كتب – روماني صبري 

 
لا يزال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية السابع والسبعين بلبنان، يدير الأزمات التي يشهدها الوطن بحكمة وصبر، ومنها الانفجار المدمر الأخير يوم الثلاثاء الماضي  بمرفأ بيروت والذي أوقع 137 شهيدا عثر عليهم حتى الآن، إلى جانب الجرحى والذين بلغ عددهم 5000.
 
ماذا قدم للمشردين بعد انفجار بيروت ؟ 
وعلى اثر الحادث المؤلم اصدر الراعي بيانا جاء فيه :" إننا نقف متضامنين مع إخوتنا وأخواتنا أبناء بيروت واللبنانيين، وبخاصة المتضررين منهم والمجروحين والمتألمين والمشردين، ونعبر لهم عن قربنا ومحبتنا المتجسدة وأخوتنا الإنسانيّة، وكنيستنا بإكليروسها ومؤمنيها كانت دومًا رائدة في الحقل الانساني وفي طليعة المناضلين من أجل حقوق الإنسان في الحرية والكرامة.
وتجسيدا لهذا التضامن، نعلن أننا نفتح أبرشياتنا ومؤسساتنا وأديارنا، ونضع كل إمكانياتنا لمساعدة المتضررين من الإنفجار – الكارثة ولاستقبالهم والاهتمام بهم، لاسيما في حاجاتهم الضرورية الغذائية والطبية بالتعاون مع رابطة كاريتاس لبنان وسواها من المؤسسات العاملة في الخدمة الاجتماعية، وقد حددت الابرشيات والرهبانيات مراكز ومدارس وأديارا لاستقبال المتضررين
 
ونطلب من أبنائنا المقتدرين أصحاب الأيادي السخية أن يقفوا وقفة تضامنية مع الإخوة المتضررين بكل الوسائل المتاحة لكي ينهضوا من ضيقهم وشدتهم، وبمناسبة عيد تجلي الرب ولقرب عيد انتقال السيدة العذراء إلى السماء، نطلب من كهنة رعايانا وشعبنا تخصيص نهار السبت 8 آب يوم صوم وصلاة وتوبة على نية وطننا المجروح لبنان الرسالة، ونصلي لراحة أنفس الشهداء وعائلاتهم، ومن أجل شفاء الجرحى، ومن أجل الطاقم الطبي والمسعفين وعناصر الأجهزة الأمنية والعسكرية والدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني، طالبين من الرب بشفاعة العذراء مريم وجميع قديسينا أن يقوينا جميعًا، مسؤولين ومواطنين، على القيام بفعل توبة صادق نتخلى فيه عن مصالحنا الشخصية ونعمل بالتضحية الواجبة من أجل الخير العام وإعادة بناء لبنان وطن الحرية والأخوة ودولة القانون. وكلنا رجاء أننا قادرون على ذلك.
 
الأزمة السياسية .. الوقوف في صف الشعب 
وبسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد اللبناني وانتشار الفساد والثراء الفاحش للبعض مقابل فقر الملايين في البلاد، خرج الشعب في مظاهرات العام الماضي، أسفرت عن استقالة حكومة سعد الحريري، ليوجه الراعي بعدها انتقادات حادة للسلطة معلنا مساندته ودعمه للشعب.
 
وقال الراعي في سياق الأزمة :" أصلي في الوقت الذي يتخبط فيه لبنان في أزمات معيشية سياسية اقتصادية ومالية، من أجل شباب لبنان المتواجد على الطرقات والساحات، كي لا يفقدوا الأمل، على الرغم من ارتفاع وازدياد أعداد المهاجرين والراغبين في الهجرة، كما تظهر التقارير في الوسائل الإعلامية. 
 
أناشد اليوم شباب لبنان كي نتكاتف سويا لنحافظ على هذا الوطن، أرض الإيمان والثقافة والمحبة كما عهدناه، فقد مر أجدادنا بظروف أصعب بكثير من الظروف الحالية، ولكنهم تماسكوا وقاوموا وانتصروا بالصلاة وقد كان البطاركة أمامهم وقدموا شهيدين وعاشوا في الوادي المقدس وصمدوا أربعمائة سنة في وجه العثمانيين، لذا لا نريد نحن اليوم أن يستسلم شبابنا بسهولة وأن يتركوا هذا الوطن.
 
