"هّنصْتِلح على العالم بالغنا".. كلمة قالها محمد منيرفي بداية حفلته "اللايف"، أول أمس الجمعة، رسالة أراد بها الكينج المُشاركة بصوته الدافئ مع العالم في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، مصاحبًا له ثلاثة مُطربين شباب واصفًا إياهم بـ"عكازه" هم؛ دينا الوديدي ونوران أبو طالب وأحمد أبا يزيد، حينما قال منير كلمته عن الصُلح مع العالم، لم يعلم أنه يُصالح أيضًا عشاقه الذين افتقدوا "منير بتاع زمان". 


وقد وصلت حفلة منير للمرتبة الخامسة عبر موقع يوتيوب، شاهده أكثر من نصف مليون متابع.

1


لم يعلم شريف محي الدين بحفلة منير قبل بثها على موقع الفيسبوك، أدركها فقط حين رأى أحد تعليقات أصدقائه قائلًا "أنا بقالي كتير مستمتعش بمنير زي الحفلة دي"، دفع التعليق شريف لأن يضغط على زر المشاهدة، بهره تأثير منير الطاغي عليه "كنت حاسس بطاقة جميلة" حتى أنه أعاد مشاهدة أغانيه المفضلة مرة بعد الأخرى، مع كل أغنية يتذكر أصدقاء شاركوه حُب منير، كما يرجع بذاكرته لأحداث عصيبة مرّت به، لكن الميزة الأكبر للحفل بالنسبة للشاب الأسمر أنها صالحته على مُنير الذي خاصمه لفترة طويلة.
أحب محي الدين الكينج منذ طفولته، كبر مع صوته، وصوت والده يحكي له عن فترة التحاقه بالصاعقة خلال حرب أكتوبر" ودايمًا كنت بحس بفجوة بين اللي بيحكيه بابا والأغاني الوطنية الركيكة اللي اتربينا عليها"، لكن أغاني مُنير في حب الوطن لمست وترًا حساسًا بقلب محي الدين "منير كان السر والمفتاح"، كان المفتاح لقلب شاب يبدأ في التعرف على العالم.

بعدها ظلّ محي الدين لفترة طويلة في خصام مع الكينج، لأسباب عدّة معقدة، من بينها ارتباط محي الدين ومنير بنفس الأصل، فقد قدما الاثنان من النوبة "ومنير معملش أي حاجة بنفوذه للنوبيين اللي ضايع حقهم في أرضهم"، كذلك بسبب ثورة يناير "كانت أغانيه بتتكلم عن البلد غير الكلام اللي بيطلع يقوله في حفلاته عن حب البلد من غير انتقاد"، خاصم الشاب حينها مُطربه المفضل لكنّ ظلّت مكانته هي نفسها داخل قلبه، حتى وإن قاطعه لفترة، ثُم جاءت الحفلة "اللايف" ليرى محي الدين منير بشكل جديد "دلوقت هو اعترف قال إن فيه خلل، قال إن حتى لو فيه تدهور دلوقت بس دايمًا الأمل موجود إن البلد تكون أفضل".

2

نفس السبب قاطعت لأجله رانيا رضا الكينج، مع ذلك احتلّت أغاني منير خلفية حياتها دومًا "لازم أسمعه من وقت للتاني"، آخر مرّة شاهدت فيها رانيا حفلة لمنير كانت في إحدى المناسبات القومية كما تتذكر "وكان صوته ضعيف والجودة سيئة"، تلك الذكرى السيئة تبدّلت تمامًا، تفاجئت رانيا بالحفلة الجديدة "كان صوته متفوق وواثق وهادي، حسيته زي ما كان زمان".
ارتبط مُنير مع رانيا منذ طفولتها "كنا نركب العربية مع بابا ويشغل شرايط منير"، في نفس التوقيت الذي تعلّق به قلب محي الدين، وكذلك سمعته يمنى درويش، لكنها بخلافهم لم تُحبّه في صغرها "كنت وقتها بحس إنه عادي زي مغنيين كتير"، لكنها لا تنس جملة قالها لها أحد محبين منير "يبقى انتي مبتدتيش معاه البداية الصح"، ورشّح لها أغنية "بننجرح"، وقتها كان مرّ على وفاة والدها عامين "ساعتها حسيت بإن فيه حد قدر يقول اللي في قلبي ولساني مش عارف ينطق بيه".

3

كانت يمنى تعلم قبل أيام عن إقامة منير لحفلته بصحبة المطربين الجديد، هكذا سمعت من أصدقائها في المجال الفني، فبُحكم كونها منسقة للحفلات تقترب كثيرًا من الأخبار الفنية "لكن مكنتش ناوية أشوف حفلة منير عشان حفلاته مبتكونش قوية"، غير أنها مع مشاركات أصدقائها لمقاطع من الحفل على الفيسبوك انضمت للمستمعين "وعلى حظي دخلت على أغنية ممكن"، حين سمعت يمنى تلك الأغنية أحست بمشاعر رقيقة "كأني أخدت نفس عميق"، أخذها منير لعالمه.
لم تشعر بنفسها إلا وهي تُعيد الحفلة بعد انتهائها من البداية، تسمع أغنية وراء أغنية أخرى "كل اختيارات الأغاني كانت مظبوطة"، دقّ قلبها حين سمعته يغني "صفصافة"، سمعتها يمنى قبل ذلك كثيرًا لكنها المرة الأولى التي يغنيها بذلك المزاج "أنا سمعته بيغنيها في تسجيلات وفي قعدات وحفلات بس دي مش زي أي مرة"، حتى أنها قامت برفع الصوت لآخره، وترقص كما لو كان منير يُغني لها وحدها.

4

لم يكن مُنير مغنيًا فقط، فكما اتفق الشباب الثلاثة أن الكينج حالة وجدانية ترتبط مع المرء في كل تفاصيل حياته، فمنير وحده هو الذي لا تعرف هل يغني للحبيبة أم للوطن، يتلمّس كل من يسمعه عزائه منه، تحديدًا في تلك الأوقات الصعبة يُصبح صوت مُنير مرساة أمان.