في مثل هذا اليوم 18 يونيو 1956م..
عيد الجلاء مناسبة تحتفل بها في مصر وهو تاريخ جلاء آخر جندى إنجليزي عن الأراضى المصرية في 18 يونيو 1956 نتيجة اتفاقية الجلاء بين مصر وإنجلترا.

قد كان صمود الشعب المصري سبباً في هذا العيد.

وقع مصطفى النحاس باشا معاهدة الصداقة و التحالف بين مصر و بريطانيا عام 1936 حيث حددت المعاهدة انسحاب القوات البريطانية من أراضي مصر كلها وتمركزها في منطقة قناة السويس وحدها وفي المقابل فرضت على مصر عدة التزامات إذا تعرضت تجاه بريطانيا إذا تعرض القنال للخطر.
قامت الحرب العالمية الثانية و أصبح روميل ثعلب الصحراء على أبواب مصر فتم تفعيل شروط المعاهدة التي فرضت على مصر أعباء باهظة أثناء الحرب وقد وعدت بريطانيا مصطفى النحاس بالجلاء الكامل عن مصر بعد الحرب مكافأة لها على الإلتزام بتعهداتها.

انتهت الحرب و تلكأت بريطانيا كالعادة في الإنسحاب من القناة وقامت حرب فلسطين فاضطر المصريون لتأجيل مطالبهم للإنجليز بالإنسحاب لحين نهاية الحرب.

انتهت الحرب بكارثة عسكرية للجيش المصري وزاد التوتر السياسي في مصر فاضطر الملك فاروق للدعوة لانتخابات برلمانية اكتسحها حزب الوفد وتولى مصطفى النحاس رئاسة الوزراء مرة أخرى وحاول التفاوض مع الانجليز في البداية لكنهم رفضوا الانسحاب من القناة.

أعلن مصطفى النحاس يوم 8 أكتوبر 1951 إلغاء معاهدة 1936 وقال "من أجل مصر وقعتها ومن أجل مصر ألغيها" وأعلن أن وجود القوات البريطانية في منطقة القناة أصبح غير شرعي و أن الحكومة المصرية لم تعد مسئؤولة عن حمايتهم وأعلن عن دعم الحكومة للفدائيين في منطقة القناة وبذلك اندلعت الحرب لتحرير منطقة القناة ضد الانجليز "انتهت بتوقيع معاهدة الجلاء عام 1954".

بدأ المسلحون من الضباط الأحرار والإخوان و حركة حديتو "الشيوعيين" والحزب الوطني و حزب مصر الفتاة شن حرب عصابات ضد الإنجليز في منطقة القناة مدعومين من الحكومة المصرية وكانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة خاصة في الفترة الأولى وكذلك فإن انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز أدى إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد و حينما أعلنت الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين في ترك عملهم مساهمة في الكفاح الوطني سجل 90000 عاملاً أسماءهم في الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 نوفمبر 1951.

كان رد الإنجليز عنيفا للغاية فقاموا بإعادة مدن القناة وفي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة البريجادير أكسهام ضابط الإتصال المصري وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراج الدين الذي أقر موقفها وطلب منها الصمود و عدم الإستسلام فقام الإنجليز بإقتحام مدينة الإسماعيلية وحاصرت الدبابات و المصفحات البريطانية مبنى المحافظة بسبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة ومدافع الميدان بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيدون على 800 في الثكنات و80 في المحافظة لايحملون غير البنادق واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة وقاوم الجنود المصريون حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين من القتال وسقط منهم خمسون شهيدًا وأصيب نحو ثمانين آخرين وتم أسر الآخرين وقد أدى القائد الإنجليزي التحية العسكرية لهم تقديرا لصمودهم.

