محمد حسين يونس
جان جاك روسو .. كان من الفلاسفة الذين أثروا بفكرهم الثورة الفرنسية .. و كان له كتاب .. إستمر تأثيرة من منتصف القرن الثامن عشر حتي اليوم ... بعنوان (العقد الإجتماعي) .. ..يؤطر فيه لإقامة مجتمع علماني (عكس الخاضع لنفوذ الكهان )..وينظم الحدود بين المواطنين وحكام الوطن .

بغض النظر عن المكتوب في هذا الكتاب أو ردود أفعال البعض و وجهات نظرهم إلا أنه يطرح أهمية تحديد ((مسئوليات الحاكم و المحكوم و الواجبات و الحقوق المترتبة علي كل منهم)).

أفكار روسو تغيرت خلال القرون من الثامن عشر للحادى و العشرين بما يناسب تطور الحياة ...لنجد العديد من المواثيق التي تنظم العلاقة بين الطرفين.

هذه المواثيق كما نعرفها اليوم هي (الدساتير) .. و ما يتبعها من قوانين ملزمة .. لذلك تهتم الشعوب المدركة لاهمية العقد الإجتماعي ..أن تصدر دستورا يعبر عن طموحاتها في حياة تظللها الحرية و الشفافية و حقوق الإنسان ..و يحد من ديكتاتورية الحاكم و إنفرادة بالسلطة و القرار .وأن يحترم هذا من الجميع. و إلا تسقط شرعيته .

علاقتنا مع العقود الإجتماعية .. الشفهية أو المكتوبة .. بدأت بعد منتصف القرن التاسع عشر بدساتيرإسماعيل و توفيق (1879 )، (1882 ) و وصلت لذروة نضجها (1923) ..في عصر الملك فؤاد بناء علي ضغط من الإنجليز .

ثم بدأت الايدى الخبيثة تتلاعب بالميثاق و تعدل من بنوده .. و تحوله إلي منشفة يجفف بها الحاكم .. سيولة لعابة للإحتفاظ بأعلي درجة من الحقوق .. و أقل مستوى من الواجبات.. . كما حدث مع دستور صدقي عام (1930 ).

أقصي مستويات التلاعب بالدساتير حدثت بعد إنقلاب العسكر .. حيث الغي دستور23 و حل محلة دستور مؤقت عام 1956 ، 1958 ثم دستور الوحدة 1964 .

دستور السادات 1971 ، و تعديلاته 1980..تزيد من نفوذ الشريعة الإسلامية علي القوانين ويحول (مدة) إستمرار الحكم (لمدد) ..تلك الإضافة الشهيرة.. التي لم يستفيد منها و لكنها أبقت من تلاة لثلاثين سنة يحكم .

ثم فوضى دستورية (إعلان دستورى) فيما بعد 2011 .. وعك متواصل من يحي الجمل والبشرى ..أعقبه دستور 2012 (دستور الأخوان ).. يليه دستور 2014 الذى يطلق علية ( دستور الثورة) وأخيرا تغييرات 2019 غير الدستورية التي عكست ما وصل إليه الحال من إستخفاف الحاكم بإرادة الشعب .

فلنستعرض أهم هذه التعديلات التي أجراها السيد علي عبد العال علي الوثيقة التي لم يمر علي كتابتها خمس سنوات

أولا : نظام الحكم رئاسي ..و إنتخاب رئيس الجمهورية ( كان ) لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا (لمرة واحدة) ..
فاصبحت .. لمدة ست سنوات ميلادية، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من (مدتين متتاليتين) .. يعني يفصل بواحد من أعوانه (وما أكثرهم ) .. ثم يرجع لمدتين تانيين ...(كما فعل بوتن ) و أضيف لها مادة إنتقالية ، تتيح لرئيس الجمهورية الحالي، الرئيس عبدالفتاح السيسي، الترشح عقب انتهاء مدته الثانية الجارية ...اى (نقفل الصفحة و نبدأ نعد من جديد ).

ظاهرة غريبة تحدث في مصر بعد 1952.. أن ..ترزية الدساتير و القوانين .. خصوصا من يسمي نفسة أستاذا جامعيا .. معظمهم من زمن الستهورى حتي اليوم (بيشتغلوا محللين) لمطالب حاكم لقاء حسنة صغيرة

((ويمكننى القول بأن اغلب من احاطوا بالثورة من مستشارين ومن قوى سياسية ، كانوا يعملون جميعا من اجل استمرار العسكريين فى الحكم وضد الديموقراطية والبرلمان....قلت أن السنهورى وسليمان حافظ وفتحى رضوان ، كانوا يشجعون الضباط على تحدى الدستور والديموقراطية بحجة أنها ثورة ، وان للثورة قانونها الخاص ، كذلك كان الدكتور سيد صبرى أستاذ القانون الدستورى يشجع فى هذا الاتجاه ويقول لا مبرر للتمسك بالنصوص )) ...خالد محي الدين ((ألان أتكلم )).. و الحبل علي الجرار .

ثانيا : القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، ..
أصبح يضاف لمهامها أى القوات المسلحة ..

