إعداد - بيتر عاطف
نتابع الان المظاهرات والاحتجاجات في الولايات المتحدة التي تعترض على العنصرية بعد حادثة قتل جورج فلويد George Floyd على يد شرطي امريكي .

وهذه الحادثة لم تكن هي الحادثة العنصرية الأولى في الولايات المتحدة ولكن الحوادث العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء تتكرر كثيراً في أمريكا سنوضح في هذه الحلقة تاريخ التمييز العنصري ضد أصحاب البشرة السمراء في الولايات المتحدة  وماهي اسباب التمييز العنصري ضدهم .

في بداية القرن 17 كانت المستعمرات الأوروبية الموجودة في قارة أمريكا الشمالية تعتمد على العبيد الافارقة في العمل في تلك المستعمرات والعمل في الحقول الزراعية  لان الاعتماد على العبيد في العمل كان اقل تكلفة من استئجار عمال ليعملوا في تلك الحقول  وأيضا العبيد كانوا اكثر طاعة للأوامر

وتجارة العبيد كانت من اكبر التجارات الموجودة في ذلك الوقت وكانت تتم تلك التجارة من خلال ما كان يعرف بمثلث العبيد وهو تصدير التجار للمنتجات مثل القطن والسكر من المستعمرات في أمريكا الشمالية الى قارة أوروبا ثم يذهب التجار الى قارة افريقيا لجلب العبيد الافارقة والذهاب بهم الى المستعمرات في أمريكا الشمالية

وأصحاب تلك المستعمرات والحقول كانوا يعاملون العبيد على أساس انهم مجرد أداء لنفيذ اوامرهم ولم يعتبروهم من البشر
وكان العبد ملك لسيده مدى الحياة 

وكان يحق للسيد فعل ما يشاء في العبد وذلك لاعتبار انه جزء من املاكه  وكان العبيد يعاملون معاملة اقل من الحيوانات لدرجة انه كانت هناك بعض المتاجر كانت تسمح بدخول الكلاب لكن تمنع دخول العبيد

وكان العبيد ممنوعين من ركوب الخيول او استخدام أي وسيلة مواصلات وممنوع على العبد ان يستخدم أي شيء من متعلقات سيده وقوانين كثيرة عنصرية غيرها ووصل عدد العبيد في عام 1800 الى حوالي مليون عبد

وفي عام 1801 اصبح توماس جفرسون Thomas Jefferson هو رئيس الولايات المتحدة وهو واحد من اهم رؤساء أمريكا لانه كان رافضاً لقوانين العبودية

وطالب بحقوق أصحاب البشرة السمراء وحريتهم ومساواتهم مع أصحاب البشرة البيضاء وفي يوم 3 مارس 1807 قام توماس جفرسون بإصدار قانون يمنع استيراد العبيد الى الولايات المتحدة

ورفض الأثرياء الموجودين في جنوب الولايات المتحدة هذا القانون لانهم يحتاجون الى العبيد للعمل في حقول القطن وقصب السكر ومناجم الفحم من دون اجر  وكانت هذه بداية الحرب العرقية ضد أصحاب البشرة السمراء

وبدأت اعمال عنف كثيرة ضد أصحاب البشرة السمراء الذين يرفضوا قوانين العبودية وكان يقتل يومياً المئات منهم  واستمرت اعمال العنف لسنوات طويلة
وفي عام 1820 تأسست جمعية الاستعمار الأمريكية وكان هدف الجمعية هو ارسال العبيد الى قارة افريقيا واعتقدوا بأن العودة إلى افريقيا كان هو الخيار الأفضل للعبيد المحررين واستطاعوا تهريب مجوعة كبيرة من العبيد الى منطقة في غرب افريقيا  وقاموا بتأسيس دولة تعرف باسم ليبيريا موجودة حتى الان ولها علم يشبه العلم الأمريكي  لكن ظلت اعداد كبيرة أخرى من العبيد في الولايات المتحدة وعانوا من حياة العبودية

وبعد وفاة توماس جفرسون لم يطالب الرؤساء الذين أتوا من بعده بمنع العبودية  ولكن في عام 1861 اصبح أبراهام لينكولن Abraham Lincoln هو رئيس الولايات المتحدة وكان رافضاً للعبودية ومؤمن بحق أصحاب البشرة السمراء في الحياة بحرية