و في اليوم التالي 26 يناير 1952 انتشرت أخبار الحادثة في القاهرة واستقبل المصريون تلك الأنباء بالغضب و السخط وخرج الطلاب الغاضبون من الجامعات للمظاهرات و انضم لهم رجال الشرطة الغاضبين مما حدث لزملائهم في الإسماعيلية وفي أثناء ذلك اندلع حريق القاهرة.
حريق القاهرة هو حريق كبير اندلع في 26 يناير 1952 في عدة منشأت في مدينة القاهرة عاصمة مصر في خلال ساعات قلائل التهمت النار نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادي في شوارع وميادين وسط المدينة.

قرر مصطفى النحاس مواجهة الموقف بإعلان الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد ووقف الدراسة في المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى وأعلن نفسه حاكمًا عسكريًا عامًا في نفس الليلة فأصدر قرارًا بمنع التجول في القاهرة والجيزة من السادسة مساءً حتى السادسة صباحًا وأصدر أمرًا عسكريًا بمنع التجمهر واعتبار كل تجمع مؤلف من خمسة أشخاص أو أكثر مهددًا للسلم والنظام العام يعاقب من يشترك فيه بالحبس .

قام الملك فاروق بإقالة رئيس الوزراء مصطفى النحاس بسبب ما اعتبره عجزا عن السيطرة على الأوضاع في البلاد فهدأت الحرب قليلا مع الإنجليز لكن إزداد التوتر و السخط السياسي في البلاد حتى قام الضباط الأحرار بثورة يوليو 1952 فاشتعلت الحرب مرة أخرى ضد الإنجليز وكانت هذه المرة بتخطيط من رجال المخابرات المصرية بقيادة زكريا محي الدين واضطر الإنجليز في النهاية لتوقيع معاهدة الجلاء من مصر عام 1954 وخرج آخر جندي انجليزي من مصر في 18 يونيو 1956 "عيد الجلاء".

الجلاء هي الكلمة التي يشار بها إلى خروج أخر جندي بريطاني من مصر في 18يونيو 1956 من القاعدة البريطانية بقناة السويس وذلك طبقاً لاتفاقية الجلاء الموقعة في 19 أكتوبر 1954. سجل خروج قوات الاحتلال البريطاني من مصر بعد استعمار استمر 73 عاما وتسعة أشهر وسبعة أيام، شهدت هذه الحقبة عدة ثورات ومقاومة من قبل الشعب المصري كثورة أحمد عرابي ضد غزو الاساطيل والجيوش البريطانية، وثورة 1919 الوطنية التي قادها سعد زغلول، وانتفاضة الشعب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وإضراب جميع الطوائف بمن فيهم ضباط الشرطة الذين اعتصموا بنواديهم في أكتوبر 1947 وأبريل 1948، والكفاح المسلح ضد القوات البريطانية في قناة السويس فور رفع الاحكام العرفية بعد انتهاء حرب فلسطين، واستمرار هذا الكفاح بعد قيام ثورة يوليو، 1952، إلى ان تحقق الجلاء يوم 18 يونيو 1956، بعد ألوف من الشهداء في طريق طويل من النضال والتضحيات. اقترن الجلاء بال يوبيل ذهبي للإعلان جمهورية مصر العربية بعد إلغاء النظام الملكي الذي أسسه محمد علي، منشئ مصر الحديثة، والذي انطلق بها إلى عالم العصر بعد أن اختاره شعبها بإرادته الحرة والياً عام 1805، فنهض بها في مجالات الزراعة والصناعة والثقافة وبناء الجيش المصري. لأول مرة منذ زمن طويل خضعت فيه مصر مئات السنين لحكم الأجانب، ان يحكم المصريين أننفسهم بأنفسهم، وأن يتولى أمره ابن من أبناء مصر، كما كان الحال في مصر القديمة، وهو اللواء محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر.

