شومان: تميز لأنه «تربية مسرح».. ومشاهده مع أحمد زكي في «الهروب» مباراة في التمثيل

 
 
يوافق هذا الشهر ميلاد الممثل والمخرج المسرحي عبدالعزيز مخيون، الذي ربما لم يكن اسمه الوحيد على "أفيش" أفلام السينما، أو صاحب عمل تليفزيوني هو بطله، ولكنه امتلك من الموهبة ما جعله يكون الشخصية المميزة في كل عمل يشارك فيه.
 
مخيون الذي ولد في 3 يونيو عام 1943، ودرس في معهد الفنون المسرحية، وكانت بدايته من خلال السينما، ثم شارك في مجموعة شهيرة من الأعمال الدرامية والسينمائية، التي تعد حتى الآن من الأعمال التي لها البصمة، وعمل خلالهم مع كبار المخرجين، مما ساعده على تقديم شخصيات بارزة لا يزال الجمهور يتذكرها حتى الآن.
 
وفي عيد ميلاده نحاول أن نركز على نقاط مضيئة في مسيرته الفنية، وأسباب تميزه كفنان في أعمال مختلفة وسط نجوم كبار مثل يحيى الفخراني وأحمد زكي وحسن يوسف ويوسف شعبان، وغيرهم من الأسماء التي عمل معها.
 
- مخيون ممثل متمكن
 
تقول الناقدة حنان شومان لـ«الشروق» إن عبد العزيز مخيون ينضم لتصنيف الممثل المتمكن وليس النجم، مشيرة إلى أن هناك نوعين آخرين من الممثلين: النجم فقط وهو الذي يتمتع بموهبة محدودة لكن له صفات أخرى يحبها الجمهور فتؤهله لأن يتصدر الأعمال، ونوع آخر هو النجم الممثل ويقع فيه عدد قليل من الممثلين أبرزهم أحمد زكي.
 
لذا نجد أن مخيون استطاع البروز والتميز في كافة أدواره، فهو في حالة مشاركته لممثل أقل منه موهبة يبرز هو بشكل أكبر ويعالج النقص، أو يكون مشاهده مع نجم كبير مثل أحمد زكي في فيلم "الهروب" مباريات قوية في التمثيل تخدم العمل، وتجعله في صورة مميزة، ونجد أن مخيون لفت منذ البداية المخرجين أصحاب وجهة النظر العميقة، وهم من تمكنوا من توظيفه بشكل صحيح .
 
كذلك نرى كتّاب مثل أسامة أنور عكاشة، والذي كان يرشحه في القيام بشخصياته الدرامية التي يمكن وصفها بالصعبة، إذ أنه يدرك أبعاد ما يكتبه، وبذكائه كان أيضا يعرف مدى قدرة كل من الممثلين علي القيام بتلك الأداور، والتي كان مخيون يضمن نصيباً منها.
 
وعن أسباب ذلك التميز، ترى شومان أنه "تربية مسرح" فنشأ مثقفاً يعرف من أين تكون زاوية الدخول لكل شخصية، بشكل يختلف عن الانفعلات والمبالغات المسرحية، ومن الأدوار المميزة التي ذكرتها، شخصية الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب والتي جسدها مخيون في مسلسل"أم كلثوم" فرغم أن الجميع عرف عبد الوهاب من خلال أفلامه ولقاءاته، لم ندرك أن الذي يقوم به شخص آخر، إذ أن الموهبة الكبيرة تفرض نفسها وتجعلنا نتوحد مع الشخصية.
 
- مخرجون وشخصيات
 
كان ظهور عبدالعزيز مخيون ومرحلة شبابه الفنية متزامنة مع صعود تيار الواقعية الجديدة في السينما من خلال عاطف الطيب ومحمد خان وغيرهما، كما شهد صعود اسم أسامة أنور عكاشة في الدراما التليفزيونية، وذلك منحه كوجه جديد فرصة للتواجد والمشاركة في أعمال مميزة وسط الجيل السابق له.
 
فقد شارك في أول دراما تلفزيونية لأسامة أنور عكاشة "أبواب المدينة"، ثم كانت القفزة الأكبر في شخصية "وحيد" في مسلسل "الشهد والدموع"، ثم طه السماحي في "ليالي الحلمية"، وهما من أشهر وأنجح أعمال عكاشة بالتعاون مع المخرج إسماعيل عبدالحافظ.
 
وقدم في الشهد والدموع شخصية شاب يتيم، تتركه أمه نتيجة لزيجاتها المتكررة، وتقوم أخته الكبرى وزوجها على رعايته في بيتهم بمدينة الفيوم، فينشأ الشاب يعاني من الوحدة والانعزال ومشاكل نفسية من والدته.
 
أما في ليالي الحلمية فهو على النقيض تماماً، شخص جريء يمتلك وجهة نظر، يقرر اختياراته بنفسه، يترك دراسته في كلية الحقوق ويتجه إلى العمل الميداني مع مناهضي الاحتلال الإنجليزي، فيقوم بقنص الضباط الإنجليز ويتعرض للمطاردة والاعتقال.
 
ومع المخرجة إنعام محمد علي قدم شخصية الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، باتقان شديد كما ذكرت شومان، ويرجع ذلك لتمكن مخيون من قدراته التمثيلية وتركيز إنعام على التفاصيل الدقيقة في العمل ككل والشخصيات على وجه الخصوص مما ينتج عنه تعايش كامل مع الشخصية.
 
ونتيجة لأداءه الذي يراه الكثير من النقاد أنه متميز في تجسيد الشخصية، أعاد مخيون تقديمها مرتين، في مسلسل "السندريلا" للمخرج سمير سيف، و"أبو ضحكة جنان"، للمخرج محمد عبدالعزيز.
 
وفي السينما عمل مخيون مع علي بدرخان في بداية مشواره من خلال فيلم "الكرنك"، ليتكرر التعاون مرة أخرى في الثمانينيات بـ"الجوع" في شخصية جابر الجبالي، وهو فيلم من حواري الحرافيش والفتوات، يحكي عن قصة الظلم والجوع والتي تؤدي حتمياً لثورة الفقراء.
 
ثم عمل مع المخرج عاطف الطيب في فيلم "الهروب"، أمام النجم أحمد زكي، والذي وصفته شومان فيه كما ذكرنا سابقاً أنه كان مباراة تمثيلية جمعت زكي ومخيون سوياً أمام الكاميرا.
 
وقد أبدع مخيون في الدراما الصعيدية مع الفنان يحى الفخراني في مسلسل "شيخ العرب همام"، والذي أخرجه حسني صالح، وقدم شخصية إسماعيل، ابن عم همام، وهي شخصية حازمة وقوية، نظراته قاسية، ولكنها تمتليء بالحنين تجاه ابنته الوحيدة، متقلب التصرفات، تقف أمامه عاجزاً هل تحبه لما يضحي به من أجل شيخ العرب، أم تكره لتصرفاته مع ابنته أحياناً، كما أن الشخصية بها تحول كبير عندما يقرر خيانة همام لصالح المماليك.