د.ماجد عزت إسرائيل

  روز اليوسف مجلـــة أسبوعية بدأ صدورها منذ(26 أكتوبر 1925م)،وهى تنسب للممثلة اللبنانية "روز الـــيوسف"(18897-1958م) التى بدأت حياتها فى مصر ممثلة مسرح ثم تركته،وعملت بالصحافة المصرية واستطاعت إصدار مجــلة سياسية تحمل اسمها، فدخلت فى مصدامات مع الحكومات المصرية،وكانت تنافس جريدة الأهرام اليومية التى تأسست عام 1875م على يد اللبنانيين "بشارة وسليم تكـلا" وإذا جاز لنا التعبير فى عــــداء مستمر مع الأهرام فى ذات الفترة التاريخية. 
 
ومجـلة روز اليوسف للأسف لا تعرف شيئا عن أقباط مصر، أحفاد الفراعنة، وهم ليسوا أقليـــــة طارئة على مصر،بل أن الـدولة استمدت اسمها منهم،وهم أصحاب البلاد الأصليــــون، ويعيشون فى شتى بقاع البلاد إيماناً منهـم بأن الطفل يسوع باركها جميعاً، ويصــل عــددهم نحو ربـع سكان مصر تقريبا، واستطاعــــوا حفظ تــــراثهم الثقافى وتراث مصر منذ عهـد الفـراعنة وحتى يومنا هـذا،بفضل حفــــاظهم على تعلم اللــــغة القبطية، وهى اللغة التى تـأثرت بعد الغزو (الفتح) العربي لمصر في عام (641م)، ولكن للأسف الشديد روز اليوسف تتعــامل مع الأقبــــاط وكأنهم فصيل مثل الإخوان المسلمون أو السلفيين فى مصر أو داعش حالياً بالعراق، على الرغم من أن تاريخ أقــــباط مصر ومشاركتهـــم الوطنية التى تجلت عبر تاريخهم، تثـبت عكس أفكار وسموم روزاليوسف التى تبثها أسبوعا بعد آخر.
 
 عبر تاريخ مجلة روز اليوسف لم تكتب مرة واحده لتنصف الأقباط فى مصر، أو تتحدث عن مشاكلهم أو كـنائسهم التى بلغت نحو (104) دير وكنيسة ومؤسسة خدميه حرقتها الجماعات الإرهــــابية بعد نهبها وسلبها،أوتتحدث عن الإبادة والتهجير القسرى وحالات الخطف وإزدراء الأديان التى يتعرض لها الأقباط فى مصر،كما أنها لم تندد بعدم إلتحاق الأقباط بالوظائف والمناصب السيادية بالدولة،ولم تترك الأقباط فى مصائبهم وحالتهم بل دائما ما تقوم باختراق الكنيسة القبطية.
 
 وحتى تتضح الصور التى تسير عليه سياسية مجلــة روز اليوسف تجاه الأقباط، لأبد لنا من ذكر العديد من الأمثلة دون الدخول فى التفاصيل منها على سبيل المثال مشكـــلة الــبابا "شنودة الثالث" البطريرك رقم (117) (1971-2012م) والأب القـــــديس "مــــتى المسكين"(1919-2006م) ، وذات البطريرك والرئيس الراحل "محـــمد أنور السادات"(1970-1981م)، وكذلك مع موضوع "ماكس ميشيل" الذى ادعى البابوية ورسم أساقفة له وهو علمانى ! (لابد أن تشير إلى هذا المضوع في كلمة .. بشأن كذا ..)"،أو نشر موضوعات عــدائيه للبابا "شـــــنودة الثالث" مثل موضوع "تكفير البابا شنـــــودة الثالث"،أو تبنى التيــار العلمانى ونشر تحركاته وبياناته، بهدف التـــــوازن فى مواجهة الكنيسة القبطية،أوتشوية سمعة الأقباط بالمهجر،وفى الاونة الأخيرة وفى(يوليو 2014م) إعادة نشر حوارات عن تعــاليم الكنيسة وصراع الأب "متـــى المسكين" و قداسة البابا المتنيح "شنودة الثالث" ، وآخـــرها مقال عن رحلة البابا تواضروس الثانى للنمسا فى(أغسطس 2014م) تحت عنوان "تدليـك البابا فى فيـــنا" والذى بسببه تعرض كاتبه "روبير الفارس" لهجوم من محبى البابا "تـــــواضروس الثانى" لأن عـنوان المقال غير مناسب لشخصية دينيـة له مكانته الدولية و العالمية.
 
