قال الدكتور سيريل جان نون السفير الألماني لدى مصر "إن الثقة في قدرات الاقتصاد المصري كانت دافعا لألمانيا لدعم قرار صندوق النقد الدولي بمنح مصر 5.2 مليار دولار من خلال برنامج (الاستعداد الإئتماني) الشهر الماضي، بغرض مساعدة الحكومة على الاحتفاظ بالمكتسبات الاقتصادية التي تحققت خلال الأربع سنوات الماضية، مع الاستمرار في ضمان الإنفاق الصحي والاجتماعي الملائم، وإعطاء دفعة إضافية للإصلاحات الهيكلية، مثل تعزيز التنافسية والشفافية بما يضع مصر على مسار التعافي المستمر.

 
جاء ذلك خلال حلقة نقاشية عبر الفيديو كونفرانس عقدتها الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة بالتعاون مع السفارة الألمانية في القاهرة، اليوم الأربعاء، حول "فرص الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية المصري".
 
وأوضح السفير الألماني أن نجاح مصر في تطبيق برنامجها الوطني للإصلاح المالي والنقدي والهيكلي يوفر مجالا للاقتصاد المصري لمواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد، مؤكدا أن استقرار منطقة الشرق الأوسط يعتمد بشكل كبير على الوضع الاقتصادي في مصر، منوها بأن هناك توجها إيجابيا لدى قطاع الأعمال الألماني لدخول السوق المصري باعتباره محورا رئيسيا للأسواق الإقليمية وأسواق دول القارة الأفريقية.
 
وأعلن عن عزم السفارة الألمانية على العمل مع جميع الأطراف لتعزيز التعاون في القطاع الصحي ونقل الخبرات الألمانية، مشيدا بنجاح القطاع الصحي في مصر والذي وصفه كأحد أفضل القطاعات في منطقة الشرق الأوسط، في إبقاء أعداد وفيات كورونا تحت السيطرة بالنظر لأعداد المصابين، لافتا إلى أن ذلك لم يكن ممكنا دون استخدام التكنولوجيا الحديثة ووجود مخزون استراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية والوقائية.
 
وأضاف أن الأسواق الناشئة تواجه الآن القوة الكاملة للمنافسة العالمية، وهناك مجال ضئيل للتراخي لدفع هذه الإصلاحات، وهو ما يعطي مصر فرصة حيث من المتوقع أن تكون هي الدولة الوحيدة التي تحقق نموا إيجابيا في المنطقة، الأمر الذي يتطلب تنوع الصناعة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
 
وبين السفير الألماني أن الإصلاحات الهيكلية التي تنفذها مصر ستفتح القطاع الصحي للاعبين من القطاع الخاص للاستفادة المثلى من القطاعات الخاصة للاستثمار وخلق فرص العمل.
 
ومن جهته، قال المهندس عماد غالي رئيس مجلس إدارة الغرفة الألمانية والعضو المنتدب لشركة (سيمنز - مصر) "إن جائحة فيروس كورونا المستجد تمثل إمتحانا حقيقيا لقطاع الصحة العالمي وللممارسات الطبية في دول العالم، مشيرا إلى أن الدول سعت للحد من انتشار الفيروس بأقل الخسائر الاقتصادية بالتوازي مع الحفاظ على حياة الملايين من البشر".
 
وأكد أن الطواقم الطبية في مصر من أطباء وممرضين وفنيين تبذل جهدا كبيرا، وأن القطاع الصحي ككل قدم تضحيات عظيمة، وهو ما ساهم في الانخفاض التدريجي لأعداد الإصابات والوفيات منذ منتصف الشهر الجاري، فضلا عن عدم تسجيل مدن مثل البحر الأحمر أي إصابات جديدة خلال 24 ساعة، وهو ما يعد دافعا قويا لعودة السياحة وتوافد السياح.
 
وبدوره، قال الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس لشئون الصحة والوقاية "إن قطاع الصحة المصري كان له على المدى الطويل تجربة جيدة ومثمرة مع الجانب الألماني من خلال التبادل التكنولوجي والجهزة الطبية، وكذلك في قطاع الدوائي".
 
وأضاف أنه على مدار الأشهر الماضية منذ بداية الجائحة ظهرت قدرات القطاع الصحي في مصر، وذلك خلال تحولات أساسية في مجالات بناء وتشغيل المرافق الطبية وتدريب العاملين في القطاع على أحدث الممارسات الوقائية وتحصيل وإدارة الموارد الطبية من معدات وأدوات.. منوها بأن وزارة الصحة المصرية بدأت خطتها الوطنية للتطوير الهيكلي من خلال استحداث نظم وتطبيقات وبنية تحتية وإدارة موارد بشرية، حتى قبل ظهور أزمة كورونا، وهو ما كان له أفضل أثر ووضع مصر على الخارطة العالمية في قطاع الصحة.
 
وأوضح تاج الدين أن تأهب واستجابة القطاع الصحي للجائحة سيستمر على مدار من 18 إلى 24 شهرا، فيما يعكف العالم على إعادة تشغيل الاقتصاد وإنهاء الإغلاقات وتعريف المجتمعات بأهمية تطبيق التدابير الاحترازية مع بدء ممارسة الحياة بشكل طبيعي مرة أخرى في ظل استمرار تهديد الجائحة.
 
وأشار إلى أنه مصر حددت ثلاثة محاور أساسية للعمل عليها في قطاع الصحة، وقد تنطبق أيضا على منطقة الشرق الأوسط، وهي وضع خارطة توزيع البنية التحتية الطبية على أساس جيوغرافي وإنساني من حيث الكثافة والطلب، وتحسين سبل الإدارة والممارسات، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في القطاع الطبي لتعزيز النمو.
 
ولفت إلى أن جائحة كورونا تشكل خطرا متوسط وطويل الآجل على شركات تصنيع الأدوية، حيث اضطر بعضا منهم حول العالم لوقف الانتاج بشكل جزئي أو كلي أو وقف التصدير لتوفير مخزونها للاستهلاك المحلي، ما يخلق مجالا للتفكير في أهمية الاستثمار في قطاع صناعة الدواء والصحة مستقبلا.
 
ومن جهتها، استعرضت جنيفر جولدنستيد رئيسة قطاع التجارة الخارجية وترويج الصادرات في رابطة صناعة التكنولوجيا الفائقة الألمانية فرص التصدير لشركات الأجهزة الطبية الألمانية في الأسواق الناشئة، وخاصة مصر، موضحة أن الشركات الألمانية صدرت ما قيمته 106 ملايين يورو من الأجهزة الطبية لمصر خلال عام 2019 بزيادة نحو 47% عن 72 مليون يورو في 2018، كما تم عقد الكثير من اللقاءات بين الصناع المصريين والألمان، فيما كان مقررا انعقاد مؤتمر "إيجي ميديكا" خلال أبريل الماضي في القاهرة إلا أن الوضع الصحي القائم دفع لتأجيل المؤتمر إلى أبريل 2021.