عرض/ سامية عياد
الكنيسة فى كل الأزمنة كانت بمثابة الأم التى تطبق قواعد المحبة من أجل احتواء الأزمات و الحفاظ على أبنائها ، وخلال هذا الزمن الطارىء من انتشار فيروس كورونا كان لابد من اتخاذ  إجراءات وقائية بشكل مؤقت حتى نعبر هذه الأزمة..
 
قداسة البابا تواضروس الثانى فى مقاله "أمومة الكنيسة" وضح لنا أن اللجوء لطريقة أخرى للتناول فى ظل ما نعيشه من انتشار عالمى للوباء لا يعد خروجا عن الإيمان إطلاقا ، كما يردده البعض مما يريد إثارة البلبلة ، ففى تاريخ الكنيسة ترى القديس بولس الرسول يصير ضعيفا ليربح نفوس الضعفاء ، لذا الكنيسة كأم تستخدم طريقة استثنائية فى هذا الزمن الطارىء لمناولة المرضى وهى طريقة طقسية مذكورة فى الخولاجى للقمص عبد المسيح المسعودى البراموسى بدلا من الطريقة المعتادة والتى نرجع إليها بمجرد عودة الأحوال الطبيعية وهذا تجميد أو تأجيل للطريقة المعتادة وليس إلغاء أو حذفا .
 
نحن نؤمن أن جسد ودم المسيح الأقدسان حقيقة لا مجازا وهما لا ينقلا أى عدوى لأنهما سر حياة وحاشا لمن يقول غير ذلك ، أما إجراءات تقديم السر فقد تغيرت أشكالها عبر الزمان وبقى الهدف هو إتاحة سر التناول كما هو ، وقد استقر فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية طريقتان لممارسة سر التناول الطريقة الأولى : الطريقة التقليدية والمعتادة والمعروفة فى كل كنائسنا ، حيث ممارسة صلوات وطقوس القداس الإلهى بأوانى المذبح المدشنة، الطريقة الثانية الطريقة البديلة التى تستخدم فى مناولة المرضى فى المنازل والمستشفيات وأيضا مناولة المساجين فى السجون ، وهذه الطريقة الاستثنائية تستخدمها الكنيسة عندما توجد أعداد كبيرة من المتناولين مع وجود كاهن واحد فقط ، ولهذه الطريقة نصوص فى الخولاجى المقدس وليست بدعا ولا خروجا ولا انتفاصا لقدسية السر ، الكنيسة لا تخدم الاقوياء فى إيمانهم ولكن أيضا ضعاف الإيمان والخطاة لأن المسيح لم يأت ليدعو أبرارا بل خطاة الى التوبة وقال أيضا "إنى أريد رحمة لا ذبيحة "، وقال "لا يحتاج الأصحاء الى طبيب بل المرضى" ولهذا كان لابد أن تستجيب الكنيسة الى صرخة الإنسان فى ظل هذه الظروف التى نعيشها حاليا.
 
هذا زمن توبة وليس زمن كلام ومقالات "وإن لم تتوبوا فجميعكم تهلكون" ، هذا زمن ندم واستعداد وليس زمن عناد وقسوة "قوموا وصلوا لئلا تدخلوا فى تجربة" ، هذا زمن دموع وليس زمن استعراض ومناقشات "يا رب نجنى" ، لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ، ماذا يستفيد كل من يكتب وينشر على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعى ويهاجم الكنيسة وآباءها وتدبيرها ويثير التعب والبلبلة بين الناس ، ويحذر قداسته هؤلاء قائلا : احترس ! الموت على الأبواب ، قد تؤخذ نفسك فى هذه الليلة ، أبديتك أهم من أى شىء .
 
لا داعى للمناقشات والمجادلات التى لا طائل منها سوى البلبلة وإتعاب النفوس ، فنحن فى زمن لا نحتاج فيه سوى الدموع ، دموع التوبة التى تتضرع  صارخة الى الله من أجل الرحمة والغفران ورفع المرض والوباء ...