كتبت – أماني موسى
قال الطبيب النفسي د. محمد طه، أن الأزمات بشكل عام تغير نفسيًا من الإنسان، وأزمة وباء كورونا جعلت العالم كله على الشيزلونج، وهناك قاعدة نفسية في الطب النفسي تقول بأن أي أزمة الشخص يخرج منها إما أحسن أو أحسن، لكن يرجع زي الأول مستحيل.

وأضاف في لقاءه مع الإعلامي عمرو عبد الحميد'> عمرو عبد الحميد، ببرنامج "رأي عام" فقرة شيزلونج، عبر قناة TEN، هناك اضطراب شهير في الطب النفسي يسمى "اضطراب ما بعد الصدمة"، وأناس كثيرين أصيبوا به في مصر عقب زلزال 1992، وأصيب به الأمريكيون عقب حادثة برجي التجارة العالمية، وكذلك الجنود يصابون به عقب المشاركة في الحروب، ورؤية ويلات الحروب والقتلى والمصابين.

سيصاب الجميع باضطراب ما بعد الصدمة
وهناك اضطراب تغير دائم في الشخصية عقب الوقوع في أزمة كبيرة جدًا كالإصابة بمرض مزمن خطير، فتجد شخصيته بعد المرض أصبحت وكأنه شخص آخر، فالأزمات تؤثر في شخصياتنا وأفكارنا، وهناك أشخاص تجعلهم الأزمة أقوى أو تكشف منهم جوانب إيجابية، يتعرفون أكثر إلى أنفسهم في وقت الأزمات، وهناك أزمات تجعل من الأشخاص أشخاص أكثر واقعية، لأن الأزمة تضع الشخص في مواجهة مع الواقع، وهذا من ضمن فوائد الأزمات، وكل شخص وشطارته هل سيتكيف مع الواقع ويتوصل لنتائج جديدة، أم سيعيش في حالة إنكار للواقع وللأزمة.

أزمة كورونا ستترك أعمق الآثار النفسية لكونها مرتبطة بأعمق مستويات الخوف وهو الخوف من العدم
وشدد بأن كل الأزمات سواء عاطفية أو مرضية أو شخصية تؤثر في شخصياتنا، ولكن كلما كانت الأزمة مرتبطة بالحياة والموت يكون تأثيرها أقوى وأعمق، والمفارقة أننا نتغير بالأزمات والأحداث السيئة أكثر من تغيرنا بالأحداث الإيجابية والجيدة.

مشيرًا إلى أن أزمة وباء كورونا لم تحدث ولم نر مثيلتها حتى وقت الثورات والفوضى والمخاوف، وأزمة كورونا هي أزمة وجودية لأنها جعلت كل شخص فينا في مواجهة مباشرة مع الحياة والخوف والمرض والفقد والوحدة، وجميعها معاني وجودية، وهذه الأزمة حركت بداخلنا الخوف من الفقد، والخوف من الموت، والأزمة الحالية تحرك بداخلنا المستوى الأعمق من مستويات الخوف وهو الخوف من العدم، أي الموت وأن الشخص يتحول إلى عدم ووجوده في هذه الحياة يفنى.

أزمة كورونا أوقفت النمط التدميري المخرب للإنسان ضد الطبيعة
وأردف، أن أزمة كورونا أثرت حتى في الكون والطبيعة، فبعد أن كان الإنسان عابث بالطبيعة وغارق في الحياة الاستهلاكية وعوادم السيارات وزيادة ثقب الأوزون، جاءت هذه الأزمة لتوقف هذا النمط التدميري المخرب، وكأنها دعوة للبشر لإعادة سلوكياتهم تجاه الطبيعة وتعديلها.

أزواج حبوا بعض وأزواج تنافروا وتأكدوا من عدم قدرتهم على العيش سويًا
مستطردًا، أزمة كورونا هي فرصة من الله لنا لإعادة التفكير، فبعض الآباء والأمهات تعرفوا إلى أولادهم أكثر، وأزواج وزوجات تقربوا إلى بعض أكثر بينما اكتشف البعض الآخر أنهم غير قادرين على العيش سويًا، وأن بينهما تنافر وتباعد في الطباع واليوميات.

أزمة كورونا والتخلص من عقدة الخواجة
مشيرًا إلى أن أزمة كورونا جعلت البعض يتخلص من عقدة الخواجة، بعدما رأوا انهيار إمبراطوريات اقتصادية وصحية لدى الغرب، بعدما كان لدى الكثيرين صورة ذهنية عن الغرب بأنه الجنة، كسويسرا ونيويورك وغيرها، وأتمنى أن هذه الأزمة تجعلنا نفهم أنه مفيش دولة عالم أول وعالم تالت، فمصر واجهت الأمر بخطوات استباقية رائعة وغير مسبوقة وهو دة التقدم الحقيقي.
وشدد أن أزمة كورونا ستجعل البعض أفضل وستجعل البعض الآخر أسوأ.

ولفت إلى أن الفراغ الذي يعانيه الكثيرين نتيجة الحجر الصحي حول العالم، جعلنا نمر بمشاعر كثيرة ومضطربة على مدار اليوم، وكذا جعلنا في مواجهة مع حقائق نخشاها، كالموت والفقد والمرض، كل شخص يقف قدام مرايا نفسه ويسأل نفسه "هو أنا الجري اللي عمال أجريه واضطريت أوقفه دلوقتي وصلني لغاية فين؟ أنا بكسب ولا بخسر؟".

وهناك تمرين في الطب النفسي، تخيل وأنت داخل بيتك أنك هتقلع نجاحك وشغلك وعلاقاتك –وهو ما يحدث الآن بالفعل-، أنك تقلع ما تعتبره وجودك، وتسأل نفسك: ما هو الأثر الذي تركته ورائي؟ بماذا يتذكرني الناس؟ ولذا ما يجري الآن هو اختبار إنساني وجودي عميق جدًا.

الكثير من قصص الحب ستنشأ الآن وتفشل لأننا لسنا في الحالة النفسية الطبيعية
وتابع، أثناء الفراغ تصبح المشاعر في حالة تلكيك، فتجد أن بعض المشاعر وقصص الحب تنشأ في ظروف الأزمات والفراغ، لأن مشاعرنا تكون ملتهبة، وأحب أبشركم أن العلاقات التي تنشأ في الأزمات والفراغ غالبًا لا تكتمل، لأننا الآن لسنا في الحالة النفسية الطبيعية، جميعنا يبحث عن الدفء، الأمان، الحب، الاهتمام، ولذا يلجأ البعض لإيجاد مشاعر تسدد هذه الاحتياجات بشكل مؤقت وبعد أن نعود لحالتنا النفسية الطبيعية ويومنا الطبيعي لن يستمر الوضع هكذا