كتب – نعيم يوسف
يعتبر الرئيس الجزائري الراحل، هواري بومدين، من أهم وأبرز القادة العرب في القرن العشرين، وكان له دورا مهما في حرب أكتوبر التي خاضتها مصر وسوريا ضد إسرائيل، كما أنه كان محبًا كبيرًا لمصر التي تعلم في أزهرها، وتعلم حمل السلاح بين صفوف جيشها.
 
من الجزائر إلى مصر
من عائلة بسيطة، وأب فلاح، ولد محمد إبراهيم بوخروبة –وهو الاسم الأصلي لهواري بومدين- في 23 أغسطس عام 1932، ورغم بساطة عائلته إلا أن والده علمه، وعندما تم استدعائه للحاق بالجيش الفرنسي –حيث كانت فرنسا تعتبر الجزائريين مواطنين فرنسيين، وتجندهم بين صفوف جيشها- رفض "محمد"، وهرب إلى تونس، ومن تونس إلى مصر حيث أكمل دراسته في الأزهر.
 
منذ دراسته اهتم "محمد" بالسياسة، وانخرط في حزب الشعب الجزائري، كما انضم إلى جيش التحرير الوطني في الجزائر بعد اندلاع الثورة الجزائرية، وحينها جاء أيضا إلى مصر حيث تدرب على العسكرية وحمل السلاح، وبعدها تدرج في المناصب في الجزائر، حتى أصبح وزيرا للدفاع في حكومة الاستقلال عام 1962، ونائب رئيس المجلس الثوري عام 1963، دون أن يتخلى عن منصب وزير الدفاع.
 
في عام 1965، كانت الخلافات بين الرئيس الجزائري أحمد بن بلة، وجماعة "وجدة" التي ينتمي لها "هواري بومدين" قد وصلت إلى طريق مسدود، وقرر "بومدين" ورفاقه في الجيش الإطاحة بـ"بن بلة"، وهذا ما تم بالفعل، كما تم اعتقال الرئيس الجزائري السابق، وسميت هذه الحركة بـ"ثورة التصحيح"، ثم تولى "بومدين" مجلس الوزراء، وبعدها حكم البلاد.
 
سار "بومدين" إلى حد كبير على خطى الرئيس المصري جمال عبدالناصر، فقد وصل إلى الحكم بنفس الطريقة، كما فعل مثله، ووزع الأراضي الزراعية على الفلاحين، وكما أمم "عبدالناصر" قناة السويس، أمم "بومدين" إنتاج النفط في البلاد، كما أنشأ مئات المصانع الخاصة بالصناعات الثقيلة.
 
قصة حبه
على الجانب الشخصي، كان "بومدين" مركزا على السياسة والحكم، حتى طرق الحب باب قلبه من خلال شاشة التلفاز، فأثناء مشاهدته لحفل تخرج الطلبة القادمين من فرنسا ليعملوا في سلك القضاء، رأى شابة حسناء تدعى "أنيسة"، فأعجب بها، وعندما وقعت في مشكلة وذهبت إلى مقر الرئاسة لمحاولة حلها، تحدث معها بنفسه، والتقى بها أكثر من مرة، وبعدها صرح لها بحبه.
 
وتروي "أنيسة بومدين"، أن قصة الحب هذه أخفاها حتى عن جهاز المخابرات في بلاده، وأقرب المقربين له، حتى فوجئ الجميع بإعلان زواجه منها لتصبح السيدة الأولى للجزائر.
أبرز رجال السياسة
يعتبر من أبرز رجالات السياسة في الجزائر و الوطن العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، وأحد رموز حركة عدم الإنحياز. لعب دورا هاما على الساحة الأفريقية والعربية، وكان أول رئيس من العالم الثالث تحدث في الأمم المتحدة عن نظام دولي جديد، كما أنه كان له دورا كبيرا في حرب أكتوبر.
 
علاقاته بمصر
في حرب أكتوبر دفع اتصل "بومدين" بالسادات مع بدايتها، وقال له إنه يضع كل إمكانيات الجزائر تحت تصرف القيادة المصرية وطلب منه أن يخبره فوراً باحتياجات مصر من الرجال والسلاح فقال السادات للرئيس الجزائري إن الجيش المصري في حاجة إلى المزيد من الدبابات وأن السوفيات يرفضون تزويده بها وهو ما جعل بومدين يطير إلى الاتحاد السوفياتي و يبذل كل ما في وسعه بما في ذلك فتح حساب بنكي بالدولار لإقناع الروس بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصري والسوري، وقيل في روايات أخرى أنه أعطى الروس "شيك على بياض" ليكتبوا الرقم الذي يرغبون به، كما أنه دفع بالجنود الجزائريين إلى صفوف الجيش المصري لمساعدته في الحرب.
 
وفاة غامضة
استمر في المنصب حوالي سنتين فقط، ولم ينجب من زوجته، وتوفى في 27 ديسمبر عام 1978، وهناك روايات تتحدث على أنه مات مسمومًا