فاروق عطيه
تحتفل كثبر من الدول خاصة الدول الشيوعية والاشتراكية في أول مايو من كل عام بعيد أو يوم العمال، ويعتبر عطلة رسمية بها. لذا كان علينا أن نسقط بقعة من الضوء علي تاريخ ومنشأ هذه الذكري.

   بدأت فكرة الاحتفال بعيد أو يوم العمال في أستراليا في 21 ابريل 1856م. ثم انتقل الحدث إلى الولايات المتحدة الأمريكية'> الولايات المتحدة الأمريكية. حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو عام 1886م بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات، وتكرر الطلب في ولاية كاليفورنيا.

أثمر نضال العمال في كنداعن  قانون الاتحاد التجاري الذي أعطى الصفة القانونية للعمال ووفر الحماية لنشاط الاتحاد عام 1872م،

وفي تورونتو الكندية حضر زعيم العمال الأميركي بيتر ماكغواير احتفالا بعيد العمال، فنقل الفكرة وتم أول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية'> الولايات المتحدة الأمريكية وتم الاحتفال به في 5 سبتمبر 1882م في مدينة نيويورك.

   كانت قضية هايماركت التي وقعت نتيجة للاضراب العام في شيكاغو عاصمة ولاية إلينوى الأميركية في يوم 1 مايو من عام 1886م والتي شارك فيها عموم العمال والحرفيين والتجار والمهاجرين يطالبون فيه بتحديد ساعات العمل تحت شعار "ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع" هي الشرارة. ففي أعقاب الحادث الذي فتحت فيه الشرطة النار على أربعة من المضربين وتم قتلهم في شركة ماكورميك للحصاد الزراعي، فتجمع حشد كبير من الناس في اليوم التالي في ساحة هايماركت. وظل الحدث سلمياً إلى أن تدخلت الشرطة لفض الاحتشاد، فألقى مجهول قنبلة وسط حشد للشرطة، وأدى انفجار القنبلة وتدخل شرطة مكافحة الشغب إلى وفاة ما لا يقل عن اثني عشر شخصاً بينهم سبعة من رجال الشرطة واعتُقِلَ على إثر ذلك العديد من قادة العمال. وتلا تلك الواقعة محاكمة مثيرة للجدل، حيث تمت محاكمة ثمانية من المدعى عليهم، وأدت المحاكمة في النهاية إلى إعدام أربعة أشخاص، والحكم على الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة. وبهذا صارت قضية هايماركت مصدرا لغضب الناس في أرجاء العالم. وقد ظهرت حقيقة الجهة التي رمت القنبلة عندما اعترف أحد عناصر الشرطة بأن من رمى القنبلة كان أحد عناصر الشرطة أنفسهمم. وفي السنوات التالية ظلت ذكرى (شهداء هايماركت) في الذاكرة ضمن العديد من الإجراءات والتظاهرات الخاصة بالأول من مايو.

   بعد هذه العجالة نسلط الضوء علي النضال العمالي المصري قبيل حركة الضباط 23 يوليو 1952م. فقد بدأت الطبقة العاملة أولى تحركاتها على وجه الخصوص قبل عام 1919م في الشركات المملوكة للأجانب وفي قطاع الخدمات مثل شركة الترام والكهرباء. وتركزت مطالب العمال في تلك الفترة على زيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل ومقاومة الفصل التعسفي والحق في الحصول على إجازة مدفوعة الأجر والحد من الجزاءات وتحسين المعاملة من قبل الملاحظين والاعتراف بنقاباتهم التي شكلوها للتفاوض نيابة عنهم. وخلال هذه الفترة كان العمال الأجانب في طليعة الحركة العمالية ونقلوا خبراتهم في التنظيم وخوض النضالات إلى صفوف العمال المصريين. كانت نقابة لفافي السجائر أحد النماذج البارزة لهذا الدور. وقد تدخلت السلطات السياسية والعسكرية لدى بعض الشركات لتسوية مطالب العمال، وعندما استجابت شركة الترام لبعض المطالب شجع ذلك قطاعات أخرى من الصناعات والمرافق والمصالح الحكومية، والمهم أن هذه التحركات اتفقت حول مطلب يوم عمل من ثمان ساعات، ومكافأة نهاية الخدمة، والإجازات المدفوعة. بعض المطالب تمت تسويتها والقليل منها تم تنفيذه فعليا، فاتسعت دائرة التحركات العمالية لتشمل قطاعات أخرى من بينها المخابز الأفرنجية والمقاهي. أما موظفوا الحكومة فقد كانت أوضاعهم أكثر استقرارًا كما تمتعوا بعلاوة غلاء خلال الحرب، أما الموظفين المؤقتين والظهورات وعمال اليومية والدائمين وهم خارج لائحة المستخدمين والمعاشات فقد شاركوا في الثورة وفي التحركات، لذا صدر قرار حكومي يقر لهم ببعض الحقوق، تضمن لها استقرار الأوضاع لمدة طويلة، بعدها أنشئت لجنة للتوفيق للفصل بين العمال وأصحاب الأعمال.

