ما تردد عن الضربة الجوية التي افتـُتحَت بها الحرب والغرض منها . كان التأثير علي المجهود الحربي المعادى في الايام التالية للحرب ..هذا لم يتحقق بالقطع بل ومن المستحيل ان يتحقق بالاسلوب الذى تم به استخدام القوات الجوية)).

في مكان آخر من الكتاب اورد المؤلف ما قاله الجنرال (افراهام ادان) قائد المحور الشمالي عن هذه الضربة، وانه اندهش من الحصيلة المحدودة لها ذاكرا بالتفصل الاضرار التي سببتها ثم يعلق المؤلف

((فاذا قارنا هذه النتائج المتواضعة جدا بالغرض من الضربة وهو توجيه ضربة جوية مركزة ضد مطارات العدو في سيناء ومراكز قيادته ومحطات الرادار والاعاقة الالكترونية ومواقع الهوك لوصلنا الي نتيجة واضحة و هي ان الضربه فشلت في تحقيق الغرض منها علي الرغم من انها تمت بمائتي طائرة انطلقت من اكثر من 20 قاعدة جوية ومطار في مختلف انحاء الجمهورية وقد استغرقت عشرين دقيقة )).

(( كان استخدام 200 طائرة بهذا الشكل عملا اقرب الي اعمال المدفعية طويلة المدى منه الي عمل القوات الجويه ))!!
(( اكتفت طائراتنا بالقيام بعمليات محدودة))
(( وفي تقديرنا انه كان من الممكن الاستغناء عنها كليا طالما استخدمت بالصورة المبتورة هذذه )) .
الطائرات خزنت بعد ذلك والغيت الضربة الثانية ولم تظهر القوات الجوية الا لماما

((لم يستغل المصريون امكانيات الميج 21 التي هي اقل تعقيدا ولا تحتاج الي خبرة كبيرة بالمقارنة بالميراج التي لو كانت بايديهم لاصبحت هي الاخرى قطعة من الخردة بعد زمن قصير )).

(( قاتل الطيارون قتالا باسلا اعترف به الاعداء والاصدقاء ولو ان هذا الجهد الذى لا يمكن ان يُنسي وهذه التضحيات الغالية التي سوف نذكرها علي مر الايام بُذلت في اطار خطط حربية جيدة وتحت قيادة جسورة غير مترددة لكانت النتيجة افضل كثيرا ولتغير مجرى التاريخ )).

(( ولكن العيب الاكبر كان في القيادة التي لم تستغل الامكانيات الكبيرة المتاحة في اطار تخطيط سليم وتنفيذ جسور كل هذه الامور تجعلنا نتسائل عن استراتيجية القوات الجوية المصرية اثناء حرب اكتوبر وهل كانت موجوده اصلا ))!! .

كاتب الكلمات السابقه كان رئيسا للمخابرات العامة 1967بعد الهزيمة ثم وزيرا للحربية اى أنه يفهم ما يكتب .

لقد كان لدى السيد اللواء محمد حسني مبارك امكانيات كبيره وطيارين باسلين ولكنه لم يستغل هذا .. سواء في العشرين دقيقة الأولى التي امتلك بها حكم مصر والمصريين للابد أو اثناء المعركة التي خرج منها فور بدء القتال ولم يقدم ما يجعله دونا عن غيره البطل الاوحد سواء في تدريب قواته او استغلال الامكانيات المتاحة التى بيده ، او حتي صيانة طائراته او تقديم خطط حربية مناسبة او طلعات جسورة بحيث يكتب السيد هويدى انه (( كان من الممكن الاستغناء عن القوات الجوية تحت قياده سيادته )) ، في الحق عبد العاطي صائد الدبابات احق بلقب بطل الحرب هذا

السيد الرئيس الذى البسه المنافقون واصحاب العقول المحدودة ثوب البطولة و جعلوا منه ديكتاتورا لم يقدم لمصر وهو ضابط ما يجعله متمسكا بحكمها لثلاث عقود ...وكان هناك من ادوا ادوارا اكثر فاعلية ثم تواروا بعزة نفس ودون ضجة مثل مدير سلاح المهندسين الذى عبر بالجيوش وأمّنها او رئيس الاركان او سلاح المدرعات ومع ذلك لم يحظ هؤلاء القادة بعشر معشار ما حصل عليه سيادته وعائلته الكريمة ..

عندما يموت الديكتاتور علي فراشه بحكم الشيخوخة فمعني هذا أن الشعب الثائر قد فشل .

سيدى الرئيس لم تكن بطل حرب .. و لا رجل دولة قادر علي التغيير .

من يتصور أن مظاهرات يناير وفبراير 2011 كانت سببا في إزاحة الرئيس مبارك عن عرش إستمر لثلاثين سنة .. واهم .. لقد فشل في تحقيق مخططات صندوق النقد و البنك الدولي .. و طمأنة إسرائيل علي قيام سلام و تبادل مصالح .. فقرروا في واشنطن إزاحته .. و عندما قال أوبما (( الأن تعني الأن )) تنازل سيادته عن المنصب .. و ترك الأمر لمن يستطيعون تحقيق الإنتقالة الإقتصادية .. المزعومة .. و يمهد لسلام دائم و مستقر مع الجارة الشرقية إسرائيل .

عندما اختار الرئيس السادات الرئيس مبارك ليصبح نائبه قوبل هذا بدهشة بين ضباط الجيش فالذين يعرفونه ويعرفون امكانياته من المعاشرة اليومية، يعلمون أنه لم يكن الافضل بين قادة حرب اكتوبر ولم يكن الاكثر ذكاء أو مرونة ولم يعرف عنه انه الاكثر علما بالفنون العسكرية وفي نفس الوقت كانت هناك تحفظات عديدة علي الدور الذى قام به في الحرب.

