كتب - نعيم يوسف

دقائق قليلة احتاجتها كمية ضخمة من نترات الأمونيوم، حتى تحول العاصمة اللبنانية بيروت، التي كان يطلق عليها "باريس الشرق" إلى كومة رماد، ومدينة منكوبة، تنزف بدماء أكثر من 154 قتيلا، و5 آلاف مصابا، وتئن بأنين ما بين 250 إلى 300 ألف أسرة شردت من منازلها، ولم تعد تجد مأوى.
 
الانفجار وقع يوم الثلاثاء الماضي، وبالتحديد في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، والذي تم تخزين 2750 طنا من نترات الأمونيوم فيه بطريقة غير آمنة منذ حوالي ست أو سبع سنوات.
 
وسط هذه الكارثة التي يعيشها لبنان بمئات القتلى وآلاف المصابين، كانت هناك قصصا إنسانية ذات تأثير خاص، نعرض بعضها في السطور التالية، حيث أن عرضها جميعا يحتاج العشرات من الكتب والمؤلفات.
 
عروس بيروت
"سحر فارس"، أو "عروس بيروت"، تلك الشابة الجميلة، والتي تعمل ضمن فريق الإطفاء في العاصمة اللبنانية، والتي كانت تجهز لزفافها منذ أسابيع قليلة، إلا أنه تم تأجيل الزفاف، ولم تكن سحر ولا خطيبها يعلمان أنها ستقتل في الانفجار، ويعثرون على جثتها تحت الردم صباح الأربعاء.
ابتسامة الوداع لفريق الإطفاء
العروس الشابة لم تكن وحيدة في قدرها الحزين، بل كانت ضمن طاقم الإطفاء المكون من عشرة أفراد، توجهوا على متن آليتين إلى المرفأ للعمل على إطفاء حريق اندلع في أحد العنابر، ولكن القدر كان لهم بالمرصاد، وفور وصولهم إلى المكان، وقع الانفجار الهائل الذي خلف آلاف القتلى والمصابين، وأدى إلى اختفاء الفريق والآليتين.
بعبارات حزينة، وقلوب مكسورة، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورة جماعية التقطت للفريق قبل المهمة الأخيرة، حيث كانت الابتسامات تعلو وجوههم رغم صعوبة المهمة، وكأنهم ودعوا الحياة بهذه الابتسامة.
 
حالة نادرة للنجاة
أمين الزاهد، شاب لبناني له قصة أخرى من قصص انفجار بيروت، حيث قذفته الموجة التفجيرية الناجمة عن الحادث إلى البحر، وظل لساعات عائمات على وجه المياه فاقدا للوعي، حتى تمكنت فرق الإنقاذ من العثور عليه، هذا في الوقت الذي كان جميع محبيه يبحثون عنه، وتعتبر حالته من الحالات النادرة التي يعيش فيها الشخص في مثل هذه الظروف.
ملاك السماء وطير الجنة
واجتاحت صور الطفلة ألكسندرا نجار، ذات الـ 3 سنوات، مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بعد أن توفيت نتيجة انفجار المرفأ في بيروت، منذ أيام.
ووصف متابعون، الطفلة الصغيرة بأنها "ملاك السماء"، و"طير من طيور الجنة"، مؤكدين أن جسدها الصغير لم يتحمل  حماوة النيران، وعلى الرغم من مقاومته الكبيرة إلا أنه استسلم للموت، وقال زياد خوري: "يا ويلكن من الله يا مجرمين !!! لو فيكن ذرة مسؤولية أو ذرة إنسانية كنتوا بتستقيلوا كلكن يا بلا شرف !!!"
الموت يلاحق "جورج عقيقي"
جورج عقيقي، هو شاب لبناني، قتل في الانفجار، وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي قصته، حيث كان يرغب في الهجرة من لبنان، ولكن والدته من حبها فيه أصرت على بقائه بها، ليأتي حادث مرفأ بيروت ويقضي على المتبقي من حياته.
مصر ولبنان واختلاط الدماء
لم تكن مصر والمصريين بعيدا عن المصاب اللبناني الكبير، حيث ينتظر ثلاث أسر مصرية بفارغ الصبر، وصول جثامين أبنائهم، الذين راحوا نتيجة انفجار مرفأ بيروت يوم الثلاثاء الماضي، وهم كل من: رشدي الجمل وعلي إسماعيل وإبراهيم عبدالمحسن، وجميعهم من سمنود بالغربية.
تجربة صعبة للحصول على وظيفة الموت
وقال محمد السيد، عم الشاب الراحل عبدالمحسن، إنهم أخفوا الخبر عن والدته لأن صحتها لا تتحمل ذلك، لافتا إلى أنت الشاب سافر للبحث عن مصدر رزق لأسرته، منذ ثلاثة أعوام ونصف، وقبل الحادث بساعات تواصل معهم، وأخبرهم أنه يزور مصر قريبا لقضاء إجازة العيد.
 
وأشار في تقرير نشرته "سكاي نيوز عربية"، إلى أن الراحل خاض تجربة صعبة للحصول على فرصة عمل داخل المرفأ، وكان يعيش برفقة عدد من أصدقائه المصريين من بينهم رشدي الجمل.
 
عريس انتهت فرحته وفرحة أهله
ويقول  عبدالرحيم محمد، أحد أهالي القرية، إن حالة من الفزع تملكت أسرة رشدي، بعد انتشار الفيديوهات الخاصة بالانفجار، لافتا إلى أن عمليات البحث عنه استمرت لساعات، حتى عُثر عليه بين الأنقاض في منطقة قريبة من المرفأ، لافتا إلى أنه كان ينوي العودة إلى مصر قريبا لإتمام زواجه والاستقرار بعد سنوات طويلة من الغربة، مشيرا إلى أن والدته أيضا لا تعرف خبر وفاته.
هذا، وشهدت العاصمة اللبنانية بيروت، مساء الثلاثاء، انفجارا هائلا في مرفأ بيروت، منذ أيام، نتج عن حوالي 2750 طنا من المواد المتفجرة، ما أسفر عن أكثر من 150 قتيلا، ونحو 5 آلاف مصاب.
 
وتضامنت العديد من دول العالم مع لبنان، ومنها مصر التي أرسلت طائرتين محملتين بمساعدات طبية عاجلة، كما أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتقديم مساعدة عاجلة إلى لبنان، وزارها هو بنفسه ووعد بتقديم تعويضات للضحايا.