وبدأ في وضع قوانين لمنع العبودية  وقتها قام سياسي امريكي يدعى جيفيرسون ديفيس Jefferson Davis بانشاء  حركة ترفض القوانين التي وضعها أبراهام لينكولن لمنع العبودية  وانضم الى جيفيرسون كثير من الذين يرفضون تلك القوانين  وقررت 11 ولاية من ولايات جنوب أمريكا الانفصال عن الولايات المتحدة

وتكوين دولة منفصلة خاصة بهم يستمر بها قوانين العبودية وتلك الولايات كانت هي التي بها اكبر اعداد من العبيد  واسسوا دولة جديدة تعرف باسم الولايات الكونفدرالية الأمريكية  واصبح جيفيرسون ديفيس هو رئيس تلك الدولة  وبذلك أصبح هناك دولتين منفصلتين هما الجنوب والشمال

وكانت العلاقات متوترة بينهم وفي يوم 12 أبريل 1861 قامت القوات الجنوبية المؤيدة للعبودية بمهاجمة " حصن سمتر " الذي يعد واحد من اهم الحصون الشمالية

واستطاعت القوات الجنوبية الاستيلاء على الحصن وكانت هذه هي بداية الحرب الاهلية الامريكية  التي تعد اكثر الحروب وحشية في تاريخ الولايات المتحدة حيث تسببت في قتل اكثر من مليون شخص من الجنود والمدنيين والعبيد

وعدد الضحايا التي فقدتهم الولايات المتحدة في الحرب الاهلية اكثر من الضحايا في الحربين العالميتين الأولى والثانية وفي عام 1865 كانت نهاية الحرب الاهلية الامريكية بانتصار الشماليين بقيادة الرئيس أبراهام لينكولن على الولايات الجنوبية المنفصلة  وقام لينكولن بإلقاء خطبته الشهيرة التي اقر بها بحق أصحاب البشرة السمراء في المشاركة في الانتخابات

وهذا اثار غضب الجنوبيين وتم التخطيط لاغتيال لينكولن  وفي يوم     15 أبريل 1865 تم اغتيال أبراهام لينكولن على يد " جون بوث John Wilkes Booth " وهو ممثل مسرحي امريكي وكان جاسوساً للقوات الجنوبية

واستطاع اغتيال لينكولن اثناء جلوسه في المسرح ومتابعة احدى المسرحيات وبعد انتهاء الحرب الأهلية كان عدد العبيد في جنوب الولايات المتحدة وصل لـ 4 مليون عبد

وتم تحريرهم بعد انهاء الحرب وانتصار الشمال وعلى الرغم من تحرير العبيد لكن ظل أصحاب البشرة البيضاء ينظرون لاصحاب البشرة السمراء على انهم اقل منهم ولا يجب ان يتساووا معهم في أي شيء

وفي عام 1890 تم وضع قوانين تعرف بـ " قوانين جيم كرو " وهي قوانين للفصل العنصري بين أصحاب البشرة البيضاء والسمراء الافارقة وحرمت تلك القوانين الافارقة من معظم حقوقهم وجعلتهم اقل مكانة من أصحاب البشرة البيضاء

واضطر الافارقة على قبول تلك القوانين العنصرية خوفاً من عنف أصحاب البشرة البيضاء وأصبح المجتمع منفصل ولا يتشارك أصحاب البشرة البيضاء مع السمراء في أي شيء

وأصبحت المدارس والمستشفيات والمتاجر منفصلين واستمر التمييز العنصري ضد اصاب البشرة السمراء لسنوات طويلة بعدها  حتى عام 1955 عندما بدأ " مارتن لوثر كينج " الكفاح ضد القوانين العنصرية في الولايات المتحدة

وفي عام 1964 استطاع انهاء القوانين العنصرية بعد اصدار قانون الحقوق المدنية الذي منع التمييز على اساس اللون او الديانة او الاصل القومي ويعطي جميع المواطنين في الولايات المتحدة حقوق متساوية بدون تمييز

وكان عدد اصحاب البشرة السمراء في ذلك الوقت في الولايات المتحدة حوالي 20 مليون شخص ويمثلوا حوالي 10% من سكان الولايات المتحدة

وعلى الرغم من انتهاء القوانين العنصرية في الولايات المتحدة لكن استمرت الحوادث العنصرية من كثير من المتعصبين ضد اصحاب البشرة السمراء
واخر تلك الحوادث هي قتل جورج فلويد على يد شرطي امريكي

العنصرية بجميع اشكالها هي من ابشع التصرفات التي يقوم بها البشر لان الحكم على شخص يكون من خلال تصرفاته وليس شكله او ديانته او اصله

مراجع المعلومات
Slavery in America - History.com
History of slavery - Wikipedia
The Slave Community