يذكر البعض من الضباط المخضرمين أنه كان مندوب القوات الجوية في اللجنة المشكلة لدراسة انتاج طيارة بدون طيار، وكان الجميع اذا ما هلّ عليهم في الاجتماع يبتسمون أو يتأففون قائلين (...) جاء ولقد استطاع (...) ان يدمر المشروع بأسئلته غير المنطقية وتحفظاته البيروقراطية وعدم قدرته علي التخيل او تطوير اساليبه في تفهم العناصر المتشابكة في المشروع.

ما السبب في هذا هل هو الحظ ام الصدف ام اختيار السادات لخليفة يحكم مصر لاضعاف مدة حكمه.
بعد هزيمة 67 ورحيل عبد الناصر استلم السادات بلدا مدمرا على المستوى العسكرى والسياسى والاجتماعى والاقتصادى ، ولم يكن أمامه بهذه الامكانيات المحدودة، الا تغيير الخط الناصرى والارتماء فى احضان امريكا واسرائيل والسعودية .

فى ذلك الزمن كان الخروج عن النص الذى وضعه عبد الناصر ، جريمة فى نظر المصريين ، فلقد حارب عبد الناصر ثلاثتهم وبضراوة طوال مدة حكمه ، وكان مفكرى مصر وشبابها ورجال القوات المسلحة يأبون جميعا الاستسلام لهذا الانحراف الا سيادة اللواء محمد حسنى مبارك الذى أظهر ولاء وطاعة للقيادة السياسية ، أملا فى ان يصبح فى النهاية سفيرا لمصر فى أمريكا.

وهكذا تم تصفية أغلب أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر ، سواءً بالمنع او التجميد أو حتى القتل ، وبقى من وافق على سياسة السادات الخاصة بالذهاب الى القدس ومعاهدة كامب ديفيد وماتم بعدهما.

نائب الرئيس مبارك قال : " الريس يعلمنى ويدربنى " لقد كان يعلمه كيف يحافظ على علاقات التبعية لأمريكا ولا يعادى اسرائيل ويستسلم لمشايخ السعودية ، ويحافظ علي كل ما ابتكره السادات بعد هزيمة مرة للناصرية ،و كيف يكون ديكتاتورا يجمع كل السلطات بين يدية .... وكان نعم التلميذ ، فمع اغتيال السادات كان من الممكن لخطه ان يندثر وتعود مصر الى موقفها القومى الناصرى .

وساد الرعب فى البيت الأبيض والقدس ، ولكن لم يستمر هذا كثيرا فالرئيس الجديد كان لديه من القدرات على تثبيت المجتمع وجعله ساكنا عن طريق أجهزة امن قوية ومتضخمة شديدة البغى على الشعب مما أوقف تطوره

السيد الرئيس عندما بدأ حكمه لمصر ، كان يرى انها فترة واحدة انتقالية ، ولكن الدعم الأمريكى الاسرائيلى السعودى ، أبقاه ديكتاتورا لثلاثين سنة أمينا وحافظا لتراث السادات .

سيادة الرئيس أدار مصر بنفس طريقة إدارته للقوات الجوية ، لا ابداع لا خلق لا جسارة لا تطوير .. وترك الأمور تسير بالدفع الذاتى ، فتدهور المجتمع وانهار الاقتصاد وسقط المصريون صرعى لغيلان الانفتاح أو الأمن أو الدجل الاستهلاكى الذى تفرضه أجهزة الاعلام الموجهة... فضلا عن خداع اللصوص و السماسرة و الفاسدين .

وهكذا عندما كان سيادته يذهب لزيارة رئيس أمريكى ( وهم كثر ) كان يمر اولا على موظف فى جهاز المخابرات الامريكية ، ثم موظف فى وزارة الخارجية ، يقدم لهما تقاريره ، قبل أن يقابل وزير الخارجية ثم وسيادة الرئيس الأمريكى لفترة تكفي لالتقاط الصور التذكارية ..

مصر فى عهد سيادته أصبحت دولة من دول التبعية الأمريكية الاسرائيلية ، ولهذا جاء حماسهم فى الدفاع عنه متسقا مع مصالحهم وداعما بحيث لم يسقط مثل بن على أو القذافي .

سيادة الرئيس أنا آسف حضرتك لست بطلا للحرب أو السلام ، حضرتك كنت دائما موظف لدى السادات ثم لدى الرؤساء الامريكيون المتتالين ...و تم تغييرك و إحلالك بأخرين بعد أن فشلت في إستكمال مهمة التبعية الإقتصادية .. لتموت علي فراشك بحكم الشيخوخة مؤمنا بواسطة رجالك الذين تلوك في حكم البلاد ..من غضب الناس .. و ثورتهم .. و عقابهم ..

.. هل تحسن الموقف بعد تغيير الوجوه .. نحن نعلم من نتائج الإنجازات التي تمت أن نظام السادات – مبارك قد غير الوجوه فقط وبقي علي حاله بل إنتصر في المواجهه مع الراديكاليين ..وأتي بمن يستطيع تنفيذ برامج الإصلاح الإقتصادى المملاه من صندوق النقد و داعمية.. ليبني المدن و يشق الطرق و الأنفاق و يقيم الكبارى و يزايد علي أسعار ناطحات السحاب . و يكتم الأصوات و الأنفاس .. و يغير من الدستور ليعيد سيرة النموذج المباركى و سنين حكمة الطويلة .و يعلن الحداد علي وفاته ..و يشيعه لمثواة الأخير بجنازة عسكرية