وإزالة التشريعات السيئة والنظم الشاذة.. وقضية الحرية لا تقبل التجزئة
تنشر "اليوم السابع" الوثيقة الأولى الصادرة عن الهيئة العليا لمواجهة سيطرة حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، على حرية الصحافة والإعلام، والتى دشنها رؤساء تحرير صحف قومية وخاصة وحزبية، مساء أمس الثلاثاء، فى اجتماعهم بمعهد إعداد القادة، الهيئة التى ستكون لها سكرتارية تتولى الاتصال بالقوى السياسية والمنظمات الأهلية والحقوقية فى مصر والعالم العربى لحماية الإعلام من الهيمنة، مشددين على أهمية أن تكون هناك صحافة حرة.

وتتضمن الوثيقة 8 مطالب للصحفيين والإعلاميين، الذين يتطلعون لتحقيقها بعد ثورة 25 يناير،
لكى تكون هناك صحافة حرة، مستنكرين الهجوم على وسائل الإعلام وتهديدات وزير الاستثمار الحالى، فى بداية عمل حكومة الدكتور هشام قنديل، بغلق القنوات الفضائية فى حال عدم التزامها بميثاق الشرف الإعلامى.

وجاء نص الوثيقة كالتالى:
توالت وتراكمت فى الفترة الأخيرة وقائع وإشارات مقلقة تشير بأخطار جدية تهدد وتتربص بواحد من أوضح وأنبل أهداف الثورة، ألا وهو حق الشعب المصرى فى التمتع بحرياته كاملة وفى القلب منها حريات التعبير والصحافة والإعلام.

وانطلاقا من شعور عميق بالمسئولية الوطنية، ومن قناعة راسخة بأن صفوف العاملين بالإعلام المصرى على اختلاف أنواعه وتوجهاته متحدة وموحدة تماما فى مواجهة أى عدوان أو تضييق على الحريات عموما وحرية التعبير والصحافة خصوصا، فقد تداعى للاجتماع مساء أمس "الثلاثاء"، وفى سابقة لم يحدث مثلها من قبل، رؤساء تحرير الصحف القومية، والخاصة، والحزبية، وكذلك رؤساء القنوات التليفزيونية الخاصة، وإلى شخصيات نقابية وكتاب كبار وقيادات فى المجلس الأعلى للصحافة.

وقد بحث المجتمعون باستفاضة فى معالم الوضع الراهن، وتوقفوا أمام العديد من الأحداث والتهديدات الخطيرة التى تستهدف إعلامنا الوطنى هذه الأيام وتأتى من جهات وسلطات مختلفة لا يجمع بينها إلا هيمنة جماعات "الإسلام السياسى" عليها، ومنها الهيئة المكلفة بكتابة دستور البلاد الجديد، ومجلس الشورى، ورئاسة الدولة، والحكومة الجديدة، فضلا عن قادة جماعة الإخوان المسلمين.

وإذ ناقش حضور الاجتماع دلالة هذه الحوادث والتهديدات التى تجاوز بعضها حدود أقوال وتصريحات الشتم، والتشهير بالصحافة والصحفيين والإعلاميين، وانتقل بعضها إلى مجال الأفعال العدوانية، فإن المشاركين اتفقوا على إعلان الآتى:

أولا: إن حرية واستقلال الإعلام المصرى بكل أنواعه (مرئى، وسمعى، ومكتوب) ليست مطلبا فئويا للصحفيين والإعلاميين، وإنما هى حق للمصريين جميعا ومن ثم فإن الدفاع عن هذا الحق واجب على كل قوى المجتمع وجماعاته السياسية والمجتمعية والحقوقية.
ثانيا: إن قضية الحرية عموما هى قضية واحدة لا تقبل التقسيم أو التجزئة، فلا حرية سياسية ولا ديموقراطية حقيقية من دون صحافة وإعلام حر.

ثالثا: لقد كان أمل الشعب المصرى وهو يصنع ثورته يدفع فيها من دم أجمل وأنبل الشباب، أن يحصل فورا على حقه فى حياة حرة كريمة تحت مظلة نظام دستورى وقانونى جديد، يكفل ويحمى الحريات العامة والشخصية، ويزيل ترسانة هائلة من التشريعات السيئة، والنظم الشاذة التى عطلت أو صادرت هذا الحق لسنين وعقود طوال، غير أن ما حدث أن بناء هذا النظام المأمول تعطل، تعثر بفعل قوى تريد شد مجتمعنا إلى الوراء بدلا أن ينطلق إلى المستقبل، والآن تحاول هذه القوى عبر هيئة دستورية غير متوازنة ومتخمة بالعيوب أن تبقى الأوضاع القديمة وتكرسها بل وتضيف إليها قيودا وتشوهات لم تعرفها الدساتير المصرية السابقة، ومنها تلك البنود التى تسربت أخبارها كاشفة على محاولة "لدسترة" تكبيل الحريات العامة والشخصية وحصارها وتعليقها على شروط تؤدى إلى مصادرتها عمليا، وقد بدأ للإعلام والصحافة نصيب وفير من هذه المحاولة.

