كتب – روماني صبري 
 
أصاب الشاعر إبراهيم المازني، نجاحا كبيرا خلال حياته في مجال الصحافة وكتابة الشعر والترجمة، حيث كان حرص على بناء ثقافة أدبية واسعة لنفسه، فراح يطلع على العديد من الكتب الخاصة بالأدب العربي القديم، كذلك اطلع على الأدب الإنجليزي، وقرا كتب الفلسفة والاجتماع، ترجم ببراعة شديدة الكثير من الشعر والنثر إلى اللغة العربية، ما جعل العقاد يقول عنه :" إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديبا واحدا يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعرا ونثرا".
 
كاتب مجدد وشامل 
كان المازني يكثر في كتاباته الشعرية والنثرية، من الأسى والتحسر والحزن والحرمان، حينا، ويتعرض بعض الوقت للفكاهة والسخرية اللاذعة التي يسلي فيها عن فيها مما اكسبه تفردا في أسلوبه الكتابي وفلسفة مميزة في التعامل مع الحياة، دونها ونقلها في كتاباته وقصصه ومقالاته حتى انه يضفي حسه العاطفي المرهف على ترجماته التي أبدع فيها وبرع.

 
أحد كبار الكتاب المصريين 
اسمه بالكامل إبراهيم عبد القادر المازني، من مواليد 10 أغسطس  عام 1889، في القاهرة الخديوية، كان صحفي وكاتب روائي من شعراء العصر الحديث، اعتلى قائمة كبار الكتاب في عصره، واشتهر بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من أن يوجد لنفسه مكاناً بجوارهم، على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان.
 
أصوله من قرية "كوم مازن" التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، بعدما تخرج من المدرسة الثانوية شرع يدرس الطب، وذات يوما عندما دخل صالة التشريح أصابه الخوف فأغمى عليه بسبب ، فغادر المدرسة وارتاد مدرسة الحقوق ولكن مصروفاتها زيدت في ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدل عن مدرسة الحقوق إلى مدرسة المعلمين.
 
عندما تخرج عام 1909 عمل مدرسا، ومرت الأيام فوجد نفسه قد ضاق ذرعا بقيود الوظيفة، إلى جانب الوشايات التي طالته، فقرر اعتزل التدريس وعمل بالصحافة حتى يكتب بحرية، كما عمل في البداية بجريدة الأخبار مع أمين الرافعي، ثم محررا بجريدة السياسة الأسبوعية، كما عمل بجريدة البلاغ مع عبد القادر حمزة وغيرها في الكثير من الصحف الأخرى، انتشرت كتاباته ومقالاته في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية، وعرف عن المازني براعته في اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية فقام بترجمة العديد من الأشعار إلى اللغة العربية، وتم انتخابه عضوا في كل من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي في مصر.
 
بات المازني مع كل من عبد الرحمن شكري، وعباس محمود العقاد، احد رواد مدرسة الديون، يظهر في كتاباته محاولاته الكثيرة  لتطوير الشعر وتحريره من الأوزان والقوافي ودعا كغيره من مؤسسي مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، هذا على الرغم من أننا نجد أنه غلب على شعرهم وحدة القافية، اتجه المازني للنثر وأدخل في أشعاره وكتاباته بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي، وتميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة، فأخذت كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيش فيه من أشخاص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصري في هذه الفترة، فعرض كل هذا بسلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيدا عن التكلفات الشعرية والأدبية، صام عن كتابة الشعر بعد طرح ديوانه الثاني عام 1917م، ليكتب المقالات الإخبارية والقصص.
 
أشهر أعماله الشعرية والنثرية والمؤلفات : 
إبراهيم الكاتب، وإبراهيم الثاني – رواياتان، أحاديث المازني- مجموعة مقالات، حصاد الهشيم، خيوط العنكبوت، ديوان المازني، رحلة الحجاز، صندوق الدنيا، عود على بدء، قبض الريح، الكتاب الأبيض، قصة حياة، من النافذة، الجديد في الأدب العربي بالاشتراك مع طه حسين وآخرين، حديث الإذاعة بالاشتراك مع عباس محمود العقاد وآخرين، وأصاب كتاب الديوان في الأدب والنقد الذي كتبه مع العقاد  عام 1921 نجاحا كبيرا، ثلاثة رجال وامرأة، قصة حياة، قبض الريح.
 
الرحيل 
ودع الشاعر إبراهيم المازني الحياة عام 1949 بمحافظة القاهرة، تاركا خلفه إرثا عظيما من الكتب الشعرية والمقالات والروايات.
 
أشهر أقواله : 
لولا أن الحياة عادة ككل شيء في الدنيا، وأن المرء يألف أن يعيش وأن يتنفس الهواء لما استثقل أن يموت وأن ينقطع عن الدنيا، فالعادة والخيال الذي ينمو مع العمر، والإحساس بالنفس، هذا هو الذي يجعل الموت صعبا وتجعل لمفارقة الحياة ألما.