د. مينا ملاك عازر

كتب صديق لي على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي –الفيسبوك- متهم الخلايا النائمة في النقابات المصرية بالنشاط  وقت العوذة، وخص بالذكر والمثل ما قامت به الخلايا النائمة بنقابة الأطباء بدفع البعض من الأطباء بتقديم استقالتهم لتفاقم الأزمة وليضغط على الدولة ولكي تبرز الأزمة التي فيها الأطباء، وقارن البعض الآخر بين موقف رجال الشرطة والجيش المواجهين للإرهاب من رجولة ومواجهة باسلة وعدم تواني وعدم هروب وانتفاء الجبن عن مواقفهم البطولية التي سطروها في تاريخ الوطن، وفي كل هذا هم محقين، لكن دعونا نرى الموقف من زاوية أخرى.
 
مع كامل تقديري واحترامي لما يقدمه رجال الجيش والشرطة من مواقف بطولية وشهادات أسطورية باسلة تدربوا عليها في كلياتهم التي اختاروها بمحض إرادتهم والتي ربما بحثوا عن طرق تسهل لهم الالتحاق بتلك الكليات، وبدون النظر لما تقدمه لهم الدولة من رعاية في حياتهم وتسهيلات لهم وأندية ودور للترفيه ومميزات وتخفيضات، ورواتب تكاد تكون مجزية، ومعاشات محترمة تكفل لهم العيش في احترام باقي حياتهم ودون الحاجة لأن يعملوا أعمال إضافية مثلاً، كما أن الدولة توفر للبعض منهم فرص عمل بعد خروجهم على المعاش، كما أنني -وأشكر الدولة في ذلك- إذ تقدم لأسرهم في حالة الاستشهاد مميزات وتسهيلات يستحقونها لا جدال، ودعوني أقول أنها لا تعوض أبداً فقد الحبيب والزوج والأب والعائل الوحيد في بعض الأحيان، فلا تعوض المادة فقدان الإنسان قط، لكن هذا كله لا يتقاضاه الطبيب، ولا ينظر له بعين التقدير، ولا ماله الحق يقدم له، ولا أجور محترمة ولا بدل عدوى يستحقه، ولا أندية ولا دور للترفيه ولا حتى معاش محترم، ولا أجور تكفل له عدم العمل ليلاً في عيادات خاصة وما شابه ذلك أبداً، لا تقدم الدولة لأسرته إذا توفى بسبب العمل أو في اثناء العمل ما يعوضها مادياً عن فقده، ولا تكرمه الدولة ولا أي شيء، بل أنها رفعت عنه بروتوكولات التحليل للحماية من فايروس كورونا، وعليه أن يحمي نفسه بنفسه فيما أستطيع اعتباره نوع من التخلي عنه وتركه وهو الذي في المواجهة أمام العدو المجهري القاتل هذا.
 
كل هذا تهتبله وتستغله الخلايا النائمة أي وباختصار لو لم تفشل الحكومة في توفير للطبيب ما يستحقه من عناية واحترام وأجور وبدل عدوى وكذا وكذا، ما استطاعت الخلايا النائمة ولا المستيقظة أن تفعل ما تفعله هذا، إن كانت حقاً هي التي تفعل وليس واذع إنساني ودافع غيظي يقودهم للفرار من  حرب غير مجزية بالنسبة لهم، ولا ترى الدولة نفسها ضرورة خوضها بدليل عدم توفير السلاح لمقاتليها ولجنودها، أعني هنا الأطباء بالطبع، فلماذا نعيب على الأطباء الاستقالة إذ كانت الحكومة نفسها لا تدعمهم؟ فهل للجندي والضابط في أي موقع أن يقاتل وهو لم يعطى سلاحه!؟
 
ختاماً الخلايا النائمة الإخوانية في اسبانيا  يا عديمي الإنصاف حركة أطباء اسبانيا يا عديمي الحق يتظاهرون رافضين إجراءات حكومتهم، فهل تعتبرونهم خونة أم أنهم يرفضون أفعال الفاشلين.
 
المختصر المفيد لا تجردني من سلاحي وتلومني على الهرب.