   اندلعت موجة من الإضرابات، في نهاية 1919م شملت شركات الكهرباء والمياه، والترام، وقد كشفت هذه الإضرابات، عن صلف الشركات الاحتكارية، وتواطؤ الحكومة معها، وعجز لجنة التوفيق، أما عمال الموانئ وهم ينتمون إلى قطاعات متباينة، فقد لجأوا إلى وسيلة نزع أجزاء الآلات لشل العمل وهو ما أدى إلى الاستجابة لمطالبهم. أما عمال السجائر فقد واجهوا عملية الميكنة المتزايدة، وحركة الإغلاق التي قام بها أصحاب الأعمال. وقد تأسست معامل سجائر ملك للعمال بدعم من بعض المتعاطفين معهم لكن عمرها كان قصيرًا،  كما حدثت تحركات في قطاعات صناعية وحرفية أخرى، كما قام موظفو البنوك بالإضراب مطالبين بزيادة 50% في الأجور، واهم ما يميز تحركهم هو الإضرابات التضامنية بين البنوك المختلفة.

   ويمكننا الزعم بأن عام 1919م قد جدد الحركة النقابية في اتجاهين، الأول: إحياء “نقابة الصنائع اليديوية” كنقابة عامة، والثاني إنشاء نقابة لكل حرفة أو صناعة أو مرفق أو منشأة، فتشكلت عشرات النقابات، شملت عمال وموظفين وحرفيين ومهنيين في الورش والمصانع والشركات، ومرافق ومصالح حكومية، كما تكونت نقابة للحكيمات. وقد ضمت النقابات عضويات عاملة، وعضويات شرفية من المثقفين المتعاطفين والمحامين والمستشارين، ولم تخرج لوائحها عن لائحة “الصنائع اليدوية”. كان عدد النقابات الموجودة في نهاية عام 1919م 21 نقابة. وفي 1921م كان عدد النقابات 38 نقابة في القاهرة، 33 في الإسكندرية، و 18 في مدن قناة السويس، وكانت أقوى النقابات هي التي شُكلت في المرافق مثل شركة الترام والغاز والكهرباء والماء.

    في 8 مايو 1938م أعلن العمّال إضرابا عاما للمطالبة بإصدار تشريع عام للعمل وتحركت العديد من النقابات في مظاهرات حاشدة تعلن مطالبها والتي شملت: الاعتراف بالنقابات العمالية، إعادة النظر في قانون إصابات العمل، تحديد ساعات العمل بثماني ساعات، حل مشكلة البطالة، ومراقبة المحال لتنفيذ تعليمات وقرارات مصلحة العمل.عقب هذا الإضراب قرر بعض القيادات العمالية من ثماني نقابات إعلان إضرابهم عن الطعام حتى يتم الاستجابة لمطالبهم التي تلخصت في الاعتراف بالنقابات واستصدار تشريعاتها، فبدأت حركة جماهيرية واسعة لتأييد القادة المضربين عن الطعام في مطالبهم وتحت تأثير تلك الحركة الإضرابية الجماهيرية أحيل مشروع النقابات لمجلس النواب في عام 1939م لكنه ظل حبيس الأدراج حتى عام 1942م.

