في مثل هذا اليوم 12 يناير1816م..

سامح جميل 

فرنسا تحكم بنفي عائلة نابليون بونابرت إلى جزيرة سانت هيلينا، وذلك بعد هزيمته أمام الإنجليز في معركة واترلو عام 1815..
معركة واترلو (Battle of Waterloo) معركة فاصلة وقعت في 18 يونيو عام 1815م في قرية واترلو قرب بروكسل عاصمة بلجيكا، وهي آخر معارك الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت وهُزِم بها هزيمة كبيرة غير متوقعة لقائد بخبرته، وهذا ما جعل الإنجليز يصفون فيما بعد الشخص الذي يعاني من حظ سيءٍ جداً بأنه صادف واترلو.
 
في عام 1813 قرر نابليون اعلان الحرب على روسيا وجهز جيشاً ضخماً للاستيلاء عليها وبالرغم من انتصاره العسكري إلا أن طول المسافة والبرد القارس قد أنهكا جيشه وهلك معظمه في طريق عودته إلى باريس. وجدت الدول الأوروبية الفرصة سانحة للقضاء على نابليون، فقررت كل من بروسيا وبريطانيا والنمسا والسويد وإسبانيا والبرتغال إعلان الحرب على نابليون فيما يعرف بالتحالف السادس الذي انتصر عليه نابليون انتصاراً كبيراً في معركة دريسدن 27 أغسطس 1813م، ولكن تجمعت جيوش الحلفاء بقوات تفوق جيش نابليون ودارت بينهما معركة الأمم التي أصيب فيها نابليون بخسارة فادحة وعاد إلى باريس، وبالرغم من اصراره على استكمال الحرب لكن قوّاده رفضوا ذلك، فدخلت جيوش الحلفاء باريس وعلى رأسهم الجيش البروسي، فتنازل نابليون عن العرش لابنه ولكن الحلفاء رفضوا، ليتنازل نابليون عن العرش بدون قيد أو شرط في 11 أبريل 1814م، وتولى الملك لويس الثامن عشر حكم فرنسا ونفي نابليون إلى جزيرة إلبا ولكنه إستطاع الهرب من منفاه في 26 فبراير 1815م ووصل بسفنه إلى الساحل الفرنسي وانضمت إليه فرقة الجيش التي كلفت بالتصدي له وزحف إلى باريس محاولاً استعادة مجد امبراطوريته وانتصاراته السابقة.
 
والجدير بالذكر أن فرار نابليون من منفاه في جزيرة إلبا، اضطر أعضاء مؤتمر فيينا إنهاء المؤتمر والتفرغ لحرب نابليون الذي عدّوه خارجاً على القانون، وبهذا تكون معركة واترلو قد فرضها نابليون على الحلفاء.
 
وصلت إلى بلجيكا مباشرة جيوش إنجلترا وبروسيا، ومن الطرف الآخر جيوش فرنسا على أن تتوافد إلى جهة الراين جيوش بقية الحلفاء، الجيش الإنجليزي عين على قيادته دوق ويلينغتون ويقدر تعداد جيشه 68,000 جندي، والجيش البروسي وقائده المارشال (بلوخر) وتعداد جيشه 50,000 جندي، أما تعداد الجيش الفرنسي بقيادة الامبراطور (نابليون) فكان 72,000 جندي، كانت خطة نابليون الفصل بين الجيشين والقضاء على كل جيش بمفرده قبل وصول جيوش بروسيا والنمسا. و لهذا سبق معركة واترلو الحاسمة معارك تمهيدية فرعية هي: معركة كواتر براس، ومعركة ليني وهي المعركة التي استطاع فيها نابليون هزيمة الجيش البروسي ممادفع بلوخر إلى الانسحاب والهرب.
وتعتبر معركة واترلو الفصل الختامي لامبراطورية نابليون بونابرت القائد الفذ قاهر أوروبا الذي عاد إلى باريس وتنازل عن العرش وتم نفيه إلى جزيرة سانت هيلينا..
 