واختص الدولة قائلا :" لا يمكن الاستمرار في تجاهل صرخة الشعب اللبناني، بكباره وشبابه وأطفاله، وهو في ثورة عارمة من شمال لبنان إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وهي في يومها التاسع، مطالبا، ونحن معه، بحكومة جديدة بكل مكوناتها، جديرة بالثقة، تكون مصغرة مؤلفة من شخصيات ذوات اختصاص وانجازات، من خارج الأحزاب والتكتلات، لكي تتمكن من تنفيذ الورقة التي اقرّها مجلس الوزراء في اجتماعه في القصر الجمهوري الاثنين 21 تشرين الاول الجاري، وتلاها دولة الرئيس سعد الحريري.
ان الدستور اللبناني يؤكد في مقدمته ان "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية"(ج)، فلا يحق لأحد أو لأي فريق ان يفرض ارادته على الجميع، فلا احد اكبر من لبنان وشعبه. كما يؤكد الدستور ان "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية"(د). فلا يمكن عدم الاصغاء لمطلبه بالصورة الشاملة التي توحّده تحت راية الوطن. ولا يمكن اهمال ما يتحمّل المتظاهرون الثائرون من صعوبات وتضحيات. والمواطنون من معاناة يومية بسبب استمرار اقفال الطرقات. وليعلم المسؤولون في الدولة انهم مسؤولون عن الخسائر بملايين الدولارات في الخزينة العامة وعن الشلل العام، في كل يوم من تأخيرهم في تشكيل الحكومة الجديدة، وإعادة البلاد إلى حركتها الطبيعية.
 
ارفض هيمنة حزب الله على الحكومة 
وبسبب التمدد الإيراني في لبنان عبر "حزب الله" بقيادة حسن نصر الله، قال الراعي انه يوجد نوع من هيمنة من حزب الله على الحكومة وعلى السياسة اللبنانية بسبب الدخول في حروب وأحداث عربية ودولية، لبنان لا يريدها بالأساس، هذا خلق مشكلة أزمة سياسية كبيرة أزمة اقتصادية ومالية ومعيشية حادة للغاية يعيشها اللبنانيون، ولا يمكن البقاء في ذلك، لبنان في الأساس هو كما أراده البطريرك الحويك دولة مدنية تفصل بين الدين والدولة ثم أتى الميثاق ١٩٤٣ يقول نريد أن نعيش معا لبنانيين مسلمين ومسيحيين من دون أية عداوة للشرق أو للغرب اتفاق الطائف ١٩٨٩ ليكرس هذا الميثاق، لكن بعد ذلك صارت إنحرافات، نحن نقول اليوم من أجل خير كل اللبنانيين دون استثناء لا خلاص للبنان الا بإعلان نظام الحياد الفاعل والحياد الإجابي الملتزم
 
وشجب البطريرك الراعي اعتداءات مليشيا حزب الله على المتظاهرين في بيروت، قائلا: "لا يمكننا إلا أن نعبر بأسف شديد عما حصل في وسط بيروت من تعد على المتظاهرين بالشكل العنيف من ضرب وتكسير، وهذا لا علاقة له بالحضارة اللبنانية، نأسف لحصول هذا الأمر الخطير، على الا يتكرر من جديد وجوابنا يجب ان يخلو من العنف ولقد قلنا منذ البداية ان قوتنا وسلاحنا هي المسبحة، وأخلاقياتنا هي الأقوى، وعلينا قبول هذا الأمر كمؤمنين بالمسيح وبآلامه.
 
ابن قرية حملايا 
ولد الراعي في قرية حملايا في قضاء المتن محافظة جبل لبنان، في 25 فبراير عام 1940، والده هو يوسف الراعي ووالدته ثمينة، سلك في حياة الرهبنة المريمية المارونية، ثاني أكبر رهبنات لبنان بعد الرهبنة اللبنانية المارونية عام 1953، وأبرز نذوره المؤقتة وتابع دراسته في اللاهوت والفلسفة في كلية دير سيدة الجمهور التابعة للآباء اليسوعيين، حتى إبرازه النذور الدائمة في 31 يوليو 1962.
 
انتخب بطريركا في 15 مارس 2011 بعد ثلاث عشرة جولة اقتراع على مدى خمسة أيام قام بها مجلس المطارنة الموارنة منذ 11 مارس، خلفًا للبطريرك نصر الله صفير الذي كان قد أعلن استقالته في فبراير 2011 بسبب التقدم بالسن، حصل من البابا بندكت السادس عشر على لقب كاردينال في الكنيسة الجامعة، وهو رابع بطريرك ماروني يتم منحه اللقب التالي للقب بابا، في الكنيسة الكاثوليكية يعتبر البطريرك الراعي أول عربي وماروني في العصور الحديثة يشارك في الانتخابات البابوية، بعد أن شارك في المجمع المغلق لعام 2013.
الأوسمة والمؤلفات
حصل على وسام الاستحقاق الوطني من رتبة كومندور،  إيطاليا، عام 1994، كما حصل على وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور،  لبنان، عام  2007.
 
ومن مؤلفاته 
التنشئة المسيحية، الجزء الأول، 2005 منشورات جامعة سيدة اللويزة، سلسلة التنشئة المسيحية، الجزء الثاني، 2006 منشورات جامعة سيدة اللويزة، سلسلة التنشئة المسيحية، الجزء الثالث، 2007 منشورات جامعة سيدة اللويزة، سلسلة التنشئة المسيحية، الجزء الرابع، 2008منشورات جامعة سيدة اللويزة،سلسلة التنشئة المسيحية، الجزء الخامس2009، منشورات جامعة سيدة اللويزة،الزواج، تعليم واجتهاد قضائي،2007 منشورات جامعة الحكمة، الأصول العلمية لسير الدعوى أمام المحاكم الكنسية، دور الوكيل والمحامي،2010منشورات جامعة الحكمة