كتب – روماني صبري 
في خطوة جديدة عكست كراهيته للمسيحيين في العالم، وسعيه لإعادة دولة الخلافة العثمانية، قرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحويل كاتدرائية آيا صوفيا رسميا إلى مسجد، لتتوالى ردود الفعل الغاضبة والتي سنورد أبرزها في السطور المقبلة.
 
محو لعلمانية أتاتورك 
كتب المهندس عزت بولس، رئيس تحرير جريدة الأقباط متحدون الاليكترونية، عبر حسابه الرسمي على موقع "فيسبوك" قائلا :" اردوغان محى علمانية كمال أتاتورك باستيكة....من يتحدى الفكر التقدمي يسقط....التحول من مدنية الدولة إلى دينية الدولة يعنى التخلف والرجوع إلى الخلف.....هنيئا لك يا بلد الاحتلال العثماني البغيض." 
 
وأضاف في تدوينة أخرى :" التبرير بأن العثمانيين اشتروا أيا صوفيا تبرير أيضا لليهود اللي اشتروا الأراضي الفلسطينية....مش كده ولا إيه؟." 
 
ماذا سيجني السلطان العثماني من القرار ؟ 
وعلق رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، على القرار عبر حسابه على "تويتر"، قائلا :" نبارك لك عداوة مسيحي العالم كله".
 
شهادة أستاذ تاريخ إسلامي  
وقال  د. أيمن فؤاد أستاذ التاريخ الإسلامي بالأزهر، انه سمح  قرار من المحكمة في تركيا بعودة متحف آيا صوفيا إلى مسجد مرة أخرى كما كان عند فتح القسطنطينية من قبل محمد الفاتح أو محمد الثاني." 
 
مضيفا عبر مداخلة هاتفية لبرنامج "الحكاية" تقديم الإعلامي عمرو أديب على فضائية "ام بي سي مصر"، في عام 1935 قرر مصطفى كمال أتاتورك تحويل المسجد إلى متحف، موضحا في الأصل كان المسجد كنيسة ترمز للإمبراطورية الرومانية الشرقية والإمبراطورية البيزنطية.
 
موضحا :" عندما سقطت القسطنطينية عام 1453 في قبضة محمد الفاتح كلف احد أتباعه باعتلاء الكنيسة والتكبير الله واكبر ليحولها إلى مسجد."   
 
القضاء التركي لم يهتم بالمسيحيين 
وأبدت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية أمس الجمعة أسفها الشديد لعدم اهتمام القضاء التركي إلى مخاوف ملايين المسيحيين في العالم وتحويله الكاتدرائية مسجدا.
 
تركيا تعود للخلف 
ورأت اليونان القرار التركي استفزاز للعالم المتحضر، وشددت على أن النزعة القومية التي ينتهجها أردوغان تعيد بلاده 6 قرون إلى الخلف." 
 
ليس بغريب عن عقلية عثمانية
وكتب حساب باسم أبو كاراس  قائلا :" عشرات الكنائس في تركيا وفي منطقة الشرق بشكل عام تم محي معالمها أو تحويلها إلى مساجد وجوامع .. هذا ليس بغريب عن عقلية عثمانية تحلم بإرجاع الإمبراطورية العثمانية القمعية إلى الحاضر.
 
غباء 
أما ماورو بافوني فكتب :" خطوة بالغة الغباء في التوقيت والمضمون اردوغان متعصب لقوميته التركية وليس لدين والتعصب دليل على غباء الإنسان." 
 
طب وبيوت الدعارة !
وكون تركيا تضج ببيوت الدعارة، كتبت جيهان باشا مازحة :" طيب ماشي هيحول بيوت الدعارة لبيوت دينية ؟!." 
 
مزيد من الدواعش 
وعلق حساب باسم طارق احمد قائلا :"  وماذا سيفيد تحويلها إلى مسجد غير إنتاج المزيد من الدواعش والعبيد للسلطان الزائف.

حيلة شرعية كي يبدو الأمر ليس غصبا
وقال الكاتب الصحفي والتنويري مؤمن سلام، انه في محاولة من عبيد العثمانيين القُدامى والجُدد لتبرير الفعل العنصري واللاحضاري للسلطان العثماني غازي أردوجان بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، إدعى هؤلاء أن الخليفة محمد الثاني الشهير بمحمد الفاتح قد اشترى الكاتدرائية قبل أن يحولها إلى مسجد، وتابع عبر حسابه على "فيسبوك" : 
 