 وفي ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم ومصر بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)،مازلت روز اليوسف تهاجم الكنيسة القبطية وشعبها وأكبر دليل على ذلك تصدّر غلاف العدد رقم(4800) الصادر في(13 يونية 2020م) صورة الأنبا رافائيل وكتب تحتها" أساقفة يتحالفون مع "كوفيد 19) ضد البابا..القتل باسم الرب!، وفي المقابل لذات صورة الأسقف وضعت صورة مرشد الإخوان المسلمين "محمد بديع" وكتب تحتها "5 أهداف إخوانية لصناعة قنابل بشرية وصايا "حمل السلاح" من تنظيم الإرهاب الدولى..  حيث حاولت المجلة التسلل من جديد من تشوية بصورة الأقباط، وكأن لسان حاله يقول: لافرق بين الأنبا روفائيل... ومرشد الإخوان "محمد بديع". وللرد على هجوم المجلة على الأقباط صدر بيان في يوم(12 يونيو 2020م) بتوجيهات من صاحب القداسة البابا "تواضروس الثاني" نصه:"تستنكر الكنيسة القبطية بشدة تطاول إحدى المجلات القومية على الكنيسة الوطنية في شخص أحد أساقفتها ووضع صورته على غلافها أسوة بصور أحد خائني الوطن.. ولايعتبر هذا تحت مجال حرية التعبير،بل إساءة بالغة وتجاوزاً يجب ألا يمر دون حساب من الجهة المسؤولة عن هذه المجلة،كما أن مثل هذه اللإعال غير المسؤولة سوف تجرح السلام المجتمعي في وقت نحتاج فيه كل التعاون والتكاتف في ظل الظروف الراهنة.. وتنتظر الكنيسة رد الاعتبار الكامل مع احتفاظها بالحق القانوني مقاضاة المسؤول عن ذلك.. حفظ الله مصر من كل سوء".
 
ولكن ما هو سر العداء المستمر لروز اليوسف للأقباط ..؟؟، بعد تحليل العديد من المواقف والأحداث توصلنا للعديد من بعض الأسرار التى تكشف سر هذا العداء منها: ـ البحث عن مصدر دخل ثابت للمجلة فالكتابة عن الأقباط تزيد من حجم عدد النسخ التى يتم توزيعها،مما يسهم فى استمرارية طبع المجلة. ـ ربما الكتابة عن عداء الأقباط كسياسية لدى الدولة وخاصة قبل 25 يناير 2011م لشغل الرآى العام، وإيجاد توازنات مع الجماعات الإسلامية بالدولة. ـ وهناك تحليل آخر لهدم وحدة الكنيسة القبطية فلابد من تفتيت الداخل عن طريق اختراق المشاكل ما بين رجال الدين وبعضهم البعض وما بينهم وبين العلمانيين،مما يساعد على معرفة ما يدور داخل الكنيسة. ـ وربما سياسة تبنتها الجريدة منذ نشأتها وحتى يومنا هــــذا العداء المستمر لأقباط مصر. وفي يومنا هذا تحاول المجلة كالعادة التسلل لشؤون الأقباط الخاصة والسعي لأحداث الفتن وإثارة المشاكل داخل الكنيسة القبطية. .... وبعد عليك يا روز اليوسف أن تعيدى قـــــراءة أوراقك وسياستك على مدى ما يقرب من 95 عاماً،تجاه الأقباط وغيرهم وخاصة ما بعـد ثورتى(25 يناير 2011م و30 يونية 2013م)،فقد أثبت التاريخ أن أقباط مصر مخلصين لوطنهم،فلم يلجأوا للخارج ولم يبكوا على حرق أديرتهم وكنائسهم أو يستعيون بالخارج كما كتبت فى السنوات السابقة، بل لقد نــــظروا إلى الــوطن وما فيه وتقدير الآخر مهما كانت الظروف،عليــــــكى يا روز أن تساعـــــدى الآن الرئيس "عبد الفتاح السيسى" فى بناء مصر لكل المصريين، وتوعية الناس للحماية من جائحة كورونا، ولا تزرعى الفتن،ادعوكى لو استمريتى فى سياستك أن تذهبى لجبل التوبة الذى دمــرته جماعة داعش بالعـــــراق، فهذا هو مكانك الطبيعى ..عاشت مصر آبية وحرة ينعم بها كل المصلحون.