   بنهاية الحرب العالمية الثانية حلت صناعة النسيج محل قطاعي النقل والمرافق كمركز ثقل الحركة العمالية المصرية. وقد ظل عمال النقل عنصرا مهما للغاية في الحركة فقد شهدت نهاية عام 1941م إضرابا عاما تضامن فيه عمال الترام وعمال الأتوبيس. في عام 1942م صدر قانون النقابات رقم 85 الذي وضع العقبات أمام ممارسة النشاط النقابي وأعطى الحكومة سلطة مطلقة في حل النقابات إداريا وحظر تشكيل اتحاد عام للنقابات. ورغم ذلك أصبح عدد النقابات المسجلة في 1943م  182 نقابة، ارتفعت في عام 1944م إلى 210 نقابة، ضمت 103.876 عضوا. وكانت نقابة عمال النسيج الميكانيكي بشبرا الخيمة قد توسعت في مجال عضويتها ليشمل عمال النسيج الميكانيكي في مناطق عديدة خارج القاهرة، ووصلت عضويتها عام 1945م إلى 15 ألف عضو. شاركت النقابة في سلسلة من الإضرابات دفاعا عن العمال المفصولين نتيجة ميكنة صناعة النسيج والعمال القدامى للتخلص من أجورهم العالية. تمكنت النقابة من الحصول على قدر من المكاسب مثل الأجازات المرضية المدفوعة الأجر ومكافأت نهاية الخدمة، وتعويضات الفصل التعسفي وعدم الفصل إلا بموفقة لجنة ثلاثية ودفع أجر أيام الإضراب. قامت الحكومة في 28 ابريل 1945م بحل النقابة اداريا وقام البوليس باقتحام مقرها والاستيلاء على وثائقها وجمّعوه بالجمع الأحمر وتعيين حراسة مشددة عليه، فعقدت لجنة المندوبين العامة اجتماعا في شيرا البلد وأقرت إضراب عمال النسيج لمدة ثلاثة أيام احتجاجا على حل النقابة.

   في يونيو 1946م تفجر الصراع في شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة الكبرى. كان عدد العاملين حوالي 26 ألف عامل يعانون من ظروف العمل السيئة وتدني الأجور. وكانت الشركة قد أقامت نقابة مزيفة من عملاء الإدارة. فتحرك العمال حول مطالبهم من خلف ظهر النقابة المزيفة، وأعلن العمال إضرابهم يوم 11 يوليو 1946م واحتلوا بعض أقسام المصنع. مطالبين بعزل النقابة العميلة وإلغاء لائحة الجزاءات القاسية وكذلك إلغاء الفصل التعسفي. ردت الإدارة على هذا التحرك باستدعاء قوات البوليس والجيش ورفضت التفاوض مع العمال حول تحسين الأجور ومنع تشغيل النساء والأحداث إلى ساعات متأخرة في الليل، ومطالبهم الأخرى الخاصة بالعلاج وتوفير وسائل الإسعاف والإجازات الأسبوعية، تمكنت القوات من محاصرة المحلة الكبرى كلها وإخراج العمال المضربين من المصنع بعد معركة ضارية وألقت القبض على عدد كبير منهم وإحالتهم للمحاكم. استمرت الإضرابات العمالية بعد ذلك نتيجة لعدم تلبية مطالبهم فأعلن نحو 1000 عامل الإضراب في 16 سبتمبر واحتلوا المصنع وقامت قوات الجيش بطردهم وفصل خمسين موظف إداري بتهمة التحريض على الإضراب. في 3 أكتوبر وافقت مصلحة العمل على انتخاب نقابة جديدة لعمال نسيج المحلة.

