كتبت – أماني موسى
قال الدكتور والفيلسوف د. مراد وهبة، لا أرغب على الإطلاق في النظر إلى أي مؤسسة دينية على أنها قائمة بذاتها وتفعل ما تريد، لا أتقبل هذه الفكرة، فالدين ليس حكرًا على المؤسسة الدينية، ففي الأصل من حق أي إنسان أن يكون متدينًا، وبعد التدين تنشأ المؤسسة الدينية. 
 
وأوضح أن الإيمان يبدأ أولاً برسالة معينة، أيًا كانت رسالة أرضية أو سماوية، لأن هذه الرسالة تعبر عن رؤية شاملة للحياة، يؤمن بها الإنسان بقلبه وبعد ذلك يعمل عقله في فهم ما آمن به في قلبه.
 
وفي هذه الحالة ينتقل الإنسان المؤمن بالرسالة إلى اعتقاده في الرسالة، وهنا أدخل لفظ الاعتقاد بعد الإيمان، الاعتقاد أو العقيدة عبارة عن بنود معينة وصل إليها العقل في فهمه لما آمن به، ويضع هذه البنود ويسميها في جملتها "المعتقد أو العقيدة"، وهي المرحلة الثانية أما المرحلة الأولى هي الإيمان، والمرحلة الثالثة هي التطبيق، تطبيق ما آمن به واعتقد به بعقله.
 
الإيمان يأتي أولاً ثم الاعتقاد
وأضاف في لقاءه ببرنامج "حديث العرب" مع الإعلامي سليمان الهتلان، عبر قناة سكاي نيوز عربية، في المرحلة الثالثة وهي التطبيق أمام الشخص طريقين إما أن يكتفي بأن ينفذ لصالحه الشخصي ما أعتقد فيه وآمن به، أو الاختيار الثاني وهو أن الشخص يريد أن يفرض ما أعتقده على المجتمع بأكمله، والإِشكالية هنا في الاختيار الثاني أنه يريد أن يلزم المجتمع بما أعتقده هو.
 
وأوضح، كل شخص حر فيما يعتقد، وحر في أن يعمل عقله فيما أعتقده وآمن به، لكن المشكلة والتناقض عندما يريد أن يلزم الآخرين بهذا المعتقد، بل وقد تمتد إلى أن يقتل من يقف ضده في فرض ما يعتقده على الآخرين، وهنا نكون قد وصلنا إلى مرحلة العنف وهي مرحلة خطيرة.
الإرهاب هو توليفة بين ما تعتقده وما تريد أن تلزم المجتمع به
وتابع، هذا العنف الديني هو ما نسميه الآن الإرهاب، فالإرهاب عبارة عن توليفة فيما تعتقده وما تريد أن تلزم به المجتمع وتهدده باستخدام القتل إذا رفض!
وإذا كنت تردي التخلص من الإرهاب علينا أن نأخذ المرحلة الأولى بالعكس، أي أن أفهمه بأن المجتمع غير ملزم بتنفيذ اعتقاده، ومن هنا يحدث الصدام.
 
المؤسسة الدينية كان لها دور في انتشار الإرهاب
مشددًا على أن المؤسسة الدينية تساعد على الإرهاب، فالمؤسسة الدينية هي عبارة عن تجمع يعتقد في معتقد معين ويريد أن يلزم به المجتمع، وفي هذه الحالة عندما تريد أن تلزم المجتمع بهذا المجتمع ستجد سند من الإرهاب، فالإرهاب يخلص المؤسسة من معارضيها، فتشعر هذه المؤسسة بالراحة والطمأنينة وتسعى لفرض معتقدها على المجتمع بل كل المجتمعات، سواء بالقتل أو الإرهاب، وفي هذه الحالة يصبح الإرهاب كوكبي لا يمكنك التخلص منه إلا بوجود مؤسسة كوكبية مضادة لمواجهة هذه الأفكار الإرهابية.
 
إذا احتضنت الدولة المؤسسة الدينية ستدخل في صراع
وتابع، إذا احتضنت الدولة المؤسسة الدينية ستدخل في صراع شاءت أو لم تشأ، لأن الدولة لها نظام سياسي، أصولي أو علماني، ولا أحبذ استخدام مصطلحات نظام ديني ونظام غير ديني،  فالدولة الأصولية تفرض معتقد معين بدون أي نقاش أو حوار وتلزمه بحرفية النص، وهذه الحرفية والإلزام يجعل من الدولة الأصولية إرهابية.
 
العلمانية لا تعني فصل الدين عن الدولة
وأوضح وهبة أن العلمانية لا تعني فصل الدين عن الدولة، وتعريف الدولة العلمانية يعني أن الدولة ليس من حقها أن تعتقد بمعتقد مطلق، لأن في هذه الحالة تصبح أصولية، والفرق بين الأصولية والعلمانية أن العلمانية لا علاقة لها بفصل الدين عن الدولة، فكل شخص حر أن يؤمن فيما يعتقده في إطاره الشخصي.
 
بالدولة الأصولية تكون المؤسسة الدينية هي بديل الدولة
فالعلمانية تعني التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس مطلق، وعند تناول أي مشكلة بالدولة ممنوع أن يتناولها في إطار معتقد ديني لأنها ستنزلق من حيث لا تدري للمعتقد الديني، وفي هذه الحالة تصبح المؤسسة الدينية هي بديل الدولة.