تجاوزت براعته تخصصه بالعلوم العسكرية، لتشمل إجادته للآداب والتاريخ والجغرافيا، وتنوعت قراءاته العميقة لفكر الفلاسفة في القرن الثامن الثامن عشر، وكانت خليطاً من أفكار ومبادئ فولتير ومونتسكيو وروسو، فكانت النتيجة قائداً من طراز خاص ملأ الدنيا بصخبه العسكري وحكم فرنسا أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عاماً، ثم عاد ليحكمها إمبراطوراً في العقد الأول من القرن التاسع عشر. لكن ذاكرة اليوم لا تحتفظ لنابليون بونابرت بأي ذكرى تمجد انتصاراته العسكرية، ولكنها تسجل اليوم على أنه «النهاية»، إذ يصادف موعد مغادرته فرنسا منفياً إلى جزيرة «سانت هيلانه» النائية التي تقع وسط المحيط الأطلسي الجنوبي بين إفريقيا والبرازيل، في العام 1815.
 
خاضت الإمبراطورية الفرنسية في عصر بونابرت عدة نزاعات عرفت ب«الحروب النابليونية» تورطت فيها جميع القوى العظمى في أوروبا، أحرزت فيها فرنسا انتصارات باهرة على جميع الدول التي قاتلت ضدها، فجعلت نفسها مركزاً رئيسياً في أوروبا القارية، وبفضل نابليون بونابرت توسع التدخل الفرنسي في إدارة الشؤون السياسية للقارة عن طريق التحالفات تارة، ومن خلال تنصيب بعض أقاربه وحلفائه على عروش الدول الأخرى تارة أخرى.
 
كتبت هزيمة نابليون بونابرت في معركة «واترلو» أمام القوات البريطانية والبروسية آخر أمجاد نابليون العسكرية، إذ اضطر بعدها إلى الاستسلام للبريطانيين، وبعد فترة اعتقال قصيرة في السجن صدر بحقه قرار بالنفي إلى «سانت هيلانه». تقرب نابليون في أول أيامه على الجزيرة من عائلة «وليام بالكومب» مالك المنزل الذي عاش فيه، وسرعان ما أصبح صديقاً للعائلة التي كتبت ابنتها الصغرى إليزابيث لوسيا، كتاباً عنه بعنوان «ذكريات الإمبراطور نابليون»، وانتهت هذه الصداقة سريعاً في العام 1818 بعد شكوك ساورت السلطات البريطانية من أن «بالكومب» يلعب دور الوسيط بين بونابرت وباريس في محاولة للعودة إليها فكان قرارها بترحيل بالكومب وعائلته من الجزيرة.
 
نقل نابليون بعد ذلك للعيش في «منزل لونكوود» الذي كان شديد العطب ومرتفع الرطوبة، وعلى الرغم من شكواه الدائمة إلى حاكم الجزيرة السير «هدسون لوي»، إلا أنه لم ينقل إلى منزل آخر. استغل بونابرت فترة نفيه في كتابة مذكراته بمعاونة عدد من ضباطه الذين حضروا معه إلى الجزيرة وفضلوا البقاء إلى جواره. وتحدث نابليون فيها كثيراً عن المعاملة السيئة التي كان يتلقاها من «لوي» ومنها تخفيض حجم النفقات المالية الشهرية المخصصة، ومنع إرسال أو تسليم أي رسائل أو هدايا فيها إشارة إلى نابليون باعتباره إمبراطوراً، إضافة إلى إجبار أتباعه على التوقيع على وثيقة خاصة يوافقون فيها على البقاء إلى جواره إلى أجل غير مسمى، وحرمانهم من العودة إلى بلادهم. لم يتحمل نابليون كثيراً ما حدث له، فغادر الحياة سريعاً في العام 1822.!!