اعتدنا على النظر لعظامنا باعتبارها المسؤول الأول عن حركتنا. ولكن للعظام أيضا أهمية أخرى تتعلق بالتأثير على الذاكرة وعلى وقدرتنا على الاحتفاظ بها مع التقدم بالعمر، حسب دراسة حديثة.

 
ما هي علاقة العظام بالذاكرة؟
 لسنوات طويلة حاول أحد العلماء فك طلاسم الدور الذى تلعبه العظام بجسم الإنسان، ليكتشف خلال رحلته كيف لبروتين موجود بالعظم التحكم في الكثير من العمليات الحيوية.
 
ففي تسعينات القرن الماضي، رأى جيرار كارسينتي أن بروتين اوستيوكالسين يلعب دوراً أساسياً في عملية إنتاج العظام لأنسجة جديدة بأجسامنا، وهو ما يحقق عملية النمو خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة، كما يؤدي لالتئام الجروح بعد الإصابة، وفقا لما أورده موقع صحيفة الغارديان.
 
ولدراسة هذا الأمر، قام كارسينتي بإجراء تجربة من خلال إزالة الجين المكون لبروتين الاوستيوكالسين من فئران التجارب، وهو ما لم يؤدي لأي خلل واضح بعظام الفأر.
 
ووفقاً لأحد طلبة كارسينتي، وهو ماثيو فيرون، والذي يرأس اليوم معمل اختبار لدراسة العظام في كندا، فإنه بالرغم من عدم وجود خلل واضح في العظام زاد وزن الفئران بشكل ملحوظ، إلا أنها عانت من خلل في الوظائف الإدراكية.
 
ويقول فيرون: ”الفئران التي ليس لديها بروتين اوستيوكالسين يزيد لديها الغلوكوز وتبدو غبية". ويضيف: ”لا تتعلم جيداً ويبدو كأنها مكتئبة"، إلا أن إدراك كارسينتي وفريقه للدور الذى يلعبه بروتين ما موجود بالعظام استغرق بعض الوقت.
 
كما يشير فيرون إلى أن فكرة أن العظام يمكنها إنتاج هرمون يؤثر على عملية التمثيل الغذائي أو الكبد ”كانت في البداية بمثابة صدمة"، على حد وصفه. ويشير إلى أنه منذ ذلك الحين، تم اكتشاف المزيد من الهرمونات التي تنتجها العظام، وأصبح هناك مجال جديد لأبحاث العظام.
 
وخلال العقد الأخير، توصل العلماء إلى أن انخفاض كثافة العظام مع التقدم في العمر يمكن ربطه بضعف الذاكرة وتراجع الوظائف المعرفية.
 
ويؤدى بروتين الاوستيوكالسين لزيادة القدرة على انتاج المواد اللازمة التي تسمح لنا بممارسة التمارين الرياضية. وداخل المخ، يقوم بروتين اوستيوكالسين بإدارة معظم الناقلات العصبية اللازمة للحفاظ على الذاكرة.
 
ومع انخفاض معدلات هذا البروتين في جسم الإنسان بحلول منتصف العمر، تبدأ قدرتنا على القيام بالعديد من الوظائف في التراجع أيضاً كضعف الذاكرة والقدرة علي ممارسة التمارين الرياضية.
 
وفي السنوات الأخيرة أجرى كارسينتي سلسلة من التجارب أوضح من خلالها أنه بزيادة معدلات بروتين اوستيوكالسين لدى فئران التجارب عن طريق الحقن، يمكن عكس العديد من المشاكل المتعلقة بالتقدم في العمر.
 
ويقول كارسينتي: "المذهل أنه بإعطاء بروتين اوستيوكالسين للفئران الأكبر في العمر، يمكن إعادة الذاكرة والنشاط للمستويات التي نراها لدى الفئران الأصغر في السن". 
 
كما توصل العلماء إلى أن واحدة من الطرق التي يمكن من خلالها الحفاظ على هذا الهرمون في الدم، بالرغم من التقدم في العمر، هو من خلال الحفاظ على ممارسة الرياضة.