مؤمن سلام
الماضوية هى أحد السمات الأساسية المشتركة للعروبيين والإسلاميين، فكلاهما يحلم بالعودة للماضي سواء ماضي بعيد أو ماضي قريب، ما بين عنتر بن شداد وخالد بن الوليد، ما بين جمال عبد الناصر والسلطان عبد الحميد.
 
لذلك يظن هؤلاء أننا معشر المصريين عندما ننقد وننقض انقلاب يوليو العسكري الديني، فاننا نحلم بالعودة للملكية والطرابيش وأمان يا لالي، في عملية اسقاط على عقليتهم الماضوية التي تحلم بعصر أسلم تسلم ووالله زمان يا سلاحي.
 
نحن المصريين لا نريد أبداً العودة للماضي وإنما نتطلع للمستقبل للدولة الديمقراطية الحديثة، فلم يكن أبداً أحمد لطفي السيد أو طه حسين أو محمد حسين هيكل أو إسماعيل مظهر من دعاة العودة للماضي بكل كانوا يتطلعون للمستقبل لذلك تبنوا الهوية المصرية المفتوحة المنطلقة من الليبرالية التي ترى في كل من يحمل الجنسية المصرية مصري بغض النظر عن عرقه ولونه وجنسه وعقيدته، لذلك أمنوا بتحرير المرأة وتعليمها وعملها وريادتها، أمنوا وناضلوا من أجل الحرية والديمقراطية والعلمانية، وغيرها من قيم الحداثة التي لم تكن الأمة المصرية تعرفها، وكانت تمثل اصطدام قوي وعنيف بكل ماضي المجتمع المصري، فقد كانوا يطمحون للمستقبل.
 
حتى سلامة موسى الذي كثيراً ما تفاخر بالحضارة المصرية القديمة - وله الحق في الفخر بها- لم يكن بهدف العودة اليها وإحياء النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي لقدماء المصريين، ولكن بهدف تعريف الأمة المصرية الناهضة بتاريخها وهو تاريخ مشترك يجمع كل المصريين فهو لا يخص المسلمين ولا المسحيين ولا اليهود والبهائيين ولا اللادينيين ولا النوبيين ولا البدو ولا الصعايدة ولا الفلاحين ولا السواحلية ولا الرجال ولا النساء، تاريخ يجمع كل المصريين، فحتى من كانوا يفتخرون طول الوقت بحضارتنا المصرية القديمة كان بهدف توحيد المصريين على تاريخ مشترك وليس بهدف استعادة نُظم وملابس ومأكولات وتعليم وصحة رمسيس وأحمس ومينا وحتشبسوت ونفرتيتي وبطليموس وكليوبترا.
 
فلا يوجد أمة إلا ولها تاريخها المشترك ورموزها وأعيادها التي تجمع كل أبناءها لتمثل وحدة الأمة.
 
نحن لا نريد إحياء ماضي حتى لو كان ماضي عظيم، نحن نريد مستقبل زاهر للأمة المصرية في ظل دولة ديمقراطية حديثة يتمتع أهلها بالرفاه والعيش الكريم.