في كلمة إلى المشاركين في مراسم الذكرى 75 للقصف النووي لهيروشيما، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن روسيا تحافظ دائما على الحوار البناء مع الجميع للحد من التهديد النووي.

 
وقال لافروف في كلمته:
 
"يصادف هذا العام الذكرى الخامسة والسبعين لانتهاء أكبر حرب دموية في تاريخ البشرية. وبهذا الصدد فإننا نعود اليوم لا إلى نتائج الحرب المتمثلة في ضمان انتقال الشعوب إلى مبادئ الحياة السلمية، وتأسيس النظام الحديث للعلاقات الدولية فحسب، وإنما أيضا إلى ذكرى التضحية البشرية الهائلة للحيلولة دون تكرار مآسي ذلك الزمان.
 
لقد شنت الولايات المتحدة الأمريكية، 6 أغسطس عام 1945، ضربة نووية على مدينة هيروشيما، وبعد ثلاثة أيام على مدينة ناغازاكي. ولا زال صدى الموت المروع للمدنيين يتردد في قلوب الملايين من البشر حول العالم حتى يومنا هذا. وحتى مع الفهم الواضح لأصول ومسار الحرب العالمية الثانية، فمن الصعب أن نفهم تماما الدوافع وراء من خطط ونفذ هذا الفعل اللاإنساني.
 
كان الممثلون عن الحكومة السوفيتية من أوائل المراقبين الأجانب، ممن زاروا موقع المأساة، وجمعوا المواد التفصيلية التي قدّموها لقيادة البلاد. ونشرت هذه المعلومات وغيرها حول نتائج دراسة عواقب التفجيرات النووية في اليابان لاحقا، وعرضت على المجتمع الدولي الواسع. ونتمنى أن يحذو الآخرون حذونا، ويقدموا الحقائق التاريخية مع توخّي الشفافية فيما يتعلق بهذه الأحداث.
 
إن التحليل المحايد لما حدث في أغسطس عام 1945 يؤكد اتفاق العواصم العالمية الرائدة على إدراك أن الحرب العالمية الثانية كانت على وشك الانتهاء. وفي هذا السياق، وفي إطار اتفاقيات الحلفاء، فإن هجوم القوات السوفيتية في الشرق الأقصى لم يحرر الصين وكوريا فحسب، وإنما حرم اليابان أيضا من دوافعها لمواصلة العمليات العسكرية. وفي مثل هذه الظروف، لم يكن القصف النووي الأمريكي سوى استعراض للقوة، وكان اختبارا قتاليا للأسلحة النووية على المدنيين، فالولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولى والوحيدة التي استخدمت هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل.
 
وروسيا، كدولة تمتلك أسلحة نووية، تدرك مسؤوليتها عن الأمن الدولي والاستقرار العالمي والإقليمي. نحن نتفهم عواقب استخدام الأسلحة النووية. وتسير بلادنا على طريق حفظ السلام ونبذ المواجهة في الشؤون الدولية.
 
إننا نتابع اليوم بقلق بالغ تدهور نظام الحد من التسلّح الدولي، وإلغاء المعاهدات، وتجاهل مبادئ عدم الإضرار بأمن الدول، والازدياد المضطرد في الأخطار النووية. بل إن هناك تحوّلات مقلقة في المواقف العقائدية العسكرية-السياسية تجاه السماح بالاستخدام العملي للأسلحة النووية كوسيلة من وسائل الحرب.
 
من الضروري القضاء على مخاطر الاشتباكات العسكرية بين القوى النووية، وإمكانية اندلاع حرب نووية، لدينا قناعة راسخة بأنه لن ينتصر فيها أحد والكل خاسرون، ولا ينبغي إطلاق العنان لذلك مطلقا. وندعو جميع القوى النووية للتأكيد رسميا على التزامها بهذه الفرضية.
 
وسعيا منا لتخليص العالم من التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل، فإننا نعيد التأكيد على التزاماتنا بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وبهذا الصدد، ندعو لتمديد معاهدة ستارت. وفي سياق انهيار معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تعهّدت روسيا من جانب واحد بعدم نشر صواريخ أرضية متوسطة وقصيرة المدى في تلك المناطق من العالم، طالما لم تنتشر أسلحة أمريكية هناك.
 
إن روسيا تحافظ دائما على الحوار البناء مع جميع القوى السياسية والحركات الاجتماعية التي تدعو إلى الحد من التهديد النووي. وفي هذا السياق، فإن هناك حاجة ماسة إلى إجراء نقاش موضوعي حول المسائل التي يصعب دون حلها تهيئة الظروف المواتية لإحراز مزيد من التقدم على طريق نزع السلاح النووي. من بين تلك المسائل نشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي العالمي، وتطوير أسلحة هجومية استراتيجية عالية الدقة في معدات غير نووية، وتسليح الفضاء والفضاء الإلكتروني، ورفض الولايات المتحدة الأمريكية التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
 
يجب علينا العمل معا لضمان عدم تكرار رعب وحزن هيروشيما وناغازاكي أبدا. لقد أثارت المأساة ردود فعل أكثر حيوية في قلوب الروس، وتنعكس لدينا في الأدب والفن والموسيقى. يعرف كل تلميذ روسي قصة الفتاة "ساداكو"، التي كانت تطمح إلى طي ألف من طيور الكركي الورقية على أمل الشفاء من مرض الإشعاع.
 
لذلك فنحن مع أهل مدينتكم في السادس من أغسطس."
 
 
ساداكو ساساكي، فتاة يابانية كانت تبلغ من العمر عامين حينما أسقطت القنبلة على مدينتها هيروشيما في السادس من أغسطس عام 1945، وكان ذلك بالقرب من منزلها المجاور لجسر "ميساسا".
 
أصبحت "ساداكو" واحدة من أشهر "الهيباكوشا" (الهيباكوشا هم الناجون من القنبلة الذرية، ويعني المصطلح حرفيا الشخص المتضرر من القنبلة)، وخلدت ذكراها، بسبب قصة طيّها لطيور الكركي الورقية الألف، على أمل الشفاء، قبل موتها عام 1955. ولا زالت تعتبر حتى اليوم رمزا لضحايا الحرب النووية من الأطفال الأبرياء.