وبالرغم أن هذه الرواية لا يوجد عليها أى دليل تاريخي ولم يذكرها أى مؤرخ مسلم فضلاً عن المؤرخين غير المسلمين، حتى في كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية لمحمد فريد بك خليفة مصطفى كامل في رئاسة الحزب الوطني والمعروف بتحيزه للدولة العثمانية والمؤيد لاستمرار تبعية مصر لهذه الخلافة، لم يذكر في كتابة أى شيء عن شراء الكاتدرائية بل على العكس فقد أشار ولكن دون تفصيل للمجازر التى قام بها جنود محمد الثاني على مدار ثلاث أيام في ص. 165 بقولة “هذا ثُم دخل السلطان المدينة فوجد الجنود مشتغلة بالسلب والنهب وغيره” فالمعتاد في هذا الزمان أن يُبيح الملك أو الإمبراطور المدينة المهزومة ثلاث أيام لجنوده يسرقون وينهبون ويقتلون ويغتصبون كمكافئة لهم على انتصارهم، ثم يدخل الإمبراطور المدينة فتتوقف هذه الجرائم، وهذا ما فعله الخليفة العثماني محمد الفاتح، حيث امتدت أيضاً يد التخريب والسرقة والقتل إلى الكاتدرائية ومن فيها من نساء وأطفال وشيوخ لجاوا إليها خوفاً من القتال، وكذلك الرهبان وعلى رأسهم البطرك الذي تختلف الروايات في تحديد مصيره ما بين القتل والاختفاء بشكل إعجازي. وبدخول الخليفة إلى المدينة توجه إلى الكاتدرائية وأعلن رغبته في تحويلها إلى مسجد فصعد أحد أتباعه من الشيوخ إلى منبر الكنيسة وأعلن الشهادتين مُعلناً تحولها إلى مسجد.
 
بالرغم من كل هذا دعونا نفترض أن محمد الثاني بالفعل دفع نقود مقابل امتلاك آيا صوفيا هل بهذا يكون قد اشتراها وامتلكها بشكل قانوني يجعله حر التصرف فيها؟
 
الأصل في البيع والشراء هو التراضي ورغبة كلا الطرفين في اتمام الصفقة، وهنا يجب أن نتسائل عن حقيقة رغبة بطريركية القسطنطينية في بيع كاتدرائيتها ومقر باباويتها إلى محمد الثاني، ولذلك يجب أن نتخيل المشهد، خليفة غازي منتصر قتل وذبح وسلب ونهب واغتصب، ثم يستدعي شخص ما لا ندري من هو، فالبابا قد اختفي ولم يكن قد نُصب بابا جديد بعد، فيُلقي له الخليفة بأموال حتى لو كانت كثيرة ويطلب منه أن يوقع على صك شراء الخليفة للكاتدرائية، فهل نقول هنا أن هذا الشخص قد وقع حراً مختاراً؟ بالطبع لا، فمنذ متى يشتري الطغاة ما يُريدون امتلاكه؟ هم يدفعون نقود في بعض الأحيان مقابل ما يستولون عليه كنوع من ادعاء الشرف والرحمة والعدل، ولكن البائع هنا ليس حُراً في القبول أو الرفض أو حتى في التفاوض على السعر المعروض، هو أمام خيارين إما التوقيع وأخذ النقود وتسليم ما يملك، أو الموت واستيلاء الطاغية على ممتلكاته أيضاً. وبغياب عنصر التراضي يصبح البيع والشراء باطل وبحكم المعدوم.
 
قد يقول قائل هنا وما الذي يُجبر الخليفة على دفع ثمن مقابل الكاتدرائية وهو يستطيع الإستيلاء عليها فهذا دليل عدل محمد الثاني، وهذا رده يكمن في الحيل الشرعية والتي يُعرفها الشاطبي: "التحيل بوجه سائغ مشروع في الظاهر أو غير سائغ على إسقاط حكم أو قلبه إلى حكم آخر، بحيث لا يسقط أو لا ينقلب إلا مع تلك الواسطة، فتفعل ليتوصل بها إلى ذلك الغرض المقصود، مع العلم بكونها لم تشرع له"، فدفع مال مقابل الكاتدرائية هو بهدف تحويل الحرام إلى حلال من خلال هذه الحيلة وادعاء الشراء وليس الغصب، فالفقهاء المحيطين بمحمد الثاني يعلمون أن الصلاة في الأرض المغصوبة باطلة، وفي حالة استولى الخليفة على الكاتدرائية غصباً وتحويلها إلى مسجد تُصبح الصلاة فيه باطلة ويكون على المُصلي إعادتها في مكان أخر غير مغصوب، وللخروج من هذا الإثم يدفع الخليفة النقود ليبدو الأمر وكأنه شراء، وبالتالي يُمكن الصلاة في المسجد، هي مجرد حيلة شرعية لكي يبدو الأمر شراء وليس غصب.
 
وقد تناسى هؤلاء ومن تبعهم من الجهلاء أن الغصب لا يزول بدفع النقود ولكن بالحرية في اتخاذ قرار البيع، وهو ما لا يمكن تصديق وجودها، في ظل السيوف المُشهرة والدماء السائلة والأموال المنهوبة والأعراض المهتوكة والشيوخ المقتولة والرهبان المذبوحة، وأخيراً، إذا كان المتحدث المجنون فيجب أن يكون المُستمع عاقل.