بسم الله الرحمن الرحيم
((الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ))
              أ. د. أحمد محمود كريمة        
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة 
      كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين القاهرة
رئيس ومؤسس " التآلف بين الناس " الخيرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعابد : مكان العبادة ومحلها ، والدينية منها حسب الاصطلاح الفقهى :
المسجد ، الكنيسة ، البيعة ، الصومعة ، الدير ، الفُهُر ، الصلوات وذكر كتاب الله – عز وجل – معظمها مثل قوله – سبحانه - { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ }- الآية 36 من سورة النور .  -  ، { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لله } - الآية 48 من سورة الجن  -، { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ  كَثِيرًا } - الآية 40 من سورة الحج  -، وهذه الآية القرآنية المحكمة وضحت بعض أهداف الجهاد المشروع بمقتضياته وشروطه ومقاصده من حفظ أماكن العبادة أو كما قال المفسرون " ... لولا ما شرعه الله – تعالى – للأنبياء – عليهم السلام – والمؤمنين من قتال الأعداء – ممن لا دين لهم – لاستولوا وعطوا ما بناه أهل الديانات من مواضع العبادات ، ولكنه دفع بأن وجب القتال ليفرغ أهل الدين للعبادة ... " - تفسير القرطبى 12/72  -  .

ووضح رسول الإسلام سيدنا محمد -  - حرمة التعرض لرجال الدين اليهودى والمسيحى " ستجدون قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له " - المنتقى الباجى 3/167 - ، والقاعدة الذهبية لآئمة الفقه : " الراهب والرهبة : حران لا يقتلان ولا يؤسران ويترك لهما قدر الكفاية من الوسائل المعيشية "  - حاشية الدسوقى 2/177 -

ونوه الفقهاء على حرمة هدم المعابد لغير المسلمين فمما قالوه " وعلى هذا فالكنائس الموضوعة الآن فى دار الإسلام كلها ينبغى لا تهدم ، لأنها إن كانت فى أمصار قديمة ، فلا شك أن الصحابة والتابعين – رضى الله عنهم – جين فتحوا علموا بها وأبقوها "- فتح القدير 4/378 ، حاشية ابن عابدين 3/273 ، الفتاوى الهندية 2/248 - 

وذكر الفقهاء أن المعابد القديمة لا تهدم وعليه العمل من عهد الصحابة والتابعين – رضى الله عنهم – ( الفتاوى الهندية 2/248 ) ، وقرر الحنفية لا يهدم شئ منها ( فتح القدير 4/378 ، حاشية ابن عابدين 3/273 ، الحطاب 3/384 ، مغني المحتاج 4/253 ) ، وروضة الطالبين 10/323 ) .

ومما ذكر الفقهاء إعادة المعابد المنهدمة بفعل الزمان وغيره ( حاشية ابن عابدين 3/272 وما بعدها ، مغني المحتاج 4/254 وما بعدها ، روضة الطالبين 10/324 ) .

وقرر الفقهاء أنه لا يمنع أهل الكتاب من ترميم معابدهم ( حاشية ابن عابدين 3/272 ، حاشية الدسوقى 2/204 ، مغني المحتاج 4/254 ، المغني 8/528 ) .

ومما يستدل بها : الأمر بميزة أهل الكتاب الموادعين { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } – الآية 8 من سورة الممتحنة - .

وفى التطبيق العمل ما ثبت أن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – دخل بيت المقدس ، وجاء كنيسة القيامة ، فجلس فى صحنها ، وحان وقت الصلاة ، فقال للبطيرك : أريد الصلاة ، فقال له : صل موضعك ، فامتنع وصل على الدرجة التي على باب الكنيسة منفردًا ، فلما قضى صلاته قال للبطيرك : لو صليت داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي وقالوا : ها هنا صل عمر ، وكتب لهم أن لا يجمع على الدرجة للصلاة ، ولا يؤذن عليها " ( تاريخ ابن خلدون 2/269 ) .

ومما يذكر أنه لا يجوز بناء مساجد على أرض مغصوبة لتحريم الغصب شرعًا ، وقد اشترى النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – أرضًا بيثرب لبناء مسجده ، ولم يثبت أن المسلمين الأوائل غيروا معابد لأهل الكتاب إلى مساجد سواء فى شبه جزيرة العرب أو العراق أو الشام أو مصر أو غيرها .

والله الهادى إلي سواء السبيل