زيادة التجمع المائي أمام السد حتى نهاية يوليو.. ولا يمكن الجزم بالتخزين قبل نهاية سبتمبر


الحديث الإثيوبي عن بدء الملء ربما لجس نبض مصر والسودان
 
قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، إنه لا يمكن الجزم بتخزين المياه في سد النهضة قبل نهاية موسم الفيضان في شهر سبتمبر؛ فلا آلية لتصريف المياه إلا بتدفقها من أعلى الجزء الأوسط للسد، أي بعد الوصول إلى مستوى 5 مليارات متر مكعبة، شئنا أم أبينا، فضلا عن كذلك البوابات الأربع أسفل جسم السد، والتي لا تمرر إلا كميات ضئيلة يوميا.
 
وأضاف شراقي، لـ«الشروق»، أن وزير الري الإثيوبي لم يتحدث صراحة عن بدء التخزين، لكنه أشار إلى صحة صور الأقمار الصناعية المتداولة عبر وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ ومن هنا ربما جاء "سوء التفسير" الذي وقع فيه التليفزيون الإثيوبي، وربما يكون تلميحا متعمدا لجس نبض مصر والسودان.
 
وأوضح أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية أن كمية المياه أمام السد اليوم تقدر بنحو ملياري متر مكعب، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 5 مليارات بنهاية شهر يوليو الجاري، ما يعني زيادة في حجم التجمع المائي الموجود حاليا.
 
ويشرح شراقي، في حوار لـ«الشروق»، دلالات صور الأقمار الصناعية وآلية تصريف المياه من سد النهضة إلى مصر والسودان، ويشير إلى علامات يمكن عندها القول بأن إثيوبيا ملأت المرحلة الأولى من الخزان.. وإلى نص الحوار:
 
لماذا أعلنت إثيوبيا بدء الملء عصرا ثم تراجعت مساءً؟
وزير الري الإثيوبي لم يتحدث صراحة عن بدء التخزين، لكنه أشار إلى أن صحة صور الأقمار الصناعية المتداولة عبر وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ ومن هنا ربما جاء "سوء التفسير" الذي وقع فيه التليفزيون الإثيوبي، وربما يكون تلميحا متعمدا لجس نبض مصر والسودان.
 
وهل بدأت إثيوبيا فعلا ملء سد النهضة؟
هذا الأمر لا يمكن حسمه قبل انتهاء موسم الفيضان في سبتمبر من الناحيتين الفنية والهندسية؛ فلا توجد آلية لتصريف المياه إلا بتدفقها من أعلى الجزء الأوسط من السد، والذي ارتفع من 40 مترا في العام الماضي إلى 70 مترا هذا العام، وهذا الجزء كان يحجز في السابق مليار متر مكعب قبل أن تفيض المياه لكن اليوم سيحجز حتى 5 مليارات متر مكعبة ثم يبدأ صرف المياه إلى مصر والسودان، شئنا أم أبينا، وسواء أرادت إثيوبيا التخزين أم لا.
والجزء الآخر، هو بوابات تصريف المياه أسفل جسم السد، وهذه البوابات تمرر فقط ما بين 10 إلى 50 مليون متر مكعب يوميا حسب سرعة المياه، من إجمالي 250 مليون متر مكعب تصل إلى السد يوميا.
 
حتى اليوم لم يحجز سد النهضة أكثر من ملياري متر مكعب ومن المتوقع أن تصل إلى مستوى 5 مليارات متر مكعب بنهاية يوليو الجاري، ومع بداية أغسطس ستبدأ المياه في الفيضان من أعلى السد مكونة شلال ضخم، ومع نهاية سبتمبر ستبدأ كمية الأمطار في الانخفاض والنزول إلى مستوى أقل من 70 مترا وهنا لن يتبقى لتصريفها سوى الفتحات أسفل السد، فلو أرادت إثيوبيا التخزين فأبقت البوابات مغلقة، وإن لم ترد فستترك البوابات مفتوحة لتمرير المياه، لكنها ستأخذ فترة طويلة ربما تزد عن شهرين حتى تنتهي من تصريفها.
 
ولماذا أعلن السودان عن تراجع منسوب المياه عند محطة الديم وتأكيده إغلاق بوابات السد؟
هذا أمر طبيعي، وكان على المتخصصين في السودان إدراك حقيقة أن كمية المياه التي كانت تتدفق في الماضي لن تصل إليه بصورتها الطبيعية قبل الوصول إلى مستوى 5 مليار متر مكعب في سد النهضة.
فلو كان يصل إلى السودان 250 مليون متر مكعب في اليوم سيصل إليه هذه الأيام 50 مليونا فقط، هي قدر بوابات السد على التصريف.
 
هل يمكن للجدل الدائر حول بدء الملء أن يؤثر على مستقبل المفاوضات الجارية برعاية الاتحاد الإفريقي؟
لن تؤثر، مادام إثيوبيا أكدت أنها لم تبدأ التخزين.
 
وما هو تصورك لمستقبل مفاوضات سد النهضة؟
المتوقع أن يدعو رئيس جنوب إفريقيا، بوصفه الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، خلال أيام، إلى عقد قمة مصغرة بحضور قادة الدول الثلاث، وفيها احتمالين: إما أن يظهر الجميع مزيد من المرونة لإعطاء وزراء المياه واللجان المعنية الضوء الأخضر لإتمام التفاوض في جولة ثانية، أو إعلان القادة عدم التوصل لاتفاق، وفي هذه الحالة سيكون علينا العودة إلى مجلس الأمن الدولي.
 
لكن في حال إعلان إثيوبيا تخزين المياه بنهاية سبتمبر سيصبح الأمر عدوانا، وسيتطور الأمر في مجلس الأمن من مرحلة التوصيات إلى قرارات ملزمة على إثيوبيا، لكن اتخاذ أمر كهذا ليس سهلا؛ فهو يتطلب إقناع الدول الأعضاء الدائمين بعدم استخدام حق الفيتو، وفي حال خالفت إثيوبيا قرارات المجلس ستواجه بعقوبات واسعة.