((أن تصون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد))... إزاى .. معرفش ..لم تذكر الوسيلة .. و لم نسمع عن هذا إلا أيام أتاتورك .

و كما كان الأزهر قوة مسيطرة و لرئيسة حصانه ..في الدستور القديم
أصبح ..بعد التعديلات ..تشاركه النفوذ.. القوات المسلحة .. التي ستصون الدستور و الحياة الديموقراطية .. وسيكون وزير الدفاع له مثل شيخ الجامع الأزهر وضع خاص ووظيفتة محصنة يعين بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، دون تقييده بشرط زمني.

ثالثا : سلسلة من التغييرات .. تسحب إستقلالية السلطة القضائية .. و تجعلها .. خاضعة للرئاسة.. و أخرى تضاعف الإنفاق المهدر علي عرائس الماريونت المسمي مجلس النواب .. بإضافة مجلسا للشيوخ يصفق و يقول أمين علي القوانين .

و حتي لا نكرر ما قيل حول هذا الموضوع ..فالحصيلة النهائية للتغييرات

أن سيادة الرئيس الحالي له الحق بعد إكمال المدة الثانية(اربع سنوات ) في مدتين تاليتين طولهما 12 سنة ليحكم مصر سيادته لمدة عشرين سنة متصلة .. و بالطبع هذا بناء علي إرادة المصوتين الذين حصلوا في المقابل علي( شنطة رمضان و مبلغ مالي ..و إبتسامة جميلة ..مع كل سنة وحضراتكم بألف خير.. شرفتونا )..

التغييرات التي حدثت في الدساتير من 1971 حتي 2019 .. كلها تمت إما بالخداع و الحيلة أو بدون إرادة حقيقية من الشعب .. فأدت ولازالت تؤدى إلي عدم إتزان العلاقة بين الحاكم و المحكوم ..و جور الحاكم و تسلطة و خلوده علي كرسي الحكم..(بالقانون .. و الدستور ).

فقهاء مصر الدستوريين زاولوا عدوانهم على الشعب المصرى حتى عندما لاح الأمل بانتفاضة الشعب ، من 25 يناير الى 11 فبراير .. فلقد تم إعداد تعديلات للدستور تفرض وصاية الحكام على الشعب الغر الذى فى رأيهم لم ينضج بعد ، وتمنعه من التهور واختيار واحد من المصريين الوحيدين اللذين شرفا مصر وحصلا على جائزة نوبل .

والآن ومع شديد احترامى للغالبية المخلصة والتى لم تلوث بالاقتراب من الحكام من قضاتنا وأساتذتنا ، فإننى أطالبهم بأن يقدموا للشعب قائمة سوداء ، بأسماء هؤلاء الذين فضلوا مصالحهم الآنية وطموحهم السلطوى على مصلحة الوطن ، وصاغوا مثل هذا الخطل الذى يسمى بدستور 71 وتعديلاته...أو تعديلات 2019

على الأجيال القادمة ان تعرف من هم هؤلاء الأعداء الذين ملأ قلوبهم الغل عليهم حتى قبل أن يولدوا ، كما نعرف نحن الان مدى الأضرار التى تسبب فيها السنهورى وسليمان حافظ وفتحى رضوان وسيد صبرى ... وسرور والبشرى والجمل .

وما الحل ..
إعادة النظر في مواد الدستور ..التي تفرق بين المواطنين .. و تعطي لفئات تميزا ليس للأخرين ..أو تتعارض مع حقوق الإنسان.. و إلغاء تعديلات 2019غيرالدستورية.( لانه مذكور في الدستور قبل تعديلة أنه لعمل تغيير يتم الإستفتاء علي مادة مادة و ليس علي عدد من المواد مجتمعه ) بمافي ذلك العودة للنص القديم في تحديد مدة الرئاسة.

.و لا اقول عمل دستور عصرى جديد يكون نظام الحكم فيه غير رئاسي .و لا يفرق فيه بين المواطنين بسبب اللون أو النوع أو الدين أو الوظيفة ..و يفتح المجال للحياة السياسية متعددة الإتجاهات و تنظم فية أسباب إستخدام القوانين الإستثنائية .و تجرم محاولات عمل أى تعديلات خصوصا لو صاحبها رشوة مالية أو عينية للمستفتين.

البند الثالث من منافيستو للأجيال القادمة.

((الدستور كوثيقة هو عقد إجتماعي بين الحاكم و المحكومين يجب أن يعبر عن إرادة المحكومين التي تحترم ولا يحق تغيير بنوده...بواسطة السلطة ... إلا لاسباب قاهرة ..و بعد مناقشة مجتمعية واسعة ..

علي الأجيال القادمة الإهتمام بوضع دستور يضمن حقوق المواطن بما في ذلك (و بالخصوص ) الأقليات و المهمشين و المراة و المعارضة ..و يتسم بالعدالة و عدم التفرقة بين المواطنين .. و يضمن حريتهم .. و يجرم القهر و الإرهاب و العدوان علي حقوق الإنسان ..و يحد من ديكتاتورية الحاكم و إنفرادة في إتخاذ القرار .. ))

#منافيستو_للأجيال_القادمة .