النص الأصلي "الرسمي" لاتفاقية الجلاء
قرار بإصدار الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، العقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع علية بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954

مجلس الوزراء بعد الإطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953، وعلى القانون الرقم 637 لسنة 1954 بالموافقة على الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق علية، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع علية بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954. وبناء على ما عرضه وزير الخارجية قرر :

مادة 1- يعمل اعتبار من 19 أكتوبر سنة 1954 بالاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق علية، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع علية بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954 والمرفق نصه لهذا القرار.

مادة 2- على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القرار.

رئيس مجلس الوزراء جمال عبد الناصر حسين بكباشي (أ. ح)

نص اتفاق 19 أكتوبر سنة 1954 إن حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا، إذ ترغبان في إقامة العلاقات المصرية ـ الإنجليزية على أساس جديد من التفاهم المتبادل والصداقة الوطيدة، قد اتفقتا على ما يأتي :

المادة 1
تجلو قوات صاحبة الجلالة جلاء تاماً عن الأراضي المصرية وفقاً للجدول المبين في الجزء (أ) من الملحق الرقم (1) خلال فترة عشرين شهراً من تاريخ التوقيع على الاتفاق الحالي.

المادة 2
تعلن حكومة المملكة المتحدة انقضاء معاهدة التحالف الموقع عليها في لندن في السادس والعشرين من شهر أغسطس سنة 1936، وكذلك المحضر المتفق علية، والمذكرات المتبادلة، والاتفاق الخاص بالإعفاءات والميزات التي تتمتع بها القوات البريطانية في مصر وجميع ما تفرع عنها من اتفاقات أخرى.

المادة 3
تبقى أجزاء من قاعدة قناة السويس الحالية. وهي المبينة في المرفق (أ) بالملحق الرقم (2) في حالة صالحة للاستعمال ومعدة للاستخدام فوراً وفق أحكام المادة الرابعة من الاتفاق الحالي. وتحقيقاً لهذا الغرض يتم تنظيمها وفق أحكام الملحق الرقم (2).

المادة 4
في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفاً في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية الموقع عليها في القاهرة في الثالث عشر من شهر إبريل سنة 1950، أو على تركيا، تقدم مصر للمملكة المتحدة من التسهيلات ما قد يكون لازماً لتهيئة القاعدة للحرب وإدارتها إدارة فعالة. وتتضمن هذه التسهيلات استخدام الموانئ المصرية في حدود ما تقتضيه الضرورة القصوى للأغراض سالفة الذكر.

المادة 5
في حالة عودة القوات البريطانية إلى منطقة قاعدة قناة السويس وفقاً لأحكام المادة (4)، تجلو هذه القوات فوراً بمجرد وقف القتال المشار إلية في تلك المادة.

المادة 6
في حالة حدوث تهديد بهجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفاً في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية، أو على تركيا يجري التشاور فوراً بين مصر والمملكة المتحدة.

المادة 7
تقدم حكومة جمهورية مصر تسهيلات مرور الطائرات وكذا تسهيلات النزول وخدمات الطيران المتعلقة برحلات الطائرات التابعة لسلاح الطيران الملكي التي يتم الإخطار عنها. وتعامل حكومة جمهورية مصر هذه الطائرات فيما يتعلق بالإذن بأية رحلة لها، معاملة لا تقل عن معاملتها لطائرات أية دولة أجنبية أخرى مع استثناء الدول الأطراف في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية. ويكون منح التسهيلات الخاصة بالنزول وخدمات الطيران المشار إليها آنفاً في المطارات المصرية في قاعدة قناة السويس.

المادة
تقر الحكومتان المتعاقدتان أن قناة السويس البحرية ـ التي هي جزء لا يتجزأ من مصر ـ طريق مائي له أهميته الدولية من النواحي الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، وتعربان عن تصميمهما على احترام الاتفاقية التي تكفل حرية الملاحة في القناة الموقع عليها في القسطنطينية في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1888.

