آيات عبدالمعطي، فتاة مصرية تبلغ من العمر 33 عامًا، تخرجت مِن كُلية الزراعة جامعة القاهرة، عملت في مجال دراستها بعض الوقت، كما عملت في مجال التسويق وفي الـ((Landscap، ولكنها لم تجد شغفها في ذلك.

أحبت الفنون، والرياضة بشكلٍ عام، والقلب مال بشكل أكثر في الأولى: للرسم، والخط العربي، والنجارة، وفي الثانية: للسباحة، والشطرنج.

مارسَت الخط العربي لفترة من الوقت، ومنه انتقل شغفها إلى تعلم النجارة. بل وفتح ورشة خاصة بها ورشة (The Carpenter Girl) أو الفتاة النجارة.

قامت بالمشاركة في معرضين العام الماضي أحدهما خاص، والآخر حكومي(معرض تراثنا)، في أرض المعارض بالتجمع الخامس.


طريق الألف ميل يبدأ بخطوة
اختارت آيات طريقًا غريبًا، وصعبًا على الأقل بالنسبة لفتاة تعيش في مجتمعنا الشرقي، بمعنى كيف لفتاة أن تُمارس مِهنة تُعتبر حِكرًا على الرجال؟ وتقف في ورشة نجارة فتتعلم، وتُبدع بالمنشار، والإزميل! ويتم مُناداتها بـ(الأسطى) بدلًا من (الباشمهندسة) خصوصًا في مُجتمعٍ يُقدس الألقاب، مع العلم أن (الأسطى) كما وضحت لنا آيات في اللغة التركية معناها أستاذ، وكلمة (أُسطى) لا تُزعحها أبدًا.

تَذكر آيات في حديثها معنا أن الفكرة في بدايتها كانت رغبة بسيطة في إنتاج  بروازCanvas بيديها “اعمل حاجة بسيطة، بس أبقى انا اللي عملاها بإيدي“. صادف ذلك رؤيتها لمنشور على موقع التواصل الاجتماعي(Facebook) مُنذ ثلاثة أعوام تقريبًا، لصديقة لها تتعلم النجارة، وتقف بكل ثقة على آلة تقطيع الخشب، مِن هُنا زادت الرغبة، والانجذاب لهذه المهنة، سألت الصديقة، ودلتها الأخيرة.

وبدأت آيات رحلتها في تعلم المهنة على يد(عم أحمد) نجار، وصاحب ورشة، ومِن أكثر الداعمين، والمُساعدين لها، وذلك من خلال مدرسة يُقدم فيها الأخير مبادئ النجارة لمن يحتاج في أوقاتٍ مختلفة. فتعلمت مبادئ المهنة، وأصولها.


آيات في ورشتها الخاصة

بعض الخطوات الجريئة..
لم تتوقف أحلام الفتاة النجارة عند هذا الحد، بل قررت أن تفتتح ورشتها الخاصة بداية هذا العام2020، واختارت أن تكون في إحدى حواري عابدين (حارة الميضة) في القاهرة بجوار معلمها الأول(عم أحمد) حتى يَسْهل عليها العمل معه، والتعلم مِنه، وطلب المساعدة، تقول آيات: “أنا لغاية دلوقتي مش لوحدي، لأن في حاجات ما ينفعش أعملها لوحدي، وأدوات ثقيلة جِدًا، وحاجات لسه خبرتي ما جبتش فيها أو مهارتي لسه ما تطورتش فيها“.


رد فعل المحيطين الرفض والدعم..
بالطبع هُناك من دعم وساند وشجع، وهُناك من أستغرب وتساءل، وضايق وأحبط كحال أي خطوة جديدة يُقدم عليها إنسان في مُجتمعنا تقول: “الأول أهلي كانوا مستغربين، يعني إيه لازمته اللي أنتِ بتعمليه!، فلما لاقوني مُصرة، ومكملة اقتنعوا ودعموني“.

أيضًا كان الناس يتعقبوها بنظراتهم المُتعجبة، بالإضافة إلى المُضايقات أثناء عملها في الورشة، أبرزها انتهاك حرمة الحياة الخاصة وتصويرها بدون إذن مما أغضب آيات كثيرًا، تُعلق آيات: “هي الفكرة مِش أن هو يصور.. الفكرة ان هو يستأذن“.

كما أن هُناك الكثير ممن دعمها من الأهل، والأصدقاء، وأبرزهم مؤخرًا كان الصحفي حسام مُصطفى إبراهيم، عندما قامت على صُنع صندوق لابنه، فكتب عنها منشورًا على صفحته الخاصة على الـ Facebook، وكان هذا بالنسبة لها دعمًا كبيرًا على حد قولها.

وكانت تِلك الكلمات جُزءًا مِن هذا المنشور الداعم: “البنت الطيبة المسالمة دي حبّت النجارة، وقرّرت تتعلم أصولها على حق، فنزلت عابدين وأجَّرت ورشة، واتعلمت وبقت أسطى قد الدنيا، لا تبدو الرحلة طبعا بهذه البساطة اللي قريت بيها السطرين دول، لكن المهم إنها عملتها وحققت حلمها رغم كل الصعوبات اللي واجهتها.

وبشكل شخصي كنت بتابع شغلها وأنا مستغرب من مهاراتها اللي اكتسبتها في وقت قصير، والتصميمات البديعة والمدهشة والصعبة اللي بتطلع من تحت إيدها، وقدرتها على العمل وسط كل الظروف الغلط دي!“

كما أنه أشاد بها، وبشطارتها وأمانتها والتزامها، وأسعارها، وجودة إنتاجها ورشح مهارتها لأي أحد احتاج (شغل نجارة).


مُنتجات آيات.. والأقرب لقلبها
تعمل آيات على إنتاج الكثير من المُنتجات المتنوعة، السهلة والصعبة، البسيطة والمُعقدة كالصناديق، والبراويز، والكوسترات، والصواني، والطبالي، والكراسي، والتربيزات، ومكاتب، ومكتبات، وغيرها مِن المُنتجات الخشبية. كما أنها تعمل باستخدام أنواع مُختلفة مِن الخشب السهل مِنه والصعب مِن تلك الأنواع: (موسكي، وزان، وأرو، وكونتر، والــMDF).

أما عن أقرب المُنتجات لقلبها تقول آيات: “والله انا كُل الحاجات اللي بعملها قُريبة مني جِدًا، أول حاجة طبعًا Frame for Canvas كان أقرب حاجة لقلبي لأن أنا كنت مركزة إن انا أعمله، فلما عملته فرحت بيه جدًا، وبعد كده مكتب ومكتبة، وصناديق وطبليات“


أحلام وأمنيات
 تحلم آيات بأن تقوم بتكبير ورشتها، وبأن يكون لها مصنعها الذي يخدم تِلك الورشة، وورش المنطقة، ويكون لها معرضها الخاص. وتوجه كلمة للفتيات اللواتي يجدن صعوبة في تحقيق ذواتهن في ما يُردن “أنا بقول لأي بنت جَرّبي وماتخفيش، لازم الواحد يبقى عنده ثقة شديدة بالنفس، والثقة الشديدة في النفس مش هتيجي غير ما تجربي، وتغلطي وغلطات كتيرة مِش قُليلة“.