يُطالعنا بيان الإحصائيات اليومية الرسمية بعدد الحالات الموثقة التي ثبت إصابتها وتأكد بإجراء تحليل الفيروس أنها «إيجابية» وليس كل الحالات المصابة والمنتشرة في المجتمع، وللإجابة على سؤال إلى أين نحن ذاهبون مع فيروس تحطيم الأرقام؟ يجب استعراض تاريخ وباء كورونا منذ بدء التوثيق على مستوى العالم، حيث تجاوزت عدد الحالات 7 ملايين حالة، منها أكثر من 2 مليون حالة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وإذا أضفنا البرازيل وروسيا فإنها تزداد أكثر من 3 مليون حالة، وإذا أضفنا (أسبانيا / إنجلترا / الهند / إيطاليا) تتخطى 4 مليون حالة.

 
إذا أضفنا الدول التي تخطى عدد الحالات الموثقة من فيروس كورونا في كل منها مائة ألف حالة مثل بيرو، وألمانيا، وإيران، وتركيا، وفرنسا، وشيلي، والمكسيك، والسعودية، سيكون العدد الإجمالي 5 مليون ونصف مليون حالة، من إجمالي يتعدى 7 مليون حالة موزعة على كل دول العالم، وبالتالي فإن 15 دولة فقط من دول العالم تتخطى عدد الحالات الموثقة فيها ثلاثة أرباع حالات العالم كله.
 
ومن الملاحظ أنه منذ بدء التوثيق العالمي للإصابة بفيروس كورونا في ديسمبر 2019 فإن الزيادة في عدد الحالات على مدى أكثر من شهر ونصف زيادة خطية، وليست أسية على عكس ما هو متوقع في حالات الأوبئة، حيث تم تسجيل المليون الأول في الحالات الموثقة عالميًا في الثاني من إبريل 2020 أي بعد 124 يوم من بداية التوثيق، ثم انتظم معدل الزيادة منذ 2 إبريل حتى نهاية شهر مايو بواقع مليون حالة إضافية كل 12 يوم بالرغم من الزيادة الكبيرة والمضطردة في عدد الحالات، إلا أن معدل الزيادة كان ثابتًا منذ 2 إبريل حتى يوم 20 مايو، بواقع مليون حالة إضافية كل 12 يوم، انتهت إلى تسجيل 4 ملايين حالة في أقل من شهرين.
 
ثتسارعت الوتيره أكثر لنجد تسجيل المليون السادس يوم الجمعة 29 مايو الساعة 10 مساءًا بتوقيت جرينيتش، وذلك قبل انتهاء اليوم العاشر منذ تسجيل المليون الخامس من الحالات، ورغمًا عن التوعية والجهود والحظر، إلا ان هذا لم يحد من معدل الزياده، بل على العكس وصلت يوم الأثنين 7 يونيو- أي بعد 10 أيام فقط من تسجيل المليون السادس- إلى 7 مليون حالة موثقة.
 
لكن هل يستمر الانتشار اللانهائى للفيروس دون توقف؟
 
الإجابة.. لا، من المتوقع ان تهدأ الزيادة، ويقل معدل الحالات المسجلة لانتشار الفيروس، بتغيير المفاهيم، وبمزيد من الوعي الصحي بالتأكيد نصل إلى احتياطات وقائية أكثر كفاءة، بالتزامن مع إعلان منظمة الصحة العالمية في الأيام الأخيرة أن معظم حالات الإصابة البسيطة، والتى بلا أعراض، غالبًا لا تنقل الفيروس، وإذا خرج منها فهو غالبًا غير مُعدى، وقدرتها على نقل العدوى قليلة جدًا، لأن هذه الحالات في نطاق قدرة جهاز المناعة القوى الذي يقاوم الفيروس، ويقتله، ويُحجم أعراضه، بسبب أن كميات الفيروس الصادرة من الشخص قليله جدًا، وضعيفة وغير قادرة على إحداث العدوى.
 
وقد أكد هذا دراسة من هونج كونج، توصلت إلى أن هناك من المصابين بالفيروس، عدد يسمى الناقل الأكبر أو الأعظم للفيروس، أثبتت الدراسة أن 20% فقط من المصابين هم الذين أحدثوا العدوى، وقادرين على نقل العدوى وبدرجة كبيرة، والإصابة منهم تكون خطيرة، ومؤثره. بينما 80% من الحالات لا تنقل المرض أو تنقل الفيروس بنسبة بسيطة وضعيفة. منظمة الصحة العالمية أكدت في توصياتها الأخيرة أن إنتقال الفيروس باللمس، والأسطح الملوثة مُستبعد وقد يحدث في حدود ضيقة جدًا، وأنه في الأصل فيروس تنفسي ينتقل بالرزاز، والمخالطة والتقارب أكثر من أي شئ أخر وهذه هي الوسيله المثبته لانتقال الفيروس حتى الان.
وبناءًا على هذا، ومع انتشار الفيروس في الأجساد البشرية بالصورة المتلاحقة التي رأيناها، وأثبتناها، وتنامى الأعداد، فمن المتوقع أن تقوم المناعة البشرية في المصابين بدورها في إخماد سطوة، وقوة الفيروس وتحجيم آثاره، وهو ما نراه في معظم البلدان الآن، ونجد أن أسبانيا التي كانت منذ شهر ونصف منطقة مئات الوفيات يوميًا تمر عليها أيام بلا وفيات على الإطلاق في الأسبوع الأخير.
 
وبينما تسبب تسارع عدد الحالات، وعدد الوفيات اليومي في إيطاليا والذى كان يقارب أو يزيد عن ألف وفاة يوميًا، الآن يصرح علماؤها أن «الفيروس الموجود بلا أي تأثير سريري» بمعنى أنه أصبح غير قاتل، ويعد الآن أكثر ضعفًا وأقل تدميرًا وفي طريقه إلى زوال. لذا شُفيت إيطاليا من هذا الفيروس، وإلى غير رجعة، كما أن بعض العلماء الفرنسيون أشاروا لنفس الملاحظة، أما ألمانيا والسويد فهم منذ بدايه الجائحة يتبنون منهج السماح بالتعامل والمخالطه المجتمعيه المحسوبه كوسيله لخلق مناعه مجتمعيه ضد الفيروس.
 
ونؤكد أنه لمواجهة انتشار الفيروس فلابد أن يقوم كل شخص بدوره في أخذ الاحتياطات اللازمة واتباع إجراءات الوقاية، واعتبار كل شخص بأنه مصدر عدوى لأن ذلك سيقلل من التقارب الذي ينقل العدوى، مع ضرورة الحرص على التباعد المجتمعي وتجنب التواجد داخل التجمعات أو الأماكن المغلقة سيئة التهوية، وعلينا الالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية، والتي تقوم بإصدار تحديثات لها على مدار الساعة، وعلى مدار الأيام طبقًا لتغير المعتقدات عن هذا الفيروس الحديث الذي تتغير المعلومات الخاصة به بصورة متسارعة.
 
أ.د/ عادل فاروق البيجاوي
استاذ الطب – جامعة القاهرة