المادة 9
(أ) لحكومة المملكة المتحدة أن تنقل أية مهمات بريطانية من القاعدة أو إليها حسب تقديرها.
(ب) لا يجوز أن تتجاوز المهمات القدر المتفق علية في الجزء.
(ج) من الملحق الرقم (2) إلا بموافقة حكومة جمهورية مصر.

المادة 10
لا يمس الاتفاق الحالي، ولا يجوز تفسيره على أنة يمس، بأية حال حقوق الطرفين والتزاماتهما بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة.

المادة 11
تعتبر ملاحق هذا الاتفاق ومرفقاته جزءاً لا يتجزأ منه.

المادة 12
(أ) يظل هذا الاتفاق نافذاً مدة سبع سنوات من تاريخ توقيعه.
(ب) تتشاور الحكومتان خلال الإثنى عشر شهراً الأخيرة من تلك المدة. لتقرير ما قد يلزم من تدابير عند انتهاء الاتفاق.
(ج) ينتهي العمل بهذا الاتفاق بعد سبع سنوات من تاريخ التوقيع عليه، وعلى حكومة المملكة المتحدة أن تنقل، أو تتصرف، فيما قد يتبقى لها وقتئذ من ممتلكات في القاعدة ما لم تتفق الحكومتان المتعاقدتان على مد هذا الاتفاق.

المادة 13
يعمل بالاتفاق الحالي على اعتبار أنه نافذ من تاريخ توقيعه وتتبادل وثائق التصديق عليه في القاهرة في أقرب وقت ممكن. وإقراراً بما تقدم وقع المفوضون المرخص لهم بذلك هذا الاتفاق ووضعوا أختامهم علية. تحرر في القاهرة في اليوم التاسع عشر من أكتوبر 1954 من صورتين باللغتين العربية والإنجليزية ويعتبر كلا النصين متساويين في الرسمية.

جمال عبد الناصر هـ. أ. نتنج

عبد الحكيم عامر ر. س. ستيفنسون

عبد اللطيف البغدادي ر. بنسون

صلاح سالم

محمود فوزي

التأثيرات الجانبية:
توقيع اتفاقية الجلاء واتمام مغادرة القوات البريطانية في منطقة القناة ومعسكراتها وقاعدتهم الحربية في بورسعيد يونيو 1956 أثر اقتصادى سلبى على الكثير من العائلات التي كانت تعيش في المدينة التي كان يعمل أفرادها طرفهم مما انعكس بالتإلى على الحالة الاقتصادية الشرائية في المدينة بشكل واضح محسوس ومن العجيب أن السخط على المعاهدة كان يسود بين معظم أفراد الجاليات الأجنبية الذين كانوا يعملون في المعسكرات والقواعد الإنجليزية قبل جلاء قواتهم من مصر في يونيو 1956 وفقدوا وظائفهم وأخذوا يبحثون عن عمل للاسترزاق منه لتغطية تكاليف حياتهم، ولكن مستوى العروض المحلية لهم والمنافسة الوطنية على الوظائف الخالية في المعسكرات لم يقابل تصورهم ولا بد من ذكر الموقف المشرف والطبيعى، إذ أن وحدات القوات المسلحة وتشكيلات الجيش التي قامت بالدخول إلى المعسكرات والقواعد التي سلمت للقوات المصرية تبعا لجدول معاهدة الجلاء كانوا يفضلون المصريين في جميع الوظائف دون أى تمييز وخاصة الوظائف التي تتميز بالتكتيكية، وكانت الأوامر واضحة المصريون أولا وتغطية الاحتياجات من المصادر الوطنية ورغم ذلك فقد راعت السلطات المصرية عدم قطع رزق الأجانب وعرضت على الكثير منهم وظائف مساعدة على مستوى مادى عادل، إلا أن معظم هؤلاء الأجانب رفضوا العروض وفضلوا عدم العمل تحت اشراف أو إدارة مصرية بسبب احساسهم بالتعالى على الكفاءات المصرية رغم أنهم كانوا ضيوفا في مصر..!!