رابعا: أن وسائل الإعلام العامة "الصحف القومية، والإذاعة، التليفزيون التابعين للدولة" هى أصلا وأساسا ومهمتها أن تبصر الجمهور بالمعلومة والخبر الصادق، وأن تكون ساحة رحبة تعكس ثراء التنوع فى الآراء و التوجيهات داخل المجتمع.

إن هذه الوسائل يجب أن تستعيد بعد الثورة حريتها واستقلالها التام عن أية سلطة أو جماعة من خلال إنهاء النظام الفاسد الذى فرض عليها وحولها إلى ملكية خاصة مجانية تدار وتستخدم كأبواق تهليل ودعاية للحزب الحاكم من دون اعتبار للأصول والأعراف والقواعد المهنية، غير أن هذا لم يحدث للأسف، وإنما شاهدنا كيف حافظت الجماعات التى حققت الأغلبية فى البرلمان على المنظومة القديمة نفسها، وهى الآن تسعى لاستخدامها لصالحها بحيث تحل وريثا للحزب الوطنى المنحل فمن خلال أغلبيتها البرلمانية أبقت اختراع تبعية الصحف العامة، وهو تغيير قيادتها ورؤساء تحريرها وانتقاء غيرهم تحت غطاء لجنة هزلية جل عضويتها ممن لا علاقة لهم بالمهنة أوكلوا إليها مهمة تقديم ترشيحات متعددة يختار منها المجلس بأغلبيته المعروفة من يشاء.

إذ يرفض المجتمعون ويستنكرون بشدة هذه الممارسة الشاذة تعيد إنتاج وتدوير مخلفات بالية وسيئة فإنهم يحيون ويتمنون بشدة الموقف الذى اتخذه كل من الكاتب الصحفى الكبير صلاح منتصر والنائب الأستاذ مجدى المعصراوى عندما قررا الانسحاب من اللجنة المذكورة .

خامساً : استنكر المجتمعون وأدانوا بقوة ذلك التهديد الإرهابى الذى أطلقة وزير الاستثمار ضد القنوات الفضائية المصرية الخاصة وإعلانه قبل أيام إشهار سيف الإغلاق فى وجه هذه القنوات وسحب ترخيصها بحجة بث إشاعات كاذبة، واعتبر المجتمعون أن هذا التهديد وما تضمنه البيان الصادر عن أول اجتماعات الحكومة الجديدة بشأن ما سماه البيان "انفلاتا إعلانيا" يكشف عن نيات سيئة وعداء واضح للإعلام الحر.

سادساً : كما استغرب المجتمعون الضيق السريع من النقد وحرية الرأى الذى أبداه رئيس الجمهورية مؤخرا عندما أعلن المتحدث الرسمى باسمه عن قرار للرئيس بتحرير بلاغات ضد صحفيين ووسائل إعلام استنادا إلى نصوص تشريعية شاذة وسيئة السمعة مازالت قائمة وتفرض قيودا ثقيلة على حريات التعبير و الصحافة.

سابعاً
: اتفق حضور الاجتماع على مقاومة هذه الهجمة المتنوعة والمتعددة الاتجاهات التى تستهدف الانقضاض على الحريات الصحفى والإعلامية وتخويف كل من يمارسها، وأكدوا عزمهم على استمرار التواصل ومراقبة تطورات الأوضاع على هذا الصعيد، وخدروا القوى المتربصة بحق الشعب فى الحرية بأن الصحفيين والإعلاميين المصريين سوف يستخدمون كافة وسائل الاحتجاج السلمى والضغط الديمقراطية لحماية هذا الحق ورد وهزيمة أى عدوان عليه، بما فى ذلك تنظيم احتجاب احتجاجى جماعى للصحف والمجلات بكل أى عدوان عليه، بما فى ذلك تنظيم احتجاب احتجاجى جماعى للصحف والمجلات بكل أنواعها، و إظلام شاشات التليفزيون إذا ما استمرت الممارسات والمحاولات المتهورة التى نشهدها حالياً وتجاوزت نطاق النيات والتهديدات وانتقلت إلى دائرة الأفعال.

ثامنا: يهيب المجتمعون بالرأى العام وكل الأحزاب والمنظمات والقوى الشعبية الوطنية كافة إعلان دعمها ومساندتها لنا فى معركة الدفاع عن الحق فى الحرية، كما نتوجه بالنداء لكافة المؤسسات والمنظمات المهنية والحقوقية العربية والإقليمية والدولية أن يتضامنوا مع الصحفيين والإعلاميين المصريين فى نضالهم من أجل كفالة وتعيين حقوق وحريات انتزعوها عبر مسيرة كفاح طويلة ومضنية.