أزمة كبيرة يواجهها سكان الكرة الأرضية بعدما تفشى فيروس كورونا المستجد وتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح وإصابة أكثر من 4 ملايين شخص، ولا يزال الفيروس التاجي يحير العلماء إذ تظهر كل يوم أعراض جديدة على المصابين به على نحو يجعلهم غير قادرين على فهمه.

 
وفي أحدث أعراض فيروس كورونا، جرى رصد مرض جديد يهاجم ضحايا كورونا، يدعى "عاصفة السيتوكين" ينتج عن مهاجمة الخلايا المناعية لنفسها بدلا من أن تهاجم الفيروس فتهاجم الرئتان نفسهما بدلا من أن تحميهما.
 
ويتزامن ذلك مع حدوث تسرب في الأوعية الدموية وتجلط للدم، كما ينخفض ضغط الدم، وتبدأ أجهزة الجسم الفشل في أداء وظائفها، وتعرف هذة الحالة باسم رد الفعل المناعي، حيث يهاجم الجسم نفسه بدلا من العدوى، وفقا لموقع "بي بي سي" البريطاني.
 
وأوضح العلماء أن تزايد عدد بروتينات "السيتوكين"، المسؤولة عن زيادة النشاط المناعي للخلايا، على نحو يفوق المعدلات الطبيعية، قد يجعل جهاز المناعة عاجزا عن السيطرة عليها أو وقفها، وفي تلك الحالة، تنتشر هذه البروتينات في أماكن مختلفة من الجسم، وليس فقط في المناطق المصابة بالعدوى فيه، وتبدأ في مهاجمة الخلايا السليمة، والتهام كرات الدم البيضاء والحمراء، وتدمير الكبد، فيما يعرف باسم "عاصفة السيتوكين".
 
وفي ذلك الوقت، تُفتح جدران الأوعية الدموية للسماح للخلايا المناعية، بالدخول للأنسجة المحيطة، لكن هذه الأوعية تشهد تسربا شديدا لما بداخلها، إلى حد قد يؤدي إلى أن تُغمر الرئتان بالسوائل، وينخفض ضغط الدم.
 
بجانب ذلك، تتكون جلطات دموية في مختلف أنحاء الجسم، ما يفضي إلى انسداد مجرى الدم بشكل أكبر، وعندما تعاني أجهزة جسم شخص ما، من عدم وصول كميات كافية من الدم إليها، قد يُصاب هذا الشخص بصدمة، ما يهدد بحدوث تلف دائم لهذا العضو أو ذاك، أو يفضي حتى إلى الوفاة.
 
وقال راندي كرون، أخصائي أمراض الروماتيزم والمناعة لدى الأطفال في جامعة آلاباما في برمنغهام، إن غالبية المرضى الذين يعانون من متلازمة "عاصفة السيتوكين"، يشعرون بارتفاع كبير في درجة الحرارة، كما يواجه نصفهم تقريبا بعض الأعراض المرضية التي تصيب الجهاز العصبي، مثل الصداع ونوبات الغياب عن الوعي، وحتى الغيبوبة.
 
أعراض متلازمة عاصفة السيتوكين 
هناك أعراض مبكرة تنذر بالإصابة بعواصف السيتوكين والتي تجعل الخلايا المناعية تهاجم أجزة الجسم بدلا من أن تحميها، ومن بين هذه الأعراض ارتفاع مستوى بروتين الفيريتين في الدم، وكذلك تزايد مستويات ما يُعرف بـ "البروتين المتفاعل-سي" الذي يفزره الكبد، ويشكل وجوده مؤشرا على حدوث التهابات.
 
ورصد أطباء متخصصون في المناعة في مدينة خفي الصينية، وجود مستويات عالية من الخلايا المناعية النشطة المُدمرة التي تفرز "سيتوكينات" خطرة، في دماء مرضى كورونا تطلبت حالاتهم، وضعهم في غرف العناية المركزة.
 
وقال روبرتو كاريكيو، رئيس قسم الأمراض الروماتيزمية في جامعة تيمبل بولاية فيلاديلفيا، إن المؤشرات المتعلقة بحدوث متلازمة "عاصفة السيتوكين"، ظهرت بالفعل على نسبة كبيرة - قد تتراوح بين 20 في المئة إلى 30 في المئة - من المرضى، الذين عانوا بشدة من (كوفيد – 19)، وظهرت عليهم أعراض مرضية في الرئتين.
 
وأكد "كرون" أن بعض المرضى لديهم  تحورات في جين في الجسم يسبب خللا في التعامل مع ما يعرف بـ"النفايات الخلوية"، ما يعطل عمل بروتين بيرفورين، ويمنع الخلايا المناعية من التعامل بكفاءة مع الفيروسات الغازية.
 
 علاج متلازمة السيتوكين 
يجب إعطاء المرضى مركبات عضوية منشطة تعرف باسم "الستيرويد"، والتي تعمل على تثبيت جهاز المناعة وبالتالي تهدئة رد الفعل العنيف لديه الناتج عن الإصابة بعواصف السيتوكين، وتجنب المساس بالخلايا المناعية السلمية، إذ تقضي على الخلايا المناعية التي أصيبت بتدفق بروتين السيتوكين فقط.
 
ومن بين هذه العقاقير الدوائية، "آناكينرا"، الذي يُمثل نسخة مُعدلة من بروتين يُفرز في جسم الإنسان بشكل طبيعي، ويثبط مستقبلات "سيتوكين" يُعرف باسم "أي إلي-1".
 
وقد أقرت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، استخدام هذا العقار لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي والالتهاب متعدد الأجهزة لدى الرضع والأطفال. كما سُمِحَ باستخدام عقار آخر يحمل اسم "غاميفينت"، من جانب من لديهم استعداد وراثي، للإصابة بمتلازمة "عاصفة السيتوكين".
 
وتشير أدلة أولية ظهرت في الصين كذلك، إلى أن استخدام جزيء بروتيني طوّر في المختبر ويحمل اسم "توسيليزوماب"، يمكن أن يكون مفيدا بالنسبة للمصابين بـ (كوفيد – 19).
 
فقد يعوق هذا الجزيء مُستقبلات "سيتوكين" يُعرف بـ "أي إل-6"، ما يؤدي لمنع الخلايا من استقبال الرسائل الموجهة منه. ويُستخدم الـ "توسيليزوماب" عادة لمعالجة التهاب المفاصل والتخفيف من أعراض متلازمة "عاصفة السيتوكين"، لدى مرضى السرطان ممن يتلقون علاجا مناعيا.