هاني صبري – المحامي

في ظل ارتفاع نسب الإصابة بجائحة فيروس كورونا المستجد أو "كوفيد-19" وانتشاره في ما يقرب من 170 دولة وحوالي ثلاثة مليار إنسان ممنوعين من التجول حول العالم مما أدي إلي تفاقم الأزمات العالمية ، كما قدم لنا النظام العالمي بوجهه العاجز عن إيجاد حلول ، بل جعل العالم في حالة من الذهول والتساؤلات ماذا حدث هل فيروس لا يري بالعين المجردة يهدد العالم بأكمله؟!.
 
وخرج مسؤولين الدول الأقوى ليعترفوا صراحة بشراسة الفيروس وتفشيه فى بلادهم ، ويتسألون أين الأنظمة الصحية ؟! وكيف انهارت أسوار المناعة أمام هذا الفيروس حتى باتت معظم الدول  "مكشوفة" أمام المرض القاتل ؟
 
وباتت أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية الآن بؤر لتفشي وباء فيروس كورونا المستجد، من حَيْث عدد حالات الوفيات وعدد الإصابات وهى الأكثر من بقية العالم مجتمعة بإستثناء الصين.
 
كما أصبحت دولة كإيطاليا أكبر بؤرة لانتشار الفيروس في أوروبا، وأعلى حصيلة لعدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورنا المستجد في العالم ، وتليها إسبانيا ثم فرنسا وألمانيا وبريطانيا ويرجع ذلك لعدة عوامل من أبرزها ارتفاع متوسط الأعمار والنظام الصحي حيث جاءت معدل الوفيات أعلى بكثير في الدول التي تعتبر شعوبها أكبر سنا، منه في الدول الأكثر شبابا ، وبالتالي فمن المنطقي أن يكون عدد الوفيات بين المصابين به أعلى في إيطاليا منه في دول أخرى، إذ إن سكان هذا البلد هم الأكثر تقدماً في السن في العالم بعد اليابان ، فهناك ترابط قوي بين الديموغرافيا ( علم السكان ) ومعدل الوفيات في ما يتعلق بفيروس كورونا المستجد. 
 
وأمام تلك الإعداد التي تتضاعف يومياً بشكل مخيف تجري عمليات المراقبة على الحدود بين الدول رداً على الانتشار السريع للفيروس.
 
لذا يجب أن تكون تدابير التصدي التي حددتها الدول مبنية على "الفصل الاجتماعي" بل على مقاربة شاملة تقوم على فحص جميع حاملي الفيروس والبحث عمن اختلطوا بهم ووضعهم في الحجر، لكسر سلاسل انتقال فيروس كورونا.
 
 ونظراً لعدم وجود علاج للفيروس حتي الآن يجب اتخاذ تدابير الابتعاد الاجتماعي الرامية إلى إبطاء انتشار الفيروس ، حيث ثبت أن المسافات الاجتماعية تعمل على إيقاف معدل العدوى ، وحان الوقت لنا جميعا أن نجتمع معا ونبذل كل ما بوسعنا للمحافظة علي بَعضُنَا البعض ونبقي ملتزمين في منازلنا.
 
في نفس السياق ، حظيت الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها مصر بالثناء الدولي لحماية شعبها من الوباء ، بل أن مصر تسبق العديد من الدول المتقدمة التي ربما لم تستوعب حجم الأزمة حتى الآن ، حيث شملت سياسة رصد " صارمة " للحالات بفضل الفحوص وتتبع المخالطين للمصابين والفصل الاجتماعي وتعبئة السكان ، ما سمح بتجنب العدوى وإنقاذ الأرواح.
 
أن فَيْروس كورونا المستجد وضع العالم برمته أمام ت حديات مصيرية ، من ينجح ومن يسقط في مواجهة التحديات ، وأي منظومة قيم ستسود، فقد أعادت الجائحة تقييم الحكومات والقوى المهيمنة والأولويات. 
 
حيث يشهد الاقتصاد العالمي أزمة بمستوى أشد من الأزمات السابقة ومن المظاهر الأولية لذلك الدخول في ركود اقتصادي آخذ بالتعمق طالما لم يتم قطع الطريق على انتشار الـ"كورونا". وكلما طال أمد المرض وازداد انتشاراً تعمقت الأزمة.
 
كما أن النظام الصحي فى العالم شهد مستوى متفاوتاً من الانهيار والعجز بدءا من غياب أو ضعف تدابير السلامة العامة ، مروراً بنقص الأدوات كأجهزة التنفس الصناعي والكمامات ونقص في وحدات الاختبار وغرف العناية الفائقة والمعقمات والأقنعة، فضلاً عن تأخر الإجراءات الوقائية، وتأخر اكتشاف العلاج الذي يستغرق وقتا طويلاً.
 
ونري إن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحًا لأن تنسق الدول الجهود فيما بينها لمواجهة تكلفة هذه الأزمة على المستوى الأهم والأكثر تكلفة، وهو المستوى الإنساني.
 
في تقديري عندما تنجح دولة بإبداع أساليب وتكنولوجيا متطورة ومنظومة قيم إنسانية في الفوز على تحدي الكورونا ربما يعيد تشكيل النظام العالمي ، وأن قطعت الصين شوطاً في المواجهة ولكن تنقصها منظومة القيم الإنسانية ، وبعد انتهاء فيروس كورونا نتوقع قيام بعض الكتاب والفلاسفة بتأسيس نظريات ومفاهيم جديدة سيكون لها تأثير إيجابي علي العالم.
 
 نأمل سرعة التوصل لعلاج لهذا الفيروس المدمر في أقرب وقت ، وأن يعم السلام والاستقرار والصحة والعافية علي شعوب العالم أجمع.