كتب – روماني صبري 
كبد الجنرال الروسي غيورغي قسطنطينوفيتش جوكوف، الجيش النازي خسائر فادحة، خلال الحرب العالمية الثانية، ما جعل أعظم الخبراء العسكريين في العالم يرون فيه قائدا عسكريا استثنائيا، فحين تولى قيادة الجيش الأحمر بذل جهدا كبيرا ووضع تكتيكات عسكرية قادت  لتحرير الاتحاد السوفيتي وبقية الدول من الاحتلال النازي حتى وصل إلى برلين ... كان جنرالا شجاعا متقد الذكاء يمتلك من الخبرات العسكرية الكثير، لذلك أصاب شهرة عظيمة وقت الحرب دونا عن سائر الجنرالات، فهو الأكثر من حيث عدد الانتصارات والوحيد الذي لم يعرف سجله العسكري الهزائم، أشاد ببراعته في القيادة العملية والإستراتيجية كثير من قادة الحلفاء، مثل بيرنارد مونتغمري ودوايت ايزنهاور، جاءت إسهاماته حول تحسين المعرفة البشرية العسكرية من الناحية النظرية والتطبيقية بثمار كبيرة للاتحاد السوفيتي وكل بلدان العالم، أطلق عليه الأب الروحي للنصر السوفيتي"، فيما يراه البعض أعظم قائد عسكري في القرن الماضي.
البداية .. انجازات عديدة  
وسط عائلة فقيرة تعمل في الفلاحة ولد جوكوف، في ستريلكوفكا، محافظة كالوغا عام 1896، اشتغل في مصنع دباغة في موسكو، وبعد إعلان الحرب العالمية الأولى جند في الجيش الإمبراطوري الروسي، بعدها عمل في فوج الفرسان الاحتياطي وحصل على وسام سانت جورج مرتين وترقيته إلى ضابط لشجاعته في المعركة، وعندما قامت الثورة البلشفية انضم إلى الحزب البلشفي ونال احتراما كبيرا في الحزب لكونه من خلفية فقيرة، وبعد تعافيه من مرض التيفوس شارك في الحرب الأهلية الروسية ما بين "1921-1918" لنجاحاته في جيش الفرسان توج بوسام الراية الحمراء لإخضاعه تمرد تامبوف عام 1921
 
عام 1923 تولى قيادة فوج الفرسان التاسع والثلاثين، وأواخر  عام 1924 ارتاد المدرسة العليا للفرسان وتخرج منها في نفس العام وثم عاد لقيادة الفوج، في عام 1930 بات قائدا للواء الفرسان الثاني، وفي عام 1933 اختير ليكون قائدا على الفرقة الرابعة لسلاح الفرسان، في عام 1937 عين ليكون قائد الفيلق الثالث لسلاح الفرسان ، اما في عام 1938 بات  نائب قائد المنطقة العسكرية البيلاروسية للفرسان.
 
حقيقة خطة هجوم سوفيتي على ألمانيا 
وضع كونه رئيس أركان الجيش الأحمر ووزير الدفاع، خطة إستراتيجية لهجوم سوفيتي على ألمانيا في حالة قيام الألمان بإعلان حرب على حلفائها، الخطة اكتملت في موعد لايتجاوز 15 مايو  1941، استنتج الباحث فيكتور سوفوروف،  بأن في يوم 14 مايو قام كل من سيميون تيمشينكو وغيورغي جوكوف بتقديم اقتراح إلى ستالين لشن هجوم وقائي ضد ألمانيا عن طريق جنوب بولندا، عن طريق احتلال حدود يستلا والاستمرار في التقدم وصولاً إلى كاتوفيتشي أو حتى إلى برلين، في حال انسحاب الألمان من بولندا  أو التقدم إلى ساحل بحر البلطيق في حال عدم انسحاب الالمان ودفاعهم عن شرق بولندا  وبروسيا الشرقية كان من المفترض أن يصل المهاجمين السوفييت إلى ارصوفيا، دبلن ومن ثم السيطرة على وارسو قبل الهجوم على الجنوب وفرض الهزيمة النهائية على الألمان في لوبلين  المؤرخون لا يمتلكون الوثائق الأصلية التي يمكن أن تؤكد وجود مثل هذه الخطة، في إحدى المقابلات في مايو 1965قال جوكوف إن ستالين لم يوافق على الخطة بل كان يريد المزيد من الوقت من أجل تنظيم وتسليح الجيش الأحمر ورغم ذلك لم توجد وثائق في الأرشيف السوفيتي تؤكد وجود مثل هذه الخطة.
 
أهم قائد عسكري
ووفقا لعسكريين المارشال جوكوف هو أهم قائد عسكري في الحرب العالمية الثانية، حيث دافع عن لينينغراد وموسكو وستالينغراد، ووضع خطة معركة كورسك، وعملية باغراتيون والتي أسفرت عن تدمير مجموعة الجيوش الوسطى الألمانية، وحررت أراضي تسمى اليوم ببيلاروسيا، كما نجح في نقل المعارك صوب الحدود الألمانية قبل أن يقود عملية إخضاع برلين، فاستقبله الشعب نهاية الحرب، كبطل قومي ومنقذ للوطن فحصل على شرف قيادة جيش البر السوفيتي، ورغم كل ما حققه أطاح به ستالين من الحزب الشيوعي حيث رأى في شعبيته تهديدا لحكمه.
 
النهاية 
قضى سنوات حياته الأخيرة بعيدا عن السياسة ، كان ينفذ الكثير الناس بما في ذلك أصدقاؤه من المارشالات السوفييت اللذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية زيارات له ، وكان يذهب معهم في رحلات صيد، وفي 18 يونيو عام 1974 ودع جوكوف الحياة عن عمر 77 عاما، على اثر تعرضه لسكتة دماغية، وتنفيذا لوصيته حرقت جثته ووضع رمادها في مقبرة جدار الكرملين بجوار زملاءه من مارشالات الجيش الأحمر.