   وتلا إضراب المحلة عدد كبير من الإضرابات في مواقع أخرى مثل إضراب شركة الغزل الأهلية والشركة المصرية لصناعة المنسوجات في الإسكندرية لمدة سبعة عشر يوما وطالب العمال المضربون بتطبيق يوم العمل من ثمان ساعات. ثم قام عمال النسيج في امبابة والعباسية وشبرا الخيمة بإضراب قصير تضامنا مع عمال شركة مصر والغزل الأهلية، وبعد ذلك شكل عمال النسيج اتحادا عاما لعمّال النسيج في أواخر سبتمبر. كانت الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) هي صاحبة أكبر نفوذ داخل الحركة العمالية في الفترة بين 1947 و 1954م. وقد تشكلت من اندماج منظمتين هما “إيسكرا” و “الحركة المصرية للتحرر الوطني”، إلى أن اتحدت جميع المنظمات الشيوعية وأسست الحزب الشيوعي المصري الموحد.

  بعد نجاح حركة ضباط 23 يوليو 1952م واستيلاؤهم على الحكم، وبعد طرد الملك بأسبوعين قامت إدارة مصنع كفر الدوار بنقل مجموعة من العمال من مصانع كفر الدوار إلي كوم حمادة تنكيلاً بهم ودون وجه حق. ومع تدني أجور العمال وتدهور أوضاعهم وبؤس معيشتهم، ومع تطلعهم لمستقبل أفضل نتيجة لما أشاعه العهد الجديد من آمال من خلال آلته الإعلامية عن ضباط الحركة المباركة الذين استولوا علي الحكم، ليس طلبا للسلطة ولكن للقضاء علي الفساد ونصرة العمال والفلاحين وإشاعة العدالة والقضاء علي الإقطاع ونفوذ رأس المال إلي غير ذلك من شعاراتهم الجوفاء. ظن العمال أن الجو العام أصبح مهيأ لتحقيق مطالبهم ونيل حقوقهم فأعلنوا الإضراب العام. توقفوا عن العمل وأوقفوا ماكينات المصنع وتصاعدت هتافاتهم عاليا بالتعبير عن مطالبهم والإعلان عن فرحتهم بالعهد الجديد وحركة الضباط المباركة التي ستنصفهم (كما تصوروا) مكررين هتافهم "يحيا القائد العام، يحيا اللواء محمد نجيب وتحيا حركة الضباط المباركة". فوجئ العمال بالشرطة تحاصر المصنع وتصطدم بهم وتطلق النيران عليهم فتقتل أحد العمال مما زاد التظاهرات اشتعالا. سمع العمال أن القائد العام سيمر بمدخل المدينة فخرجوا من المصنع تتصاعد هتافاتهم بحياته، وفي الطريق مروا علي كتيبة من كتائب الجيش فوقفوا يحيونها بالهتاف لقائدها واستكملوا سيرهم. وهناك بالقرب من مدخل المديبة فوجئوا بقوات الشرطة تنتظرهم مدججة بالسلاح لتدور معركة هائلة بينهم وبين العمال العزّل تنتهي يفض المظاهرة بالقوة التي نتج عنها جرح العشرات والقبض على المئات. شكل البكباشي جمال عبد الناصر وزير الداخلية في ذلك الوقت محكمة عسكرية برئاسة عبد المنعم أمين لمحاكمة ما يزيد عن ستين متهما ً منهم أطفال في سن العاشرة والحادية عشر وعلى رأسهم المتهمان مصطفي خميس "العامل" ومحمد البقري "الخفير" باعتبارهما المحرضين الرئبسيين.

    وفي المهزلة أقصد المحاكمة ظل المتهمان البائسان يجعران بأعلي صوتيهما "يا عالم ياهوه، يا خلق الله يا مؤمنين، شدوا لنا محامي ينقذنا من دي اللوصة، داحنا كنا فرحانين بالحركة المباركة وهتفنا للقائد محمد نجيب، هوده جزاتنا، جاي يا أولاد جاي". ولاستكمال الشكل المسرحي نظر القاضي إلي الحضور متسائلا: هل فيكم محام ؟ وكان الصحفي الكبير موسي صبري حاضرا (وهو حاصل علي ليسانس الحقوق ولكنه لم يمارس المحاماة وغير مدرج بنقابة المحامين) فاعتبروه محامياً وتقدم للدفاع عن المتهمين بكلمات لا تشفي ولا تثمن من جوع، قد تكون لأدانتهما أكثر من إفادتهما. وهكذا سارت المحاكمة سمك لبن تمر هندي، مهزلة بلا دوابط قانونية. وفي النادي الرياضي تم إجبار العمال علي الجلوس في دائرة كبيرة تحت حراسة مشددة من جنود الجيش شاكي السلاح لتذاع فيهم الأحكام المرعبة من خلال مكبرات الصوت وسط ذهول الجميع. الحكم بإعدام كل من: العامل مصطفي خميس "18 سنة". والخفير محمد البقري "19.5 سنة" الذي يعول خمسة أبناء وأم معدمة كانت تبيع الفجل لتشاركه بملاليمها التي تربحها في إلإعالة. والحكم علي الباقين بالأشغال الشاقة بين المؤبدة والمؤقتة. وافق مجلس قيادة الثورة علي الحكم وصدق نجيب عليه رغم اقنناعه ببراءة الشابين بعد أن أقنعه عبد الناصر بضرورة ردع التمرد حتى لا يجرؤ أحد علي تكرار ما حدث.

   وسيق الشابان إلي حبل المشنقة 7/9/1952م وسجلت الصحف وقتها لحظاتهم الأخيرة، دون ذنب جنوه غير أنهما كانا ضحية للتجبر والظلم والفجور، لولا ذلك ما كنا سمعنا يهما وما كنا ترحمنا عليهما وذكرناهما بكلمة طيبة. أعدم الشابان البائسان وسط مظاهرة إعلامية هائلة طبّل فيها الجميع وزمروا للمجرم الجاني مؤيدين ومحبذين، وخرسوا ضعفا وجبنا أن ينبثوا ببنت شفة دفاعا عن المظلومين البائسبن رحمة الله عليهما ولعنة الله علي الظالمين ليوم الدين. أُعدما لمجرد زرع الخوف في تفوس الناس وإشاعة الرهبة في قلوبهم حتي لا يتجرأ كائن من كان مستقبلا علي المعارضة، وتحقق لهم ما أرادوا فكانت بداية زرع المنهج الديكتاتوري التعسفي القمعي الذي ابتدعه عبد الناصر وأعوانه لإلغاء شخصية الإنسان المصري وتحويله إلي قطيع خانع مسلوب الإرادة لا يعرف سوي التملق والتمجيد والتصفيق للزعيم الملهم والاستسلام للقهر والذل والهوان الذي استلهمه زعماء العرب الآخرين تقليدا.

   وللغرابة صارت النقابات العمالية بعدها أبواقا للإدارة والسلطة وضد منتخبيها. وفي عام 1964م أصبح أول مايو عيدا للعمال وعطلة رسمية يلقي فيه رئيس الجمهورية خطابا سياسيا أمام النقابيين وقيادات العمال، ويعلن فخامته عن المنحة التي يمن بها عليهم كما لو كان هو المانح الوهاب. ومازال الأول من مايو هو يوم الاحتفال بعيد العمال في مصرنا الحبيبة حتى الآن، رغم أن لنا أحداثا مماثلة لما حدث يالهايماركت الأمريكي بل أشد قسوة وإيلاما كان الأجدر بنا أن نتخذها عيدا لعمالنا حتي لا ننسي ما حدث في 12 أغسطس 1952م.

   نعم يحتفل معظم دول العالم خاصة الدول الشيوعية والاشتراكية بأول مايو كعيد للعمل والعمال، ولكن ألا تري معي صديقي القارئ أن ما حدث لعمال كفر الدوار وخاصة يوم إعدام خميس والبقري، أولي أن يُحتفل يه كعيد للعمال في مصر والدول العربية ويكون يوم 7 سبتمبر (يوم إعدام شهيدي الجبروت والظلم والتدليس) عيدا لعمالنا بدلا من يوم أول مايو؟ والجدير بالذكر أن ليس كل دول العالم تحتفبل بأول مايو كعيد لعمالها. فالولايات المتحدة رغم أن ما حدث في هايماركت كان الشرارة لبدء الاحتفال بعيد العمال إلا أن الولايات المتحدة تحتفل بعيد عمالها في أول يوم إثنبن من سبتمبر لكل عام. كما تحتفل به كندا في أول إثنين من سبتمبر أيضا.