ما بين الحين والآخر، تظهر على الساحة الإعلامية قصة جديدة لفتاة تيك توك ونشر فيديوهات خارجة تدعو للفسق والفجور، ورغم إلقاء القبض على بعضهن ليكن عبرة، لم يمنع ذلك من ظهور حكايات لفتيات جديدة بما آثار التساؤلات حول الأبعاد المختلفة تلك القضية المثارة، هل يكفي أن يكون العقاب القانوني لمواجهة تلك الأزمة الأخلاقية، أم هناك أبعاد اجتماعية لابد من لفت الانتباه إليها، وهو ما كشف عنه خبراء علم الاجتماع.

جريمة أخلاقية
وعن هذه الظاهرة قال محمد عبدالعزيز أستاذ التربية بجامعة عين شمس: إن هذه جريمة أخلاقية لابد من التعرف على دوافعها من خلال تحقيق أخلاقي أكثر من كونه تحقيقا جنائيا.

وأضاف : هنا يأتي دور أساتذة علم الاجتماع لدراسة البيئة التي نشأت فيها تلك الفتاة وإجراء استبيان أو استقصاء للتعرف علي دوافع تلك الفتاة هل هذا بسبب انهيار أخلاقي أم تقليد لآخرين مثل بعض الفنانين أو حاجة للغني السريع.

وتابع : نحن بحاجة لتحقيق ودراسة مجتمعية ستكشف أمورا لم يكشف عنها التحقيق الجنائي، لمنع تكرار ذلك وخاصة أن تلك الفتاة قامت بالإعلان عن ذلك وقد يكون هناك فتيات تفعل ذلك في الخفي.

وأشار "عبدالعزيز" إلي أن ما يواجهه المجتمع من ظروف أزمة كورونا جعلت الكثير من الشباب بحاجة لتفريغ طاقتهم، فيلجأون لمثل هذه التطبيقات ولا يعلمون مدي خطورتها، لذلك يجب علي الدولة محاولة تحجيم انتشار مثل هذا التطبيقات لمنع المشكلة قبل وقوعها كما حدث مع اليوتيوب التي توجهت الآن لتغيير قوانينها.

الإعلام التوجيهي
وقال: كما يأتي دور الإعلام التوجيهي لتوعية بمخاطر تلك التطبيقات، فالأمر يحتاج لكنترول من الدولة والأسرة مع محاكمة تلك الفتاة لمنع تكرار تلك السلوكيات.

الإعلام والفن الهابط
وفي نفس السياق، أوضحت الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن المجتمع المصري يعاني من حالة انحدار أخلاقي خلال الأونة الأخيرة، مؤكدة أن الفن الهابط له دور رئيسي في تدني السلوك العام والحوار المجتمعي، مؤكدة على أنه رغم اهتمام الحكومة بالتطوير أهملت الجزء الأهم المرتبط بثقافة الشعب ووطنيته.

وتابعت "خضر" 60% من المصريين شباب يجب أن يتم احتواءهم وعدم الاكتفاء بتنظيم منتدي للشباب مرة واحدة سنويا، فلا يمكن تركه في الهواء الطلق وللافكار الدخيلة تأثر فيهم وتلعب في أفكارهم.

وتابعت:" الشباب لا ينجذب سوي لأمرين "الرياضة والفنون" فيمكن استغلال المجالين للتأثير في أفكارهم وبناء عقيدتهم، فنحن بحاجة للاهتمام بالفن لأنه غذاء للروح وبدونه يعاني الانسان من فكر متصحر"، متسائلة لماذا هذا التكاسل والكسل في الاهتمام بالفنون، فأصبح ليس لدينا سوي الاختيار والممر، فلماذا لم يتم انتاج مسلسلات تشبه مسلسل طه حسين وليالي الحلمية ورافت الهجان، وأين الشيوخ الذين يتلذذون وهم يقرأون القرآن الكريم، فكل ذلك يعطي فرصة لعبدة الشيطان أن يتمكنا في أفكار ابناءنا.

وأضافت:"  الإعلام الآن ساقط بشكل غير طبيعي ولا يوجد لدينا قناة تحتتم للوطنية سوي برنامج صالون المحور"، منوهه إلى أن القنوات الآن تجري مسح للعقلية الشبابية ولم تستطيع تكريم العقل، يكفي ما يرتديه المذيعات من ملابس غير لائقة، ومعظم القنوات أصبحت فقط للاستثمار وجمع الأموال، موضحة جيلنا تربي علي ثقافة التليفزيون وكان لدينا 3 قنوات فقط.

وأكدت نسبة الأمية في مصر 30% ولا توجد دراسة واحدة توضح دور الأسرة الامية في تثبيت الدين في عقول الابناء، ومدي نجاحها في بناء شخصيتهم المصرية وهويتهم وعقيدتهم، وتوعيتهم لضرورة اهتمامهم بالتربية في الصغر لاحاطة الطفل بكل سياج القوي الدينية.

العولمة
أوضحت "خضر"  أن الأمية مع وجود العولمة تسببت في انهيار اخلاق المصريين، والتي جعلتهم يعتقدوا أن الحرية هي ترك العنان لأبناءهم، لكنها حرية مزيفية التي يترتب عليها بالضرورة تنشئة شخص ضعيف دينيا.

وأشارت إلى أن فيضان العولمة أحد أهم أسباب أنهيار أخلاق الشباب، مستطردة:" إذا لم يحصن الشباب دينيا وقوميا وعلميا جيدا لم نستطع الحفاظ عليهم فلابد من الاهتمام بهذا الجانب كاهتمام